انحدار اخلاقي وسياسي
بن غفير يوزّع الحلوى احتفالاً بالموت.. مشهد بربري في الكنيست بعد إقرار قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين

في مشهدٍ يختزل العقلية الدموية والفكر العنصري الذي يهيمن على أروقة الحكم في إسرائيل، تحوّل الكنيست الإسرائيلي مساء الاثنين إلى ساحة احتفال بالموت، بعدما أقرّ في القراءة الأولى مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، بينما قام الوزير المتطرف إيتمار بن غفير بتوزيع الحلوى داخل القاعة ابتهاجًا بالتصويت، في سلوكٍ وصفه مراقبون بأنه “انحدار أخلاقي غير مسبوق في التاريخ البرلماني الإسرائيلي”.
تشريع عنصري واحتفال بالموت
فقد صادق الكنيست الإسرائيلي في جلسته العامة على مشروع القانون الذي تقدمت به النائبة اليمينية المتطرفة ليمور سون هار ميليش بأغلبية 30 صوتًا مؤيدًا مقابل 19 معارضًا، تمهيدًا لإحالته إلى اللجان المختصة لاستكمال مناقشته قبل القراءة الثانية والثالثة.
وينصّ القانون على إعدام كل من يُقتل إسرائيليًّا بدافع “العداء القومي أو العنصري”، على أن تُنفّذ العقوبة فقط في المحاكم العسكرية، وبمجرد أغلبية بسيطة من القضاة، دون الحاجة إلى إجماع، كما يُحظر تخفيف الحكم بعد صدوره.
لكنّ الصدمة لم تكن في مضمون القانون فقط، بل في المشهد المرافق له: بن غفير، وزير الأمن القومي وأحد أكثر الشخصيات تطرفًا في حكومة نتنياهو، وزّع الحلوى على النواب وأنصاره داخل الكنيست فور إعلان النتيجة، في خطوة اعتبرها الإسرائيليون قبل الفلسطينيين إهانة للقيم الإنسانية واحتقارًا صريحًا للحياة البشرية.
“فرح بالموت”.. سلوك بربري يكشف الوجه الحقيقي للاحتلال
المشهد الذي وثقته عدسات الصحافة الإسرائيلية بدا أشبه باحتفال طائفي في برلمان يُفترض أنه يمثل "دولة ديمقراطية".
لكن ما جرى أثبت العكس: فرح بالموت، واحتفاء بالقمع، وتشريع للقتل باسم القانون.
فما فعله بن غفير لم يكن مجرد تصرف فردي، بل رمزٌ للانحدار الأخلاقي والسياسي الذي تمرّ به إسرائيل، حيث يُكافأ التطرف ويُشرعن الانتقام.
ولعل توزيع الحلوى، في لحظةٍ يفترض أنها تتعلق بأرواح بشرية، يُظهر بوضوح العقلية الانتقامية التي تتعامل بها المؤسسة الإسرائيلية مع الشعب الفلسطيني — ليس كخصم سياسي، بل كعدو يُباح دمه.
قانون “الإعدام الجماعي”.. خطر يتجاوز السجون
يصف الحقوقيون مشروع القانون بأنه أخطر تشريع عنصري في تاريخ إسرائيل، لأنه يفتح الباب أمام إعدامات سياسية مغطاة قانونيًا، ويحوّل المحاكم العسكرية إلى أداة للقتل لا للعدالة.
ويحذر مراقبون من أن اعتماد “الأغلبية البسيطة” في إصدار أحكام الإعدام يعني أن حياة الأسير الفلسطيني ستكون رهينة لأهواء قضاة عسكريين، ينتمون لمؤسسة أمنية ترى في الفلسطينيين تهديدًا وجوديًا.
كما أن حظر تخفيف الأحكام بعد صدورها، يُلغي أي فرصة للمراجعة أو الإنصاف، ويجعل القانون سلاحًا انتقاميًا بيد الاحتلال ضد الأسرى والمقاومين، خصوصًا في ظل استمرار العمليات العسكرية في غزة والضفة.
بن غفير.. وزير الدم والكراهية
لم يكن بن غفير غريبًا عن هذا السلوك البربري، فهو الوزير الذي دعا مرارًا إلى قتل الأسرى بدل اعتقالهم، وصرّح أكثر من مرة بأنه “يجب تحويل السجون إلى مقابر للمخربين”.
لكن ما فعله في الكنيست هذه المرة — الاحتفال بتشريع الإعدام كأنه عيد قومي — تجاوز كل حدود الإنسانية، وأعاد إلى الأذهان مشاهد الأنظمة الفاشية التي كانت توزع الورود بعد تنفيذ أحكام الإعدام.
برلمان يشرّع الانتقام لا العدالة
لقد كشف المشهد الأخير في الكنيست أن إسرائيل لم تعد تخجل من التطرف، بل باتت تتباهى به داخل مؤسساتها الرسمية.
فحين يتحول البرلمان إلى منصة للثأر، والوزير إلى بائع حلوى يحتفل بالموت، لا يمكن الحديث عن “ديمقراطية” بل عن نظام فصل عنصري جديد يُقنّن القتل باسم القانون.
ويبقى السؤال: إلى أين يمضي الاحتلال بعد أن جعل من “الدم الفلسطيني” مادة للاحتفال السياسي؟

