هجوم إسرائيلي على صنعاء بمشاركة 20 طائرة حربية: تفاصيل الغارات وردود الفعل

شنت إسرائيل فجر الخميس سلسلة غارات جوية مكثفة استهدفت العاصمة اليمنية صنعاء، بمشاركة نحو 20 طائرة حربية ألقت أكثر من 65 قذيفة وصاروخًا. وبحسب مصادر ميدانية، فقد بلغ عدد الضربات 13 غارة متزامنة أدت إلى هزات عنيفة في مختلف أرجاء المدينة، في وقت كان زعيم جماعة أنصار الله (الحوثيين) عبد الملك الحوثي يلقي خطابًا متلفزًا.
الأهداف المستهدفة وحجم الخسائر
تركزت الغارات على مواقع حيوية تابعة للحوثيين، منها معسكرات لهيئة الأركان في منطقة حدة، ومجمع تابع لوزارة الدفاع في باب اليمن وسط العاصمة، إضافةً إلى غرفة عمليات وسيطرة ومخازن أسلحة وطائرات مسيّرة. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن العملية التي أطلق عليها اسم "الطرد السريع" أسفرت عن مقتل العشرات من عناصر الحوثيين وتدمير ترسانة عسكرية نوعية.
في المقابل، تحدثت وسائل إعلام حوثية عن سقوط قتلى وجرحى، بينهم مدنيون، نتيجة استهداف بعض الأحياء السكنية. وأفادت مصادر طبية في صنعاء بوجود عشرات الإصابات تم نقلها إلى المستشفيات. ويُذكر أن هذه الضربة جاءت بعد أقل من شهر من اغتيال إسرائيل لرئيس حكومة الحوثيين أحمد الرهوي وعدد من وزرائه.
المواقف الرسمية
-
إسرائيل: الجيش أكد أن الغارات جاءت ردًا على هجمات الحوثيين، فيما صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الجماعة "ستدفع ثمنًا باهظًا" لاستمرارها في استهداف إسرائيل.
-
الحوثيون: وصفوا القصف بأنه "عدوان لن يمر دون عقاب"، وأعلنوا لاحقًا تنفيذ ضربات صاروخية ومسيرات ضد أهداف إسرائيلية في إيلات وبئر السبع.
-
الحكومة اليمنية الشرعية: حمّلت الحوثيين مسؤولية "جرّ اليمن إلى حرب إقليمية"، معتبرة أن هجماتهم على إسرائيل أعطت ذريعة للتدخل العسكري الإسرائيلي.
-
إيران: أدانت الهجوم بشدة ووصفته بأنه "جريمة حرب"، محذرة من تهديده للأمن الإقليمي والدولي، وجددت دعمها للحوثيين.
-
السعودية: التزمت الصمت رسميًا، لكن أوساطًا إعلامية وصفت الضربات بأنها "مربكة"، معتبرة أن تدخل إسرائيل يعقّد جهود التهدئة مع الحوثيين.
-
الأمم المتحدة: أعربت عن قلق بالغ من التصعيد، محذرة من تداعيات إنسانية خطيرة، بينما يواصل المبعوث الأممي جهوده لمنع انهيار مسار السلام الهش.
-
الولايات المتحدة: أكدت حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنها تحاول تفادي انزلاق حليفتها إلى مستنقع اليمن، خاصة بعد اتفاق وقف إطلاق النار بينها وبين الحوثيين بوساطة عُمانية مطلع مايو الماضي.
التداعيات السياسية والعسكرية
يمثل الهجوم الإسرائيلي على صنعاء تحوّلًا استراتيجيًا في مسار الصراع الإقليمي. فإسرائيل لم تعد تكتفي بضرب البنية التحتية الحوثية، بل باتت تستهدف قيادات الصف الأول مباشرة، في إطار ما يصفه مراقبون بسياسة "قطع الرؤوس". هذه الاستراتيجية قد تضعف الحوثيين عسكريًا لكنها تمنحهم في الوقت نفسه ورقة دعائية لاستقطاب أنصارهم عبر تصوير المواجهة كمعركة ضد "العدو الصهيوني" دعمًا لفلسطين.
إقليميًا، يهدد التصعيد بتقويض التفاهمات بين الرياض وصنعاء التي جرت بوساطة عُمانية خلال العام الماضي. كما أن دخول إسرائيل طرفًا مباشرًا في النزاع يفتح الباب أمام مواجهة إيرانية–إسرائيلية بالوكالة في اليمن، ما قد يعرض البحر الأحمر وباب المندب لخطر التوترات البحرية ويهدد أمن الملاحة الدولية.
دوليًا، تبدو القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، حذرة من توسع رقعة الحرب. فبينما تدعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، فإنها لا ترغب في فتح جبهة جديدة تستنزف المنطقة وتعرقل مساعيها لإنهاء حرب غزة.
صنعاء تُدخل اليمن رسميًا في قلب الصراع الإقليمي
الغارات الإسرائيلية على صنعاء تُدخل اليمن رسميًا في قلب الصراع الإقليمي، وتجعل منه ساحة مواجهة جديدة بين إسرائيل وإيران عبر أذرعها. وبينما يحاول الحوثيون استثمار التصعيد لتعزيز شرعيتهم الداخلية، فإن الخسائر البشرية والمادية المتزايدة قد تدفع باليمنيين إلى مزيد من المعاناة. وفي ظل غياب مسار سياسي فعّال، يظل شبح حرب أوسع نطاقًا قائمًا، ما لم تتدخل الدبلوماسية الدولية لإيقاف دوامة التصعيد.