صفقة الحرية.. الأفراج عن 1968 أسيراً فلسطينياً في أكبر عملية تبادل منذ اندلاع الحرب على غزة

في مشهد إنساني تاريخي، شهد اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 إطلاق سراح 1968 أسيراً فلسطينياً من سجون الاحتلال الإسرائيلي، في إطار اتفاق إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار الذي رعته مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا. وتعد هذه الصفقة الأكبر منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، ومرحلة مفصلية في مسار القضية الفلسطينية.
تفاصيل الصفقة الجديدة
بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، فإن من بين المفرج عنهم 250 أسيراً محكوماً بالمؤبد، وعدداً كبيراً من أصحاب الأحكام العالية، إضافة إلى 1718 أسيراً من قطاع غزة اعتُقلوا بعد العدوان الإسرائيلي الأخير.
وبذلك، يرتفع عدد الأسرى المحررين في الصفقات الثلاث التي أُبرمت منذ بدء الحرب إلى 3985 أسيراً وأسيرة، حيث جرت:
-
أولى الصفقات في نوفمبر 2023 وأفرج خلالها عن 240 أسيراً.
-
والثانية في يناير وفبراير 2025 وشملت 1777 أسيراً.
-
والصفقة الثالثة الحالية في أكتوبر 2025 التي أفرج فيها عن 1968 أسيراً دفعة واحدة.
وأكد البيان المشترك أن هذه الصفقات تشكل انتصاراً إنسانياً ووطنياً للشعب الفلسطيني، لكنها في الوقت ذاته كشفت للعالم الوجه القبيح للاحتلال، عبر ما وثّقته المؤسسات الحقوقية من انتهاكات وتعذيب وتنكيل بحق الأسرى خلال فترة اعتقالهم.
مشاهد التعذيب والانتهاكات
الصور التي خرج بها الأسرى المحررون اليوم صدمت الرأي العام الفلسطيني والدولي، حيث بدت على كثيرين منهم آثار التعذيب الجسدي والنفسي، خاصة من أسرى قطاع غزة.
وأكدت مؤسسات حقوقية أن بعض الأسرى تعرضوا للضرب حتى لحظة الإفراج، فيما مُنعت عائلاتهم من تنظيم أي احتفالات، وتعرضت لمضايقات أمنية واعتقالات في الضفة والقدس.
كما وثّقت المنظمات أكثر من 70 حالة اعتقال جديدة طالت محررين من الصفقات السابقة، بينهم من أُعيد اعتقالهم بعد أيام من الإفراج.
وتحدثت تقارير عن جرائم منظمة داخل السجون، منها:
-
التعذيب باستخدام الكهرباء والضرب بالهراوات.
-
التجويع المتعمد وحرمان الأسرى من العلاج الطبي.
-
العزل الانفرادي والاعتداءات الجنسية في بعض المعتقلات.
-
تفشي الأمراض كـ"الجرب" بسبب الإهمال الطبي.
-
الاعتقال الإداري الجماعي واحتجاز المئات دون تهم.
ووفقاً للبيانات، استُشهد 78 أسيراً داخل السجون منذ بداية الحرب، ولا يزال عدد من الشهداء رهن الإخفاء القسري، ما يجعل هذه الفترة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية.
أرقام مروعة من واقع الأسر
بعد تنفيذ الصفقة الجديدة، ما يزال أكثر من 9100 أسير فلسطيني خلف القضبان في السجون المركزية الإسرائيلية، فضلاً عن مئات آخرين محتجزين في معسكرات جيش الاحتلال.
كما تُقدّر أعداد:
-
الأسيرات بـ52 أسيرة بعد الإفراج عن مرفت سرحان وسهام أبو سالم.
-
الأطفال الأسرى بنحو 400 طفل لا يزالون قيد الاعتقال.
وطالبت هيئة الأسرى ونادي الأسير المجتمع الدولي بـ:
-
الضغط لوقف جرائم التعذيب والاعتقال الإداري.
-
السماح للجنة الصليب الأحمر الدولي بزيارة المعتقلات.
-
إنهاء الإخفاء القسري لمئات الأسرى من قطاع غزة.
-
تفعيل مبدأ المساءلة الدولية بحق قادة الاحتلال المتورطين في جرائم الحرب.
خلفية تاريخية: أبرز عمليات التبادل الفلسطينية
منذ عام 1968 وحتى اليوم، شهدت القضية الفلسطينية عشر عمليات تبادل رئيسية بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال، شكّلت محطات مضيئة في مسيرة النضال الوطني، أبرزها:
-
عملية 1968: أول صفقة تبادل بين منظمة التحرير والاحتلال، أُفرج فيها عن 37 أسيراً مقابل ركاب طائرة مختطفة.
-
1971: صفقة تبادل بين حركة فتح والاحتلال أُفرج فيها عن الأسير محمود بكر حجازي مقابل جندي إسرائيلي.
-
1979: صفقة "الليطاني" أفرجت فيها إسرائيل عن 76 أسيراً.
-
1983: عملية أنصار، أُفرج خلالها عن 4700 معتقل مقابل ستة جنود إسرائيليين.
-
1985: عملية الجليل، أُفرج فيها عن 1155 أسيراً مقابل ثلاثة جنود.
-
2009: صفقة "شريط الفيديو" التي مهدت لصفقة شاليط.
-
2011: صفقة "وفاء الأحرار"، أُفرج فيها عن 1027 أسيراً مقابل الجندي جلعاد شاليط.
-
2023: هدنة إنسانية أُفرج فيها عن 240 أسيراً.
-
يناير–فبراير 2025: الإفراج عن 1777 أسيراً.
-
أكتوبر 2025: الصفقة الحالية التي حررت 1968 أسيراً، معظمهم من غزة.
دلالات الصفقة الثالثة
تأتي هذه الصفقة بعد وقف شامل لإطلاق النار في غزة، وتعكس تحولاً في المشهد السياسي والميداني، إذ أجبرت المقاومة الفلسطينية الاحتلال على القبول بشروط تبادل موسعة.
كما أنها تعيد التأكيد على أن قضية الأسرى تظل محوراً أساسياً في الوجدان الفلسطيني، ومؤشراً على توازن القوى الميداني والسياسي في أي مفاوضات مقبلة.
رسالة إنسانية وأخلاقية
تحمل هذه الصفقة رسالة واضحة إلى العالم: أن الأسرى ليسوا أرقاماً، بل رموزاً للصمود الفلسطيني، وأن استمرار احتجازهم في ظروف قاسية يمثل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي صمت طويلاً عن معاناتهم.