تسجيل مسرب لجنرال إسرائيلي سابق يكشف دعوته لقتل 50 ألف فلسطيني في غزة كضرورة للأجيال القادمة

فجرت القناة 12 الإسرائيلية جدلاً واسعاً عقب نشرها تسجيلًا صوتيًا مسربًا للجنرال أهارون حاليفا، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي والذي تحدث فيه عن ضرورة قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة، معتبراً أن هذه "الخسائر البشرية" ضرورية للأجيال القادمة.
تفاصيل التسجيل المسرب
بحسب ما نشرته القناة العبرية، قال حاليفا في التسجيل: "مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة ضروري ومطلوب للأجيال القادمة. مقابل كل ما حدث في السابع من أكتوبر، مقابل كل شخص قُتل في ذلك اليوم، يجب أن يموت 50 فلسطينياً.. لا يهم الآن إن كانوا أطفالًا". وأضاف: "إن حقيقة وجود 50 ألف قتيل في غزة ضرورية ومطلوبة للأجيال القادمة، ولا خيار أمامهم – فهم يحتاجون بين الحين والآخر إلى نكبة ليشعروا بالثمن".
التصريحات المسربة، التي لم يُحدد تاريخها بدقة، أثارت صدمة كبرى، خصوصاً أن عدد الضحايا في غزة تجاوز بالفعل 50 ألف شخص بحلول مارس/آذار 2025، وفقاً لبيانات منظمات دولية.
خلفية عن حاليفا
الجنرال أهارون حاليفا كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية خلال أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما نفذت حركة حماس هجومها المفاجئ على جنوب إسرائيل، وأسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وخطف 250 آخرين. وفي أبريل/نيسان 2024 أعلن حاليفا استقالته من منصبه، محملاً نفسه "مسؤولية قيادية" عن الإخفاقات الأمنية، ليصبح أول ضابط كبير في الجيش يقدم على هذه الخطوة.
تبريرات متأخرة
عقب نشر التسجيلات، خرج حاليفا ليعلق قائلاً إنها أقوال جرى تداولها في "منتدى مغلق" وأبدى ندمه على ما صدر عنه، مشيراً إلى أن المقاطع التي تم نشرها "أجزاء جزئية لا تعكس الصورة الكاملة خاصة في قضايا معقدة ومصنفة للغاية".
غير أن هذه التبريرات لم تخفف من حدة الغضب، سواء داخل إسرائيل أو على المستوى الدولي، حيث اعتبر الكثيرون أن التصريحات تعكس العقلية العسكرية والسياسية السائدة في دوائر الاحتلال تجاه غزة.
تداعيات سياسية وأمنية
التسجيلات المسربة جاءت في وقت حساس تواجه فيه حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو انتقادات متصاعدة بسبب استمرار الحرب في غزة، وخططها المعلنة لاحتلال مدينة غزة بالكامل. كما أنها تفتح باباً واسعاً للنقاش حول مسؤولية القيادات العسكرية والسياسية عن الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين في القطاع، بما فيها الاستهداف المباشر للأطفال والنساء.
حاليفا من جانبه حاول أن يُلقي باللوم على القيادة السياسية وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، مؤكداً أن الإخفاقات التي أدت إلى هجمات 7 أكتوبر لم يكن الجيش وحده مسؤولاً عنها، بل شارك فيها المستوى السياسي بأكمله، نتيجة قناعة مغلوطة بأن حماس لن تقدم على هجوم واسع.
انتقادات دولية متصاعدة
التسجيل المسرب من شأنه أن يعزز الضغوط الدولية على إسرائيل، خاصة في ظل الاتهامات المستمرة بارتكاب جرائم حرب في غزة. منظمات حقوقية عديدة كانت قد اتهمت تل أبيب بانتهاج سياسة العقاب الجماعي واستهداف المدنيين بشكل متعمد. تصريحات حاليفا المسربة، حتى وإن حاول التراجع عنها، تمثل إقراراً صريحاً بمستوى التفكير داخل دوائر الاحتلال، وقد تُستخدم كدليل ضد إسرائيل في أي تحقيقات دولية مستقبلية.
رؤية عسكرية تعتبر القتل الجماعي للفلسطينيين وسيلة ردع للأجيال القادمة.
تسجيل حاليفا ليس مجرد زلة لسان، بل يكشف عن رؤية عسكرية تعتبر القتل الجماعي للفلسطينيين وسيلة ردع للأجيال القادمة. وبينما يحاول الجنرال السابق تبرير كلماته، فإن حجم الكارثة الإنسانية في غزة يضع إسرائيل أمام مرآة قاسية، ويزيد من عزلة حكومتها على الساحة الدولية، حيث تتزايد الأصوات المطالبة بوقف فوري للحرب ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد المدنيين.