الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الأخبار

لم يكن خطابا عابرا

هل كان تحذير السيسي لإسرائيل تهديداً أم إنذاراً؟ قراءة في تغطية الإعلام العبري لخطاب قمة الدوحة

الرئيس السيسي قي قمة الدوحة
-

سلّطت كافة وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم بالقاء ضوءًا كثيفًا على كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة الدوحة الطارئة بعد أن حذّر فيها من أن «سلوك إسرائيل المنفلت» قد يؤدي إلى انهيار اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب. التغطية العبرية استشعرت خطورة الرسالة وصدّر بعضها لفظ «تهديد غير مسبوق» في تاريخ العلاقات بين البلدين.

كيف قرأ الإعلام العبري رسالة السيسي؟

الرئيس عبد الفتاح السيسي يشارك في القمة العربية الإسلامية الطارئة بالعاصمة  القطرية الدوحة

تباينت عناوين وتحليل الصحف والمواقع الإسرائيلية بين مستويات القلق والتحذير:

  • بعض العناوين اعتبرت تصريحه تحذيراً صارماً يجب عدم تجاهله، ورأتها مؤشراً على تردّي الثقة بين القاهرة وتل أبيب.

  • أخرى وصفت الخطاب بأنه تهديد سياسي نادر، خصوصاً لكون السيسي ألمح صراحة إلى احتمال إلغاء أو إعادة النظر في اتفاقية السلام (اتفاقية كامب ديفيد/1979) إذا استمرت «السياسات المنفلتة».

  • تقارير ركّزت على أن ما قاله السيسي يضع تل أبيب أمام معادلة جديدة: حرصها على أمنها لن يتحقق في حال استمرار انتهاك سيادة دول ومواطنين في المنطقة، وأن عواقب ذلك قد تطال إقليمياً فرص التطبيع والتعاون.

عناصر أربكت المشهد الإسرائيلي

أبرز ما تناولته الصحافة العبرية من نقاط تجعل رسالة السيسي «ثنائية التأثير» عليها:

  1. خطاب صريح ومباشر: لم يكتفِ السيسي بالعبارات الدبلوماسية التقليدية بل خاطب إسرائيل مباشرة محذراً من عواقب أفعالها.

  2. ربط السلام بالأمن الإقليمي: ربط السيسي بين استمرارية الاتفاقيات وسلوك إسرائيل في الميدان، ما يضرب صورة «السلام كأمر ثابت» منذ 1979.

  3. صدى عربي واسع: حصول القمة على مشاركة عربية وإسلامية واسعة أعطاها زخماً سياسياً أكبر، وجعل التحذير أكثر ثقلاً لدى صانعي القرار الإسرائيليين والحلفاء الغربيين.

ماذا يعني ذلك عملياً؟

  • دبلوماسياً: رسالة السيسي تضع القاهرة في موقع الضامن الإقليمي الذي سيعيد تقييم علاقاته الثنائية في حال استمرار السياسات الإسرائيلية التي تراها مصر مهدِّدة للأمن والاستقرار.

  • استراتيجياً: إشارة مصر لامكانية مراجعة أو تجميد تعاملات أو تعاونات إن لزم، تمثل ورقة ضغط قوية لدى القاهرة، خصوصاً في مجالات استخباراتية وأمنية ولوجستية مشتركة (مثل معابر، أمن حدودي، تنسيق أمني).

  • إقليمياً: أي تقليل لدور القاهرة في منظومة السلام أو التنسيق مع إسرائيل قد يفتح المجال لتقلبات إقليمية تؤثر على جهود الوساطة وملفات مثل إعادة الإعمار واللاجئين والصفقات الإنسانية.

قراءة أسباب التصعيد الكلامي الآن

عدة عوامل قد تفسر لغة السيسي الحادة في القمة:

  • تصعيد عسكري إقليمي يتطلب موقفاً عربياً موحداً يحمِي مصالح الدول المجاورة.

  • رغبة مصر في استعادة زخم دورها القيادي الإقليمي وإعادة ضبط حدود التسويات التي قد تُعرض الأمن القومي المصري للخطر.

  • إشارة سياسية داخلية وخارجية بأن استمرار الوضع الحالي لن يمر دون تكلفة دبلوماسية.

لم تكن مجرد «خطاب عابر» بل إنذار واضح يحمل أبعاداً عملية وسياسية

رسالة السيسي في قمة الدوحة لم تكن مجرد «خطاب عابر» بل إنذار واضح يحمل أبعاداً عملية وسياسية قابلة للترجمة إلى إجراءات بحسب تطور الأحداث. الإعلام الإسرائيلي سجل ذلك وقرأ في الخطاب درجة غير مسبوقة من الجدية من جانب القاهرة. الردّ الإسرائيلي أو الردّ العربي على هذا التحذير سيحددان فيما لو كان الخطاب محطة تصعيد دبلوماسي مؤقتة أم بداية إعادة ضبط طويلة الأمد للعلاقات الإقليمية.