طرابلس على صفيح ساخن.. تحشيدات عسكرية ضخمة من مصراتة تهدد بصدام وشيك مع مليشيات الردع

تعيش العاصمة الليبية طرابلس حالة من التوتر غير المسبوق بعدما كشفت مصادر أمنية عن وصول أرتال عسكرية ضخمة من مدينة مصراتة، تضم أسلحة متوسطة ومدافع وراجمات صواريخ، لدعم رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة. هذه التحركات العسكرية التي تركزت بشكل خاص في المداخل الشرقية للعاصمة تنذر بصدام وشيك مع مليشيات الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة، المسيطرة على مطار معيتيقة الدولي.
وأكدت المصادر أن المجموعات المسلحة بدأت بالتمركز في محاور وسط العاصمة ومناطق عين زارة وعرادة وطريق الشط والسبعة، في خطوة تهدف إلى الضغط على قوات الردع لتسليم المطار، بالإضافة إلى تسليم مطلوبين محليين ودوليين بين صفوفها، إلى جانب عناصر مليشيات دعم الاستقرار المتحصنة داخل معيتيقة.
غضب شعبي وتصاعد التوتر
تزامناً مع هذه التحركات، تشهد طرابلس موجة غضب شعبي واسعة نتيجة الانتهاكات المستمرة التي تمارسها التشكيلات المسلحة، من قتل وخطف واستغلال للنفوذ، ما دفع مواطنين للخروج في مظاهرات عفوية تطالب بإنهاء سيطرة المليشيات على مقدرات الدولة وتحقيق العدالة في توزيع الثروات. هذه الأجواء جعلت العاصمة على صفيح ساخن وسط توقعات باندلاع مواجهات دامية إذا لم يتم احتواء التصعيد.
مسؤولية المجتمع الدولي
التصعيد الجديد يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية مضاعفة، إذ تتزايد الحاجة إلى تسريع جهود تفكيك المليشيات وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، تمهيداً لإجراء انتخابات شفافة تنقل القرار إلى الشعب الليبي بعيداً عن فوهات البنادق.
تحركات أممية
الأسبوع الماضي عقدت نائبة المبعوثة الأممية ستيفاني خوري اجتماعاً مع نائب وزير الدفاع عبد السلام الزوبي، وآمر قوة الردع عبد الرؤوف كارة، وعضو لجنة الترتيبات الأمنية محمود بن رجب، لبحث الوضع الأمني الراهن. وأكدت خلال الاجتماع على ضرورة الامتناع عن العنف والدخول في حوار شامل لمعالجة القضايا العالقة، مجددة التزام الأمم المتحدة بدعم جهود إصلاح القطاع الأمني ومنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مفتوحة.
محاولة اغتيال تزيد المشهد تعقيداً
الأوضاع المتوترة تزامنت مع تعرض معمر الضاوي، آمر الكتيبة 55 وأحد أبرز قادة المليشيات في ليبيا، لمحاولة اغتيال في منطقة قرقوزة بورشفانة، وهو ما زاد المشهد تعقيداً وأظهر هشاشة الوضع الأمني في محيط العاصمة.
خريطة طريق جديدة للأزمة
على صعيد آخر، كشفت المبعوثة الأممية هانا تيتيه في جلسة لمجلس الأمن الدولي عن خريطة طريق جديدة لحل الأزمة المستمرة منذ أكثر من 14 عاماً. وأوضحت أن الخطة تقوم على ثلاث ركائز رئيسية: إعداد إطار انتخابي سليم وقابل للتنفيذ لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، توحيد المؤسسات من خلال حكومة موحدة جديدة، وإنشاء حوار وطني واسع يشارك فيه مختلف مكونات الشعب الليبي لتعزيز الحوكمة وإعادة بناء الدولة.
طرابلس تقف أمام مفترق طرق خطير
طرابلس اليوم تقف أمام مفترق طرق خطير، فإما أن يتم احتواء الأزمة عبر الحوار السياسي وخطة الأمم المتحدة، أو أن تنزلق العاصمة إلى مواجهات دموية بين المليشيات المتصارعة على النفوذ. وبينما تشتعل التحشيدات العسكرية، يبقى الشعب الليبي الضحية الأولى لصراع لا ينتهي على السلطة والثروة.