الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

أغبياء الذكاء الأصطناعي حرقو المتحف المصري

شائعة حريق المتحف المصري الكبير تثير الجدل على مواقع التواصل.. والوزارة ترد بحسم: “الصور مفبركة بالذكاء الاصطناعي”

حريق المتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي من جانب اغبياء
-

في مشهد بات يتكرر مع كل حدث وطني كبير، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين بشائعة جديدة ادّعت اندلاع حريق هائل في المتحف المصري الكبير، وهو الصرح الأثري الأضخم في مصر والعالم الذي يمثل واجهة حضارية للمجتمع المصري.
الصور التي تم تداولها أظهرت ما يبدو كألسنة لهب تشتعل داخل قاعات العرض، مصحوبة بتعليقات مثيرة للعاطفة من نوع «المتحف يحترق بعد أيام من افتتاحه!»، لتنتشر الشائعة كالنار في الهشيم وتثير الذعر بين المستخدمين.

لكن بعد ساعات قليلة، حسمت وزارة السياحة والآثار الموقف ببيان رسمي أكدت فيه أن الخبر كاذب والصور مزيفة بالكامل، موضحة أن المتحف استقبل زواره بشكل طبيعي في ذلك اليوم دون أي حادث يُذكر.

تفاصيل الشائعة وانتشارها على المنصات

حريق هائل بالمتحف المصري الكبير: شائعات إخوانيه 100% - جريدة البشاير

بدأت القصة مساء الجمعة 8 نوفمبر 2025 حين نشرت حسابات مجهولة على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) صورًا يظهر فيها دخان كثيف وألسنة نيران تزعم أنها داخل المتحف المصري الكبير.
ساعات قليلة كانت كافية لتتحول تلك الصور إلى مادة متداولة على فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، حاصدة أكثر من مليون مشاهدة خلال وقت وجيز، دون أن يتكلف معظم المستخدمين عناء التحقق من مصدرها.

ولم يقتصر الأمر على المستخدمين الأفراد، بل شارك بعض صناع المحتوى الصفحات والمنشورات ذات الطابع المأساوي لجذب المتابعين، في واحدة من أكثر عمليات التضليل الرقمي التي تستغل حساسية المشاعر الوطنية واهتمام الجمهور بالمشروعات القومية.

الرد الرسمي من وزارة السياحة والآثار

في بيان عاجل، نفت وزارة السياحة والآثار المصرية وقوع أي حريق داخل أو بالقرب من المتحف المصري الكبير، مؤكدة أن الصور المنتشرة على الإنترنت “مفبركة بالكامل” وتم تصميمها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بغرض التضليل.

وقالت مصادر بالوزارة إن المتحف يعمل بكامل طاقته، وقد استقبل في اليوم نفسه مئات الزوار المصريين والأجانب، ما ينفي بشكل قاطع ما تردد عن وقوع أي حادث.

سي ان ان بالعربية | تناقلت حسابات صورًا مصحوبة بمزاعم تقول إنها ترتبط بـ

وأضاف البيان أن الجهات المختصة تتابع مصدر الشائعة تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد مروجي الأخبار الكاذبة، مشددًا على أن نشر مثل هذه الأكاذيب حول منشآت قومية يعد جريمة وفق قانون الجرائم الإلكترونية.

التحقق من الصور والفيديوهات المنتشرة

أجرى عدد من المواقع العالمية، من بينها CNN بالعربية وروسيا اليوم، تحقيقات رقمية أكدت فيها أن الصور التي جرى تداولها “غير حقيقية” وتم توليدها رقميًا عبر برامج ذكاء اصطناعي، من خلال دمج مؤثرات اللهب والدخان على صور أصلية للمتحف.
كما تبين أن بعض اللقطات مأخوذة من حوادث قديمة جرت في دول أخرى، وتم تعديلها بصريًا للإيحاء بأنها في القاهرة.

CNN بالعربية أكدت أنه لا توجد أي تقارير أو أدلة تشير إلى وقوع حريق حقيقي في المتحف المصري الكبير خلال تلك الفترة.
روسيا اليوم نقلت عن مصادر بوزارة السياحة أن الصور “مزيفة ومُصممة رقمياً لأغراض تضليلية”.

ظاهرة الشائعات الرقمية.. خطر يتسلل في صمت

تسليط الضوء على شائعة “حريق المتحف الكبير” يكشف وجهًا مظلمًا لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت الشائعات الرقمية سلاحًا خطيرًا قادرًا على إرباك الرأي العام وتدمير سمعة مؤسسات وطنية في دقائق.
ففي عصر الذكاء الاصطناعي، لم تعد الصور أو الفيديوهات دليلًا على الحقيقة، إذ يمكن عبر برامج بسيطة توليد مشاهد واقعية لوقائع لم تحدث أصلًا.

ويحذر خبراء الإعلام الرقمي من أن الانتشار السريع للمحتوى الزائف دون تحقق يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن المعلوماتي، خاصة إذا استُخدم ضد منشآت حيوية أو رموز وطنية.

الخبير الإعلامي د. محمد شهاب يقول:
“نعيش في زمن أصبح فيه إنتاج الكذب أسرع من تصحيحه، والذكاء الاصطناعي زاد الطين بلّة، إذ بات بإمكان أي شخص خلق حدث افتراضي وإقناع الملايين بواقعيته في لحظات.”

المتحف المصري الكبير.. رمز حضاري في مرمى التضليل

افتُتح المتحف المصري الكبير مؤخرًا كأحد أهم المشروعات الثقافية في القرن الحادي والعشرين، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تمثل تاريخ مصر عبر العصور.
ويعد المتحف واجهة للسياحة والثقافة المصرية، ومصدر فخر قومي، ما يجعله هدفًا سهلاً للشائعات التي تهدف إلى تشويه صورة الإنجازات الوطنية.

وأكد مسؤول في وزارة الآثار أن مثل هذه الأكاذيب "لن تنال من روح العمل والإنجاز"، مشيرًا إلى أن الدولة ماضية في خطتها لتطوير البنية الثقافية والسياحية رغم محاولات التضليل المتكررة.

دروس من الشائعة.. وضرورة الوعي الإعلامي

القضية لا تتعلق بالمتحف وحده، بل تكشف عن أزمة أوسع تتعلق بغياب ثقافة التحقق لدى المستخدمين.
فعندما ينشر ملايين الأشخاص خبراً دون التأكد من صحته، يتحول الخطأ الفردي إلى موجة تضليل جماعية يصعب كبحها.

ولذلك، يدعو خبراء الإعلام إلى تعزيز محو الأمية الرقمية في المجتمع، وتوعية المستخدمين بخطورة مشاركة أخبار غير موثقة، خاصة في أوقات التوتر أو الأحداث الوطنية الكبرى.

شائعة جديدة وُلدت من رحم الذكاء الاصطناعي

حادثة “حريق المتحف المصري الكبير” لم تكن سوى شائعة جديدة وُلدت من رحم الذكاء الاصطناعي، لكنها تذكير قوي بخطورة الانخداع في زمن الصورة الرقمية.
لقد أثبتت التجربة أن الحقيقة قد تُخفى تحت غبار الشائعات، وأن الوعي وحده هو خط الدفاع الأول ضد التضليل الإعلامي.