الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

شهادات مأسوية لأهالي غزة تحت قصف النار: «الموت أرحم»

تدمير غزة
بوابة الصباح اليوم وكالات الانباء -

مأساة إنسانية مركبة: قصف لا يهدأ، نزوح مرهق، فقر يحاصر الأهالي، وأمل مفقود في وقف الحرب.

في قلب مدينة غزة المدمرة، وبين الركام والدمار، تتعالى أصوات الأهالي الذين لم يجدوا في قاموس معاناتهم سوى عبارة واحدة تختصر المأساة: «الموت أرحم». هذه الكلمات لم تعد مجرد صرخة يأس، بل تحولت إلى شهادة حية على ما يعيشه سكان القطاع من إبادة جماعية ونزوح قسري تحت نيران القصف الإسرائيلي المتواصل.

مستشفى الشفاء.. وجع لا ينتهي

في مستشفى الشفاء، الذي يعد من بين المراكز الطبية القليلة التي لا تزال تعمل، تتجسد فصول المأساة كل يوم. هناك كان مدير المستشفى محمد أبو سلمية يؤدي مهامه كالمعتاد حين صُدم بنقل جثتي شقيقه وزوجة شقيقه بين قتلى القصف الإسرائيلي. يقول أبو سلمية: «صُدمت وفوجئت بجثتي شقيقي وزوجته. كان أمرا مفجعا ومرعبا. كل شيء متوقع إلا أن تستقبل أعز الناس شهداء ومصابين».

شمال غزة: بين الموت والنزوح | Human Rights Watch

المستشفى يستقبل يوميا عشرات الشهداء والمصابين منذ أن وسّعت إسرائيل عملياتها البرية في مدينة غزة منتصف سبتمبر، حيث لا يتوقف تدفق سيارات الإسعاف التي تفرغ جثثًا ملفوفة بأكفان بيضاء ومصابين يتنفسون بالكاد.

رحلة نزوح صعبة إلى المجهول

محمد نصار، خمسيني نزح من حي الصبرة إلى تل الهوى، يلخص المأساة قائلا: «كانت الليلة صعبة جدا قصف وتفجيرات. الاحتلال يريد تهجير كل الناس حتى يدمّر مدينة غزة لتصبح مثل بيت حانون ورفح، لا تصلح للحياة لمائة عام». ابناه نزحا مشيًا على الأقدام إلى خان يونس، لكنهما لم يجدا مكانًا ولا حتى خيمة، فيما هو وزوجته وبناته الثلاث لم يتمكنوا من النزوح بسبب الفقر والعجز عن تحمّل تكاليف الانتقال. يقول بمرارة: «لا يوجد معي مال للنزوح.. الموت أرحم».

نزوح بالمال أو البقاء للموت

النازحة رائدة العمارين (32 عاما) تقيم مع أسرتها ووالدتها المقعدة في خيمة بغرب غزة بعدما غادرت الشيخ رضوان. تقول: «نريد النزوح، لكن لا يوجد معنا مال. النقل بالتوك توك يكلف 4000 شيكل، وفي شاحنة صغيرة 7000 شيكل. نحن لا نملك حتى 10 شيكل لنشتري خبزا». وتضيف: «سنظل هنا.. إما نموت وإما يجدون لنا حلا».

أهالي غزة يعودون إلى منازلهم بعد بدء الهدنة.. هذا ما وجدوه | سكاي نيوز عربية

وفي شهادة أخرى، صرخت ديما الأشقر بعدما ألقت الطائرات الإسرائيلية منشورات تطالب الأهالي بالنزوح: «أفقنا اليوم على المنشورات. أين نذهب؟ الناس ليس معهم مال. وضعنا تحت الصفر. هذا ظلم، هذا حرام».

أرقام مفزعة ومعاناة بلا أفق

الدفاع المدني في غزة أعلن مقتل ما لا يقل عن 87 شخصا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي، 70 منهم في مدينة غزة وحدها. ويستمر نزوح عشرات الآلاف من الأهالي نحو وسط القطاع وخان يونس، فيما يبقى آلاف آخرون مترددين بين خيارين أحلاهما مر: البقاء تحت القصف أو النزوح إلى المجهول وسط تكلفة مادية لا تطاق.

مدينة غزة، كبرى مدن القطاع وأكثرها اكتظاظا بالسكان، كانت تضم أكثر من مليون نسمة بحسب تقديرات الأمم المتحدة. اليوم، نصف مليون منهم على الأقل نزحوا هربا من الموت، فيما ينتظر البقية دورهم في طابور النزوح الطويل.

الخيار الوحيد أمام كثير من العائلات هو البقاء في مدينتهم المدمرة

شهادات الناجين من غزة تكشف مأساة إنسانية مركبة: قصف لا يهدأ، نزوح مرهق، فقر يحاصر الأهالي، وأمل مفقود في وقف الحرب. وفيما تواصل إسرائيل قصفها المكثف وتوزيع منشورات تطالب السكان بالنزوح، يبقى الخيار الوحيد أمام كثير من العائلات هو البقاء في مدينتهم المدمرة، مرددين عبارة تختصر كل شيء: «الموت أرحم».