الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

هل يعقل أن يطلب رئيس دولة «جائزة نوبل للسلام» بعد إنذار وترهيب؟ - تفاصبل الاجابة

ترامب وجائزة نوبل للسلام
بوابة الصباح اليوم وكالات الانباء -

تتجدد الأسئلة والانتقادات بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنذارًا واضحًا لحركة حماس بقبول خطته للسلام «بحلول الساعة السادسة مساء الأحد بتوقيت واشنطن» وإلا «ستفتح أبواب جحيم» — ورغم ذلك يتردد في الأوساط السياسية والإعلامية أيضاً الحديث عن ترشيحه أو منحه جائزة نوبل للسلام. في هذا التقرير نحلّل الموضوع من ثلاث زوايا: مضمون التصريحات والتهديدات، معايير جائزة نوبل والقدرة الواقعية للجنة على مقاومة الضغوط، وأثر مثل هذه المطالبات السياسية على مصداقية الجائزة نفسها.

1) ماذا قال ترامب فعلاً؟ إنذار أم تفاوض؟

الرئيس ترامب أصدر مهلة واضحة وجهها مباشرةً إلى حماس عبر منصاته ومن ثم عبر وسائل الإعلام، مطالبًا بقبول «خطة الـ20 نقطة» خلال مهلة زمنية قصيرة، ومهددًا بعواقب عسكرية وسياسية إذا لم تُقبل. هذا النوع من البلاغات يتراوح بين الضغط السياسي والتهديد الصريح، ويستخدم منطق «الفرصة الأخيرة» لإجبار الطرف الآخر على القبول الفوري. تقارير وسائل إعلام كـالجزيرة وi24 ووكالات كـAP نقلت محتوى التهديد ومضمون المهلة بدقة.

لماذا هذا مهم؟

لأن المنطق القائم على «القبول أو تذوق العواقب» لا ينسجم مع روح السلام التفاوضي المبني على الحوار والتسويات المتبادلة، بل يذكّر أكثر بمنطق الإملاء بالقوة. ومن ثم طرح فكرة جائزة دولية للسلام في هذا السياق يثير حتمًا استغرابًا واسعًا.

تايمز: هكذا يسعى ترامب للفوز بجائزة نوبل للسلام

2) ما الذي تبحث عنه لجنة نوبل فعلاً؟ القواعد والمعايير

لجنة نوبل النرويجية لديها قواعد واضحة حول الترشيح والاختيار: من يرشّح يجب أن يكون مسموحًا له قانونيًا (نواب برلمانات، أساتذة جامعات، مسؤولون حكوميون سابقون...)، والاختيار يرتكز تقليديًا على مساهمات ملموسة في «السلام» عبر حلول تفاوضية أو مبادرات تقليص العنف أو بناء مؤسسات سلام. ولا تُعلن اللجنة عن مداولاتها أو مبررات منح الجوائز إلا بعد 50 سنة تقريبًا، لكنها تاريخيًا فضّلت أعمالًا طويلة الأمد وآثارًا بنيوية على منح «جوائز سلام» لمبادرات قمّة أو إنجازات مشكوك في استدامتها. هذه معايير موثقة على موقع نوبل وعلى شروحات إعلامية وتحليلية.

هل يمكن أن تمنح اللجنة جائزة لرئيس يمارس «إملاءً» سياسياً؟

نظريًا: القواعد لا تمنع ترشيح أي شخصية أهلية (بمشروعيّة المترشّح)، لكن عمليًا لجنة نوبل كثيرًا ما تصدرت سجالات عندما منحت جوائز لشخصيات سياسية جدلية (حالات تاريخية أثارت انتقادات كثيرة)، وهي تميل إلى تجنّب منح الجائزة لأشخاص يرتبط نجاحهم بـحملات ضغط قصيرة أو سياسات مهددة بالعنصر القسري، لأن ذلك يقوّض مصداقية الجائزة. تاريخيًا أيضاً، كانت هناك ترشيحات مثيرة لكنها لم تتحول دائماً إلى منح بسبب معايير الاستدامة والشرعية الأخلاقية.

3) هل تُقحم لجنة نوبل نفسها في سياسة «الإنذارات والتهديد»؟ (الواقع العملي)

  • الاستقلالية المؤسسية: لجنة نوبل تعمل مستقلّة رسمياً عن ضغوط سياسية، لكن في الممارسة واجهت ضغوطًا إعلامية ودبلوماسية على مرّ السنين. تقارير إخبارية هذا الموسم ترصد حملة ضغط وترشيحات وحوارات حول اسم ترامب لكن تؤكد أن فرصه ضئيلة لاعتبارات عدة منها طبيعة إنجازات السلام التي يقدّمها والحاجة إلى إنجازات دائمة وعابرة للصياغات السياسية

  • المنطق المعنوي للجائزة: الجائزة تمنح لأعمال «سلامية» تروّج لوقف العنف عبر آليات سلمية ومؤسسية — لا لمن يلوّح بالتدمير في حال رفضت جهة أخرى الشروط.

4) الأثر السياسي والإعلامي لفكرة «منح نوبل» بعد إنذار تهديدي

إن كانت الفكرة مجرد حملة ترويجية أو دبلوماسية لرفع السُمعة، فهي قد تنجح مؤقتًا إعلاميًا. لكن على المدى المتوسط والطويل:

  • ستُضعف مصداقية الجائزة إن منحت لشخص اعتمد أساليب الترهيب أو الإملاء.

  • قد تزيد من الاستقطاب الدولي ضد قرار اللجنة، وتعيد سيناريوهات الجدل الذي رافق منح جوائز سابقة لشخصيات سياسية معروفة بخلافات واسعة.

5) ماذا يقول الرأي العام والخبراء حتى الآن؟ مؤشرات مبدئية

- تقارير وكالات مثل رويترز وAP وبلومبرغ تذكر ترشيحات وانتقادات وتؤكد أن الحملات والتهديدات لا ترجّح حصول مرشح على الجائزة إن لم تُسند بإنجازات سلام مستدامة وموثقة.

- الخبراء والعينة التاريخية: لجنة نوبل تميل إلى الحذر تجاه المرشحين الذين يقدّمون نتائج «فورية» أو مشكوكًا في استدامتها، كما أن ترشيحًا مكثفًا من جهات محسوبة سياسياً قد يثير المزيد من الجدل بدل أن يؤدّي لتتويج حقيقي.

إجابة مباشرة على السؤال: «هل يعقل؟»

منطقياً ومعيارياً — صعب ومعانٍ كثيرة تحُول دون ذلك.

  • إنذار يهدف إلى فرض شروط «قبولك أو ستواجه العواقب» لا ينسجم مع تعريف السلام الذي تعترف به لجنة نوبل.

  • حتى لو وُجّهت له ترشيحات، فإن فرص النجاح تعتمد على ثبوت أثر سلامي دائم وقابل للتحقق، لا على إنذارات أو مهل زمنية أو توظيف عسكري-سياسي للضغط.

  • منح الجائزة في هذه الظروف قد يضرّ أكثر مما ينفع بمكانة الجائزة، ويجعلها أداة تُستغل سياسياً بدل أن تبقى رمزًا للترابط الإنساني والصلح.