إسرائل تطبق سياسة الانتقام
الكنيست الإسرائيلي يصادق مبدئيًا على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين.. خطوة تُشعل الغضب وتثير المخاوف من “إعدامات جماعية”

في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ عقود في سجل التشريعات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، صادق الكنيست الإسرائيلي، مساء الاثنين، في القراءة الأولى على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، وسط تأييد من الحكومة والمعارضة على حد سواء، ما أثار موجة استنكار واسعة داخل فلسطين وخارجها.
تصويت مثير للجدل وتعاون بين الائتلاف والمعارضة
بحسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، حصل مشروع القانون الذي تقدمت به عضو الكنيست ليمور سون هرملخ من حزب عوتسما يهوديت اليميني المتطرف على 36 صوتًا مؤيدًا مقابل 15 معارضًا، فيما جرى تمرير مشروع قانون موازٍ بنفس المضمون تقدم به عوديد فورر من حزب يسرائيل بيتينو المعارض، بأغلبية 37 صوتًا مقابل 14 معارضًا.
وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يتوحد فيها نواب من الائتلاف والمعارضة حول تشريع بهذه الحساسية، ما يؤشر إلى تحوّل سياسي خطير نحو شرعنة الإعدام الممنهج للأسرى الفلسطينيين.
ووفق التقارير الإسرائيلية، فقد أُدرج التصويت على القانون في نهاية جدول أعمال الجلسة لتسهيل تمريره، بعد أن غادر أعضاء حزب ييش عتيد القاعة لتجنّب التصويت المباشر عليه.
إحالة المشروع إلى لجنة الأمن القومي برئاسة بن غفير
أُحيل مشروعا القانونين إلى لجنة الأمن القومي في الكنيست برئاسة المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يُعد من أبرز الداعمين لتشريع الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين.
ويُتوقع أن تبدأ اللجنة خلال الأيام المقبلة بمناقشة بنود القانون تمهيدًا لعرضه على الكنيست للتصويت النهائي، بعد أن كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد أعلن رسميًا تأييده للمقترح، مؤكدًا أن “الظروف الأمنية والسياسية تغيّرت”.
كما كشف غال هيرش، منسق شؤون الأسرى والمفقودين في مكتب رئيس الوزراء، أن نتنياهو يدعم أيضًا اقتراحًا يمنح المنسق صلاحية تقديم “تقرير سري” للمحكمة قبل تنفيذ أي حكم بالإعدام، في إشارة إلى رغبة الحكومة في تسريع الإجراءات وتقليص فرص الطعن القانوني.
ضغوط بن غفير واليمين المتطرف

كان بن غفير قد هدد في وقت سابق بعدم التصويت على أي مشروع قانون حكومي آخر ما لم يتم إدراج قانون الإعدام على جدول أعمال الكنيست، مشيرًا إلى أن اتفاقه الائتلافي مع حزب الليكود يتضمن بندًا صريحًا يُلزم الحكومة بإقرار هذا القانون.
ويرى مراقبون أن المصادقة الأولية جاءت استجابة مباشرة لضغوط بن غفير، الذي يسعى منذ أشهر إلى تعزيز حضوره السياسي من خلال مواقف متطرفة تستهدف الفلسطينيين داخل السجون وخارجها.
تحذيرات فلسطينية ودولية من “إعدامات جماعية”
قوبل القرار الإسرائيلي بغضب شديد من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، التي وصفت الخطوة بأنها “مقدمة لإعدامات جماعية مقنّنة”.
وأكدت منظمات الأسرى أن “إسرائيل تمارس الإعدام فعليًا منذ سنوات بوسائل مختلفة، من بينها إطلاق النار المباشر خلال الاعتقالات، والإهمال الطبي المتعمد داخل السجون”، معتبرة أن القانون الجديد يمنح هذه الانتهاكات غطاءً قانونيًا رسميًا.
وأشارت تلك المؤسسات إلى أن أخطر ما في القانون أنه يسري بأثر رجعي، ما يعني أنه يمكن تطبيقه على مئات الأسرى الذين اعتقلوا منذ السابع من أكتوبر 2023، وهو ما وصفته بـ"الانتهاك الصارخ لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني".
ردود فلسطينية غاضبة
وصفت حركة حماس إقرار القانون في قراءته الأولى بأنه “تجسيد للوجه الفاشي للاحتلال الإسرائيلي”، محذّرة من أن “القرار سيؤدي إلى تفجير الأوضاع داخل السجون وخارجها”.
كما حذر المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى من أن تطبيق هذا القانون ستكون “تبعاته دموية وغير مسبوقة”، مشددًا على أن المجتمع الدولي أمام “اختبار حقيقي لمدى التزامه بالدفاع عن حقوق الإنسان”.
خطوة خطيرة تكرّس سياسة الانتقام

يرى محللون أن هذا القانون ليس إلا حلقة جديدة في سلسلة القوانين العنصرية التي تسعى إلى تجريم الوجود الفلسطيني وتجريد الأسرى من أبسط حقوقهم القانونية والإنسانية، مؤكدين أن تمريره النهائي سيكون بمثابة إعلان رسمي عن انتهاء مفهوم “العدالة الإسرائيلية” واستبداله بسياسة الانتقام الدموي.

