فشل صفقة ”الأنفاق”.. إسرائيل تتراجع عن السماح بخروج مقاتلي حماس وتُبقيهم محاصرين تحت الأرض

تتواصل حالة الغموض حول ما عُرف إعلاميًا بـ "صفقة الأنفاق" بين إسرائيل وحركة حماس، بعد أن نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين إسرائيليين تأكيدهم أن الصفقة فشلت ولم تُنفذ، في ظل رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السماح بخروج مقاتلي حماس المحاصرين في أنفاق جنوب قطاع غزة.
خلفية الصفقة
بدأ الحديث عن الصفقة بعد تقارير بثّتها هيئة البث الإسرائيلية والقناة 14، أشارت إلى أن إسرائيل تدرس السماح بخروج نحو 200 مقاتل من حركة حماس من مناطق تسيطر عليها قواتها في رفح، مقابل إعادة جثث الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم كتائب القسام منذ حرب 2014، وبينهم الجندي هدار غولدين.
لكن سرعان ما تراجعت الحكومة الإسرائيلية عن المقترح، بعد غضب سياسي واسع داخل الكنيست ورفض من رئيس الوزراء نتنياهو، الذي قال في تصريحات نقلتها القناة 14:
“أمام مقاتلي حماس في الأنفاق خياران لا ثالث لهما.. إما الاستسلام أو البقاء تحت الأرض.”
انقسام داخل القيادة الإسرائيلية

ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن رئيس الأركان إيال زامير أبدى في البداية استعداده للسماح بخروج محدود لبعض المقاتلين مقابل إعادة الجثث الإسرائيلية، قبل أن يُعاد النظر في المقترح بعد اعتراضات سياسية وأمنية.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي درس ممرًا آمنًا مشروطًا يسمح بعبور مقاتلي حماس إذا تخلوا عن أسلحتهم، لكن المقترح رُفض لاحقًا بسبب مخاوف أمنية من أن يؤدي إلى تعزيز موقع الحركة سياسيًا في غزة.
وفي نهاية الأمر، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلغاء المقترح بالكامل، مؤكدًا أن جميع مقاتلي حماس المحاصرين في الأنفاق سيبقون داخل المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وأن أي حديث عن “ممر آمن” لا أساس له.
ضغوط أمريكية وتنسيق سياسي
وفالت مصادر سياسية عبر القناة 14 أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا متزايدة على إسرائيل للسماح بمرور آمن لعناصر من حماس في إطار المرحلة التالية من خطة وقف إطلاق النار التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
لكن الجانب الإسرائيلي ما زال يرفض أي تنازل يتعلق بمقاتلي حماس، معتبرًا أن السماح بخروجهم “سيُفرغ الحرب من مضمونها” بعد عامٍ كامل من العمليات العسكرية في غزة.
دلالات الموقف
يرى محللون أن فشل صفقة الأنفاق يعكس تباينًا واضحًا بين الأهداف العسكرية والسياسية لإسرائيل، إذ تسعى القيادة العسكرية لإنهاء ملف الأسرى بأي ثمن، بينما يصر نتنياهو على التمسك بالنهج المتشدد للحفاظ على صورته أمام اليمين الإسرائيلي.
كما يُعد الملف ورقة تفاوض حساسة في أي مفاوضات مستقبلية بشأن تبادل الأسرى أو وقف إطلاق النار، في ظل استمرار الضغوط الدولية لإطلاق سراح المحتجزين لدى الطرفين.

مقاتلي حماس محاصرين في رفح تحت الأرض دون ممر آمن
حتى اللحظة، تؤكد التقارير الميدانية أن صفقة الأنفاق قد فشلت بالكامل، وأن إسرائيل تُبقي مقاتلي حماس المحاصرين في رفح تحت الأرض دون ممر آمن أو تسوية سياسية واضحة.
ويبدو أن الصراع يدخل مرحلة جديدة من التعقيد، إذ تتشابك فيها الاعتبارات العسكرية والسياسية والدبلوماسية في ظل استمرار الجمود الميداني وغياب أي اختراق حقيقي في ملف التهدئة.
صفقة الأنفاق التي وُصفت بأنها “نقطة التحول” في الحرب على غزة.. تحولت إلى عنوان جديد للفشل السياسي والعسكري في إسرائيل.

