الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

حماس تردّ على الوسطاء بعد إنذار ترامب.. مطبات في «خطة العشرين نقطة» وتباينات داخل القيادة

نسليم أسري  للصليب الأحمر
كتب - محرر الشئون السياسية -

سلمت حركة حماس ردها إلى الوسطاء مساء الجمعة، بعد ساعات من الإنذار الذي وجّهَه الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحركة، طالبًا إجابة حاسمة بنعم أو لا على خطته لإنهاء الحرب على غزة قبل مساء الأحد. ورغم تسليم الرد، لم تُكشف تفاصيله رسميًا، لكن تقارير إعلامية دولية نقلت عن الوسطاء ومحاورات داخلية في صفوف الحركة عناصر خلافية واضحة حول بنود الخطة، لا سيما ما يتعلق بالأسلحة، وجدول الانسحاب الإسرائيلي، وإطلاق سراح الأسرى.

ونستعرض معكم خلال هذا التقرير فصول التطورات، مطالب حماس المعلنة عبر الوسطاء، الخلافات الداخلية، الدور الوسيط للدول الإقليمية، والسيناريوهات المحتملة في حال رفضت واشنطن وإسرائيل الرد أو اعتبرته غير كافٍ.

ما الذي جرى؟ تسليم الردّ… وصمت رسميّ

أفادت تقارير صحفية موثوقة بأن حركة حماس سلّمت ردّها إلى الوسطاء مساء الجمعة، بعد إنذار موجّه من البيت الأبيض للرئيس الأمريكي دعا فيه إلى التوصل إلى اتفاق بحلول موعد نهائي. صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ذكرت أن حماس قدمت ردّها لكنها لم تفصح عن مضمونه، بينما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر عربية مشاركة في وساطات الدوحة أن حماس تطالب بتوضيحات وتعديلات على بعض بنود الخطة.

البيت الأبيض أبلغ بأن مهلة ترامب تنتهي مساء الأحد، وأن "النتائج ستتضمن عواقب وخيمة" إذا لم تُنهي الحركة الأمر باتفاق واضح. ردّ حماس جاء عبر قنوات الوساطة (قطر ومصر وتركيا) بحسب مصادر مطلعة، فيما التزمت الحركة صمتها الرسمي ولم تُصدر بيانًا علنيًا يشرح تفاصيل الردّ بعد.

ماذا تطالب حماس؟ بنود الخلاف الأساسية بحسب تقارير الوساطة

بناءً على ما تناقلته وسائل الإعلام والوسطاء، تتركز مطالب حماس حول نقاط عملية وحسّاسة في الخطة الأميركية:

  • الجدول الزمني للانسحاب الإسرائيلي: تطلب حماس تفاصيل واضحة ومحددة حول مواعيد الانسحاب وما إذا كان انسحابًا فوريًا أو مرحليًا، ومناطق الانسحاب وتواريخها.

  • قضية السلاح: وفقًا للتقارير، تقترح حماس تسليم ما وصفتها "أسلحة هجومية" إلى جهات دولية (مصر والأمم المتحدة) مع الاحتفاظ بـ"الأنظمة الدفاعية" التي تعتبرها ضرورية لأمن القطاع.

  • إطلاق سراح الأسرى: ترفض الحركة مطلبًا ينص على الإفراج الفوري عن 48 رهينة خلال 72 ساعة، معتبرة أن هذا الجدول الزمني صعب التنفيذ بسبب تشتت احتجاز بعض الرهائن بين فصائل متعددة وغياب قنوات اتصال منتظمة.

  • قوة دولية ونطاق تفويضها: تطالب الحركة بإيضاحات جذرية حول طبيعة القوة الدولية المزمع تشكيلها في غزة، نطاق تفويضها، مناطق انتشارها، ومدة وجودها وصلاحياتها الأمنية.

التباينات داخل قيادة حماس: عقبات أمام الإجماع

مصادر عربية مطلعة على محادثات الدوحة أشارت إلى وجود اختلافات داخلية في قيادة حماس حول القبول بشروط الخطة بصيغتها الأصلية. بعض القيادات ميّالة للموافقة بشرط إدخال تعديلات تحفظ عناصر السيادة الأمنية والشرعية السياسية، بينما يظهر تيار آخر أكثر تشددًا يرفض بنودًا يرى أنها تفكّك قدرة المقاومة أو تفرض شروطَ استسلامية.

هذه الانقسامات قد تبرر خيار حماس تقديم ردّ يطلب تعديلات وإيضاحات بدلاً من قبول أو رفضٍ فوري، في محاولة لإعطاء القيادة وقتًا للاستشارة وتقديم صيغة تفاوضية تحفظ الحدّ الأدنى من المكتسبات.

دور الوسطاء: قطر ومصر وتركيا.. وما الذي تُقدمه كلٌّ منها؟

تجري محادثات الوساطة في عواصم عدة كان لها دور فاعل طوال الأزمة:

  • قطر: تستضيف مداولات ونقاشات مع ضباط وحركات، وتعمل كقناة اتصال رئيسية بين حماس والجهات الدولية.

  • مصر: تلعب دورًا تقليديًا وحيويًا في تأمين الحدود والاتفاقات حول تبادل الأسرى وعمليات التهريب وتسيير السلع والمساعدات عبر معبر رفح.

  • تركيا: تعمل كملف دبلوماسي داعم للحركات الفلسطينية وتساهم في الجهود السياسية والدعم اللوجستي للوساطات.

الولايات المتحدة وطالما صاغت "خارطة الطريق" الأميركية وفرضت مهلة زمنية، لكنها تعوّل على الوسطاء الإقليميين لبلورة توافق نهائي بين الأطراف.

السيناريوهات المحتملة بعد الردّ

يمكن تلخيص الخيارات المتوقعة في أربعة سيناريوهات رئيسية:

  1. قبول مُعدّل: توافق إسرائيل والولايات المتحدة على إعادة صياغة بنود معينة (مواعيد الانسحاب، آلية تسليم الأسلحة وتعريفها، جدول زمني مرن للإفراج عن الأسرى)، ويُعلن عن هدنة وبدء تنفيذ مرحلي.

  2. مؤجل بتعديل طفيف: تُقدّم حماس ردًا يتضمن موافقة مبدئية مع شروط إضافية، مما يطيل مهلة التفاوض ويجعل تنفيذ بنود الخطة مرتبطًا بحل قضايا مفصلية لاحقًا.

  3. رفض أو رفض ضمني: ترفض حماس بنودًا جوهرية، ما يدفع البيت الأبيض لإصدار تهديدات جديدة، وقد يؤدي إلى تصعيد عسكري أو عودات للتصعيد المحدود.

  4. رد حاسم أميركي/إسرائيلي: تُعتبر الإجابة غير كافية فيُنفّذ الجانب الأميركي-الإسرائيلي تهديداته السياسية أو العسكرية، مع مخاطر إنسانية كبيرة على المدنيين في غزة.

كل خيار يحمل تكاليف سياسية وجيوسياسية على الأطراف الإقليمية والدولية، ويؤثر مباشرة في معيشة المدنيين ويزيد من تعقيد جهود الإغاثة وإعادة الإعمار.

الأبعاد الإنسانية والسياسية لعدم الحسم السريع

  • إنسانيًا: أي تأخير في التوصل إلى اتفاق يُطيل مأساة المدنيين في غزة ويعرقل توصيل المساعدات وتخفيف معاناة النازحين.

  • سياسيًا: فشل الوساطة يضع واشنطن أمام اختبارات دبلوماسية وإعلامية، ويمنح لاعبَين إقليميين مثل إيران وتركيا ومصر فرصًا لإعادة ضبط توازن النفوذ.

  • أمنيًا: أية خطوة تقضي بتفكيك الأطر المسلحة بصورة مفاجئة قد تترك فراغًا أمنياً صعب الضبط إلا بوجود قوة دولية واضحة الصلاحيات والهيكلية.

ماذا يعني طلب حماس نقل «أسلحة هجومية» إلى مصر والأمم المتحدة؟

بحسب تقارير صحفية، فإن حماس مستعدة لنقل أنواع من العتاد المتقدمة إلى جهات دولية شرط أن تحتفظ بما تعتبره أنظمة دفاعية. هذا الطرح عمليًا يعني محاولة لإيجاد حل وسط بين مطلب نزع السلاح الكامل الذي تفرضه بعض الصياغات الأميركية، وضرورة الحفاظ على بعض القدرات لأسباب "دفاعية" في نظر الحركة. التفاصيل الفنية — ما يُعرّف بـ«هجومي» مقابل «دفاعي» — ستكون مادة مفاوضات معقدة، لأنها تمس قدرة الطرف على الردّ أو الردع مستقبلاً.

لماذا تحرص حماس على جدول زمني مُفصّل للانسحاب والقوات الدولية؟

الجرعات الزمنية توفّر ضمانات حول كيفية إدارة وقف النار والتحول إلى ترتيب أمني جديد في غزة. مطلوب توضيح من سيكون بين قوام القوة الدولية، ما صلاحياتها وهل ستملك تفويضًا قضائيًا وشرطيًا أم تقتصر على الدعم والمراقبة؟ هذه النقطة تؤثر مباشرة في ثقة الحركة بمستقبل إدارة غزة وأمن المدنيين.

مهلة ترامب تحوّلت إلى اختبار للوساطة والواقعية السياسية

تستعرض الساعات القادمة قدرة الوسطاء على تحويل الردّ الحركي إلى اتفاق عملي قابل للتنفيذ، أو على الأقل إلى جدول زمني يُثبّت عناصر وقف النار وتدفق الإغاثة. إنذار ترامب وضع ضغوطًا زمنية واضحة، لكن المطلوب الآن ليس إجابة سريعة فحسب، بل إجابة واقعية ومستدامة توازن بين مطالب الضمان الأمني والإنساني والسياسي.

يبقى الثابت: التوصل إلى اتفاق عاجل يُنقذ حياة آلاف المدنيين، بينما فشل المفاوضات قد يُعيد المنطقة إلى دوامات تصعيد لا تحمد عقباها.