وسط صدمة واستنكار دولي
مركبة أمريكية عسكرية تحمل ”شعار داعش” في الحسكة بسوريا

أثار ظهور مركبة عسكرية أمريكية تحمل كلمة "كافر" بجانب صليب مسيحي، أثناء تنفيذ دورية عسكرية قرب مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، موجة واسعة من الجدل والغضب، لتسارع قيادة التحالف الدولي لمحاربة داعش إلى إعلان فتح تحقيق رسمي في الواقعة، واصفة ما حدث بأنه "انتهاك للضوابط العسكرية ولا يعكس قيم القوات الأمريكية".
الصورة التي التُقطت نهاية الأسبوع الماضي وانتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهرت مركبة أمريكية أثناء تنفيذ دورية ضمن عمليات التحالف، وقد كُتبت عليها كلمة "كافر" باللغة العربية، وهي كلمة ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بخطاب تنظيم داعش الإرهابي، واستخدمها التنظيم كمبرر لعقود من العنف الممنهج، ليس فقط ضد غير المسلمين، بل ضد كل من يرفض أيديولوجيته، بما في ذلك مسلمون.
وجاء في بيان التحالف الدولي، الصادر يوم السبت، أن المركبة "كانت في مهمة رسمية في محيط مدينة الحسكة، وقد تم رصد وجود عبارات غير مصرح بها على جسمها، وهو أمر مخالف للوائح العسكرية". وأضاف البيان أن "قيادة التحالف ستتخذ الإجراءات التأديبية المناسبة ضد المسؤول عن الواقعة، وفقًا لقانون العدالة العسكرية الأمريكي".
وشدد البيان على أن ما حدث "لا يعكس الاحترافية التي يُفترض أن يتحلى بها عناصر التحالف، ولا يعبر عن احترامهم للشعب السوري أو التزامهم بالمهام الإنسانية والعسكرية"، مؤكدًا أن الحادثة لن تؤثر على "الهدف الأساسي للتحالف: تحقيق هزيمة مستدامة لتنظيم داعش في سوريا والعراق".
أبعاد رمزية خطيرة
الرموز المستخدمة في الواقعة أثارت استياء مراقبين وناشطين، كونها تُعيد إلى الواجهة مفردات وعبارات ارتبطت بعصر الإرهاب الدموي الذي مارسه داعش، خاصة كلمة "كافر" التي اكتسبت شهرة سلبية خلال ما يُسمى بـ"العصر الذهبي لداعش"، حيث استخدمها التنظيم لتبرير القتل والتكفير الجماعي ضد كل من لا يتبنى أيديولوجيته المتطرفة.
انسحاب أمريكي تدريجي من سوريا
الجدل تزامن مع إعلان الولايات المتحدة، مطلع يونيو الجاري، عن تقليص وجودها العسكري في سوريا. وكشف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا أن واشنطن قررت خفض عدد قواعدها من 8 إلى 3 قواعد فقط في محافظة الحسكة، مع تقارير تشير إلى سحب نحو 500 جندي خلال الأسابيع الماضية، ليبقى نحو 1500 جندي أمريكي داخل الأراضي السورية.
وتُشير هذه التحركات إلى توجه أمريكي نحو إعادة هيكلة استراتيجية التواجد في سوريا، بعد أكثر من عقد على تشكيل التحالف الدولي ضد داعش، الذي تعاون منذ عام 2014 مع قوات سوريا الديمقراطية (SDF) وقوات عربية محلية في صدّ التمدد الداعشي، خاصة في شمال وشرق سوريا.
التحالف الدولي في مأزق أخلاقي
حادثة المركبة تأتي في توقيت حساس، وتضع التحالف الدولي في مأزق أخلاقي أمام الرأي العام السوري والدولي، في ظل اتهامات مستمرة باستخدام أدوات "مشوهة للهوية الدينية" في إطار عسكري يفترض أن يُعزز الأمن ويحترم الخصوصية الثقافية والدينية للمجتمعات المحلية.
ويبقى السؤال المطروح: هل كان الأمر تصرفًا فرديًا غير منضبط؟ أم إشارة رمزية لها أبعاد أعمق من مجرد "كتابة خاطئة" على مركبة عسكرية؟ التحقيقات قد تكشف لاحقًا حجم الحادث وتبعاته، لكن المؤكد أن صورة "كافر + صليب" على مركبة أمريكية في أرض عربية، كانت كفيلة بإشعال غضب شعبي ورسمي، يستدعي ردًا حازمًا وشفافًا من الجهات الأمريكية.