الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

تركيا تستعد لإرسال قوة عسكرية إلى غزة ضمن مبادرة دولية.. أنقرة تقترب من لعب الدور الأكبر في ما بعد الحرب

نتنياهو واردغان
-

كشفت تسريبات إعلامية تركية عن استعداد أنقرة لإرسال قوة عسكرية ضخمة إلى قطاع غزة في خطوة تشير إلى رغبة تركية واضحة في لعب دور محوري في مرحلة ما بعد الحرب في غزة وإعادة الإعمار، ضمن مبادرة دولية قيد التفاوض بين واشنطن وتل أبيب والأمم المتحدة.

خطة تركية متقدمة لإرسال جنود إلى غزة

بحسب موقع ميدل إيست آي البريطاني، فإن الحكومة التركية دخلت مراحل متقدمة من صياغة خطة تهدف إلى إرسال مئات الجنود إلى قطاع غزة للمشاركة في قوة حفظ سلام دولية تعمل على ضمان وقف إطلاق النار واستقرار الوضع الأمني في القطاع.

وتشير المصادر إلى أن قوة تركية قوامها لا يقل عن 2000 جندي تم اختيارهم من وحدات مختلفة في الجيش التركي، أغلبهم ممن شاركوا في عمليات حفظ السلام والمناطق المتوترة مثل الصومال والبوسنة.

ومن المتوقع أن تنضم هذه القوة إلى تحالف دولي أوسع بإشراف الأمم المتحدة، بهدف تأمين المناطق المدنية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى المساهمة في جهود إعادة إعمار غزة بعد الدمار الكبير الذي خلفته الحرب الإسرائيلية.

دور تركي شامل يشمل المهندسين والخبراء

أفادت المصادر بأن أنقرة لا تركز فقط على البعد العسكري، بل تسعى إلى إرسال فرق هندسية وخبراء لوجستيين ضمن البعثة المقترحة، لتولي مسؤوليات فنية مثل إعادة بناء البنية التحتية والمستشفيات والمدارس.

فلسطينيون برفح يصلون الجمعة الأولى من رمضان بجوار أطلال مسجد دمره هجوم  إسرائيلي - SWI swissinfo.ch

وحتى الآن، لم يُحدد ما إذا كانت الوحدات البحرية التركية ستشارك في القوة، لكن مسؤولين أتراك أكدوا أن العملية ستكون منسقة دوليًا وليست أحادية الجانب، وأن مشاركة أنقرة ستكون مشروطة بـ تفويض رسمي من مجلس الأمن الدولي.

وقال مسؤول تركي في تصريحات نقلها التقرير:

"هذه مبادرة دولية منسقة، وليست عملية تركية منفردة. وجودنا في غزة سيساهم في تحقيق الاستقرار ومنع أي تصعيد مستقبلي".

وأضاف مسؤول آخر:

"الوجود التركي سيعزز التوازن والمصداقية على الأرض".

أردوغان يشترط تفويضًا أمميًا ونتنياهو يعتبرها “خطًا أحمر”

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته هاكان فيدان أن مشاركة تركيا في أي قوة دولية داخل غزة لن تتم إلا بعد صدور تفويض رسمي من مجلس الأمن، لكن أردوغان ألمح إلى أن بلاده “مستعدة لإرسال قوات إذا لزم الأمر”.

في المقابل، تعترض إسرائيل بشدة على فكرة تمركز قوات تركية داخل القطاع، حيث نقلت القناة الإسرائيلية 12 عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قوله خلال لقائه نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس الشهر الماضي إن تمركز جنود أتراك في غزة “يشكل خطًا أحمر” بالنسبة لإسرائيل.

كما أبدى مسؤولون إسرائيليون مخاوفهم من أن تركيا تسعى لاستغلال الملف الفلسطيني لتعزيز نفوذها الإقليمي على حساب تل أبيب، وقال أحدهم:

"تركيا تريد أن تظهر كعامل استقرار، لكنها تسعى فعليًا لتقويض مكانة إسرائيل في المنطقة".

واشنطن توازن بين أنقرة وتل أبيب

ووفقًا للتقرير، فإن البيت الأبيض هو من سيحسم مصير الدور التركي في غزة، حيث تسعى إدارة بايدن إلى تشكيل قوة حفظ سلام متوازنة تضم أطرافًا إسلامية وغربية، لتفادي اتهامات الانحياز في إدارة مرحلة ما بعد الحرب.

ورغم العلاقات المتوترة بين أنقرة وتل أبيب، فإن تركيا تمتلك علاقات وثيقة بواشنطن، كما أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يُعرف بعلاقته الشخصية القوية بأردوغان، وهو ما قد يمنح أنقرة بعض الأفضلية في المفاوضات الجارية حول شكل القوة الدولية.

تحركات تركية ميدانية في غزة

وسط دمار هائل... سكان غزة يبدأون العودة إلى أطلال منازلهم (صور) | الشرق  الأوسط

خلال الأيام الماضية، كشفت مصادر أمنية عن زيادة ملحوظة في النشاط التركي داخل غزة، حيث تعمل أنقرة على التوسط للإفراج عن مدنيين فلسطينيين عالقين في أنفاق رفح، وتشارك في محادثات غير معلنة مع حركة حماس بشأن إعادة جثمان الجندي الإسرائيلي هدار غولدين المحتجز منذ عام 2014.

وتؤكد هذه التحركات أن تركيا تسعى لترسيخ حضورها السياسي والميداني في القطاع قبل أي ترتيبات دولية نهائية، لتصبح اللاعب الإسلامي الرئيسي في معادلة ما بعد حماس.

مواقف إقليمية متحفظة

وفي الوقت الذي تتحرك فيه أنقرة بقوة، أعلنت الإمارات العربية المتحدة على لسان مستشارها السياسي أنور قرقاش أنها لن تشارك في أي قوة عسكرية داخل غزة في الوقت الحالي نظرًا لـ"حساسية الوضع"، كما نفت أذربيجان نيتها إرسال جنود إلى القطاع في هذه المرحلة.

تركيا تطرق أبواب غزة كقوة إقليمية فاعلة

تبدو أنقرة عازمة على استثمار ملف غزة لتعزيز حضورها الإقليمي، بعد أن تراجع نفوذها في بعض الساحات العربية خلال السنوات الماضية.
ومع تصاعد الحديث عن ترتيبات “غزة ما بعد حماس”، تحاول تركيا تقديم نفسها كضامن للاستقرار وحامي للمدنيين، بينما ترى إسرائيل في هذا التحرك تهديدًا مباشرًا لتوازن القوى في المنطقة.

الأسابيع المقبلة ستحمل الإجابة عن سؤال محوري:
هل تنجح تركيا في دخول غزة عبر بوابة “حفظ السلام”.. أم ستبقى المواجهة الدبلوماسية مع تل أبيب وواشنطن قائمة؟