الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

صراع الارض والتنمية الأقتصادية

كوشنر: إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية ”مدروسة بعناية”.. ولا تمويل لمناطق حماس

جاريد كوشنر
-

أكد جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أن عملية إعادة إعمار قطاع غزة تتم وفق خطة "مدروسة بعناية"، لكن فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي، مستبعدًا تخصيص أي أموال لمناطق ما زالت تحت سيطرة حركة حماس.

تفاصيل تصريحات كوشنر

جاءت تصريحات كوشنر خلال مؤتمر صحفي عقده في إسرائيل، الثلاثاء، بمشاركة نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، ضمن زيارة تهدف إلى دفع المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال كوشنر:

"هناك اعتبارات جارية حاليًا في المنطقة الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي طالما أمكن تأمينها، لبدء البناء كـ«غزة جديدة»، وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكانًا يذهبون إليه، ومكانًا للعمل، ومكانًا للعيش."

وأضاف صهر ترامب:

"لن تخصص أي أموال لإعادة الإعمار في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة حماس."

خطة "غزة الجديدة"

وكشف كوشنر أن "عدة مسارات عمل" كانت قيد الدراسة منذ العام الماضي، وهي الآن "قيد التحديث" استعدادًا لعرضها على الرئيس ترامب و"مجلس السلام" في الإدارة الأمريكية، من أجل تحديد الأولويات التنفيذية وخارطة مراحل إعادة الإعمار.

ووفق التصريحات، فإن الخطة تهدف إلى إعادة تأهيل البنية التحتية في المناطق التي تخضع لإشراف الجيش الإسرائيلي، مع التركيز على بناء مناطق سكنية وصناعية جديدة تتيح فرص عمل للفلسطينيين.

لا تمويل لمناطق حماس

وأكد كوشنر بشكل صريح أن المناطق الخاضعة لحركة حماس لن تتلقى أي تمويل أو دعم مالي، مشيرًا إلى أن إعادة الإعمار لن تشمل أي منطقة لا يمكن ضمان "أمنها الكامل".
وتأتي هذه التصريحات في وقتٍ تتزايد فيه الانتقادات الدولية بشأن الأوضاع الإنسانية في غزة، وسط استمرار الحصار ونقص المساعدات في المناطق التي لا تزال خارج السيطرة الإسرائيلية.

المرحلة التالية من الاتفاق

تأتي زيارة كوشنر وفانس وويتكوف إلى إسرائيل بعد الانسحاب الجزئي للجيش الإسرائيلي من بعض مناطق القطاع بموجب المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية ومصرية وقطرية.

وتهدف المرحلة الثانية إلى تهيئة بيئة ميدانية لإطلاق مشاريع إعادة الإعمار، بالتوازي مع النقاشات الجارية حول مستقبل إدارة القطاع بعد انتهاء العمليات العسكرية.

خلفية سياسية

تأتي تحركات كوشنر في ظل عودة اسم ترامب إلى الواجهة السياسية الأمريكية مع اقتراب الانتخابات، حيث يسعى فريقه إلى إحياء مبادرات "صفقة القرن" بنسخة جديدة تركز على "السلام الاقتصادي" في الشرق الأوسط، عبر مشاريع تنموية كبرى في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية والفلسطينية المشتركة.

إعادة ترتيب أولويات الإعمار وتعميق الانقسام داخل غزة

بينما يرى مراقبون أن تصريحات كوشنر تعكس توجّهًا أمريكيًا نحو إعادة ترتيب أولويات الإعمار، يرى آخرون أنها قد تؤدي إلى تعميق الانقسام داخل غزة، خاصة مع استثناء مناطق حماس من التمويل.
وفي الوقت نفسه، تبقى التحديات الإنسانية والسياسية أكبر من أي خطة بناء ما لم تُعالج جذور الأزمة وأسبابها السياسية والأمنية.

أين تتقاطع «غزّة الجديدة» مع «السلام الاقتصادي»؟

تصريحات جاريد كوشنر عن البدء بإعمار «المناطق المؤمّنة» في غزة، واستثناء مناطق سيطرة حماس من التمويل، تعكس عودةٍ صريحة لمقاربة السلام الاقتصادي التي روّجت لها خطة إدارة ترامب السابقة «السلام إلى الازدهار» (Peace to Prosperity): دفع المسار الاقتصادي والعمراني أولًا، على أمل أن يخلق ذلك بيئة أقل توترًا تُسهّل الترتيبات السياسية لاحقًا. الوثيقة الأصلية للخطة ركّزت على مشاريع بنية تحتية، واستثمارات، ومنح تعليمية، وتمكين للقطاع الخاص كرافعة لتبديل الواقع على الأرض.

عودة الحرب»... مئات القتلى ونزوح جديد في غزة (صور) | الشرق الأوسط

فصل الاقتصاد عن جوهر الصراع السياسي (الحدود، السيادة، القدس، واللاجئين)

لكن هذه المقاربة واجهت تاريخيًا اعتراضًا فلسطينيًا واسعًا لكونها تفصل الاقتصاد عن جوهر الصراع السياسي (الحدود، السيادة، القدس، واللاجئين). استطلاعات تلك الفترة أظهرت رفضًا كاسحًا للخطة، ما يعني أن إعادة تدويرها بصيغة «غزة الجديدة» قد تصطدم مجددًا بمسألة الشرعية المحلية والقبول الشعبي

عمليًا، ربط الإعمار بشرط «السيطرة العسكرية الإسرائيلية» على المناطق المراد بناؤها يطرح ثلاثة تحديات رئيسية:

  1. التجزئة الجغرافية والسياسية داخل القطاع إذا ظلّت مناطق خارج منظومة التمويل، بما يخلق «غزة بسرعات مختلفة» ويزيد التوترات الداخلية.

  2. إشكالية الحوكمة: مَن يدير ويؤمّن تلك المناطق؟ المطروح دوليًا هو مراحل مرتبطة بالتهدئة وتولّي أطراف متعددة مسؤوليات أمنية ومدنية، لكن المسار ما زال هشًّا، كما تؤكد جولات المبعوثين الأمريكيين وحديثهم عن صعوبة المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار.

  3. الأطفال هم من يتحملون أشد وطأة العنف في غزة | الموقع العالمي

  4. مشروعية التمويل والتدفق الإنساني: استمرار الخروقات أو تعثر تطبيق بنود التهدئة يهدد ثقة المانحين ويعرقل الدخول المنتظم للمواد والمساعدات، وهو ما حذّرت منه تقارير دولية خلال مناقشة تفاصيل التهدئة وعمليات الانسحاب المرحلية.

سياسيًا، يُقرأ الحراك الأمريكي الراهن—بحضور نائب الرئيس جي دي فانس ومستشارين مقرّبين من ترامب—كجزء من محاولة تثبيت الهدنة على سكّة «خريطة طريق» اقتصادية/أمنية تتطلب نزع سلاح حماس وتوليفة أمنية دولية في غزة قبل انطلاق إعمار واسع النطاق. هذا النهج ينسجم بنيويًا مع روح «السلام إلى الازدهار»، لكنه يظل مرهونًا بقبول الأطراف المحلية، وبقدرة الترتيبات الأمنية على الحد من الخروقات التي تهدد أي برنامج إعمار مستدام.

«غزة الجديدة» الاقتصاد أولًا

اطرح «غزة الجديدة» يعيد إنتاج منطق «الاقتصاد أولًا»؛ قد يخلق إنجازات ملموسة بسرعة إذا توافرت بيئة أمنية مستقرة وتمويل منسّق، لكنه يواجه خطر التعثر ما لم يُرفق بمسار سياسي واضح يعالج القضايا الجوهرية التي أسقطت سابقًا مشاريع «السلام الاقتصادي».