ترامب يعلن تقدمًا ”هائلًا” في مفاوضات شرم الشيخ.. خطة غزة تقترب من الحسم وحماس توافق على ”بنود مهمة للغاية”

شرم الشيخ منبر السلام المنتظر
في أجواء مشحونة بالأمل والحذر، تتواصل في مدينة شرم الشيخ المصرية الجولة الجديدة من المباحثات غير المباشرة بين وفدي حماس وإسرائيل، برعاية مصرية وقطرية وتركية، وبمشاركة فاعلة من الولايات المتحدة.
وقد شهدت الساعات الأخيرة تصريحات مفاجئة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكد فيها أن حركة حماس وافقت على أمور "مهمة للغاية"، مشيرًا إلى أن الطريق نحو وقف الحرب في غزة بات أقرب من أي وقت مضى.
ترامب: "تقدم هائل وخطة السلام تشمل العالم الإسلامي"
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي من المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض مساء الإثنين، إن المفاوضات تسير على نحو جيد جدًا، متوقعًا أن «تحسم خلال يومين تقريبًا».
وأضاف ترامب أن الخطة الأمريكية لوقف الحرب في غزة، والتي تضم 20 بندًا رئيسيًا، تمثل “فرصة حقيقية لتحقيق سلام دائم، ليس في غزة فحسب، بل يمتد إلى منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بأسره”.
ونفى الرئيس الأمريكي ما نشره موقع “أكسيوس” حول مطالبته رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتوقف عن السلبية، مشيرًا إلى أن نتنياهو “إيجابي ومتفائل للغاية”.
وختم ترامب حديثه بقوله:
"الاتفاق سيجمع الجميع بطريقة غير متوقعة، وأنا واثق من أننا على بعد خطوات قليلة من لحظة تاريخية."
تفاصيل خطة ترامب: وقف دائم وإدارة مشتركة لغزة
تشمل خطة ترامب التي تُناقش حاليًا في شرم الشيخ وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وتبادلًا متكاملًا للأسرى والمحتجزين، وترتيبات سياسية وإدارية لمرحلة ما بعد الحرب داخل قطاع غزة.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية، فإن البنود الأساسية للخطة تتضمن:
-
انسحابًا تدريجيًا للقوات الإسرائيلية من مناطق القطاع خلال 45 يومًا.
-
إطلاق سراح 48 أسيرًا تابعين لحماس مقابل 250 أسيرًا أمنيًا إسرائيليًا.
-
إدارة انتقالية للقطاع تضم ممثلين عن الفصائل الفلسطينية تحت إشراف مصري – قطري – أمريكي.
-
تعهدات بعدم استهداف قيادات المقاومة خلال فترة التنفيذ.
-
إشراف دولي على إعادة الإعمار وتمويل من دول عربية وخليجية.
-
اتصالات عربية ودولية مكثّفة
ترافق المفاوضات تحركات دبلوماسية واسعة النطاق، حيث أعلن الديوان الملكي الأردني أن الملك عبدالله الثاني أجرى اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس ترامب، تم خلاله بحث تفاصيل خطة غزة وآفاق تطبيقها.
وفي موسكو، أصدر الكرملين بيانًا أكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث هاتفيًا مع بنيامين نتنياهو حول الجهود الأمريكية الجديدة، مشددًا على "ضرورة احترام المبادئ القانونية الدولية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة".
وأشار البيان إلى أن الجانبين ناقشا أيضًا الملف النووي الإيراني والوضع في سوريا، في إطار رؤية شاملة لاستقرار المنطقة.
تحركات الوسطاء في القاهرة
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن الأولوية القصوى للإدارة الأمريكية هي إتمام صفقة تبادل الأسرى في أقرب وقت ممكن، مؤكدة أن “الإفراج عنهم سيشكل نقطة انطلاق أساسية لتنفيذ بقية بنود خطة غزة”.
وأضافت أن الفرق الفنية من أمريكا ومصر وقطر وتركيا بدأت اجتماعاتها في القاهرة، بحضور المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف وصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، لمراجعة قوائم الأسرى وبحث الترتيبات اللوجستية للتنفيذ الميداني.
داخل إسرائيل: احتجاجات وضغوط على نتنياهو
في الداخل الإسرائيلي، تتواصل مظاهرات عائلات الأسرى المحتجزين في غزة أمام مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس، حيث رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها:
“لن نرتاح حتى يعود آخر رهينة إلى بيته”.
وتزامنت الاحتجاجات مع انقسام سياسي متزايد داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن التعامل مع خطة ترامب، وسط مخاوف من أن تؤدي الهدنة إلى تراجع قبضة الجيش الإسرائيلي داخل القطاع.
ورغم دعوات ترامب لوقف القصف، أفادت تقارير إسرائيلية بمقتل أكثر من 100 شخص خلال الأيام الأخيرة نتيجة الغارات على غزة، ما أثار تساؤلات حول مدى التزام تل أبيب بتهدئة ميدانية مؤقتة أثناء التفاوض.
الدور المصري: الوسيط الثابت في طريق السلام
تواصل مصر لعب دورها المحوري كوسيط موثوق بين الطرفين، إذ تستضيف القاهرة الوفود المشاركة وتنسق الاجتماعات الفنية والسياسية ضمن مبادرة شرم الشيخ التي تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار وتهيئة المناخ لتفاهم شامل.
وأكدت مصادر مصرية لـ"الصباح اليوم" أن القاهرة تعمل على تقريب وجهات النظر وضمان التزام جميع الأطراف ببنود الخطة المقترحة، خصوصًا ما يتعلق بالضمانات الأمنية وحقوق الأسرى والمدنيين.
أمل حذر" في لحظة تاريخية
تبدو شرم الشيخ اليوم مركز ثقل سياسي عالمي، إذ تجتمع فيها إرادات متناقضة تحت سقف واحد بحثًا عن تسوية تاريخية.
وبينما يتحدث ترامب عن “تقدم هائل” و”اتفاق قريب”، يبقى السؤال الأكبر:
هل تشهد الأيام القادمة إعلان أول هدنة حقيقية بعد عامين من الحرب، أم أن الخلافات العميقة ستعيد الملف إلى نقطة