مظاهرات حاشدة في طرابلس تطالب بإسقاط الأجسام السياسية وحل الملشيات

في مشهد يعيد للأذهان زخم الحراك الشعبي في ليبيا، شهدت العاصمة طرابلس مساء الجمعة 17 مايو 2025 مظاهرات شعبية حاشدة، جابت شوارع المدينة وتوجهت نحو مقر رئاسة الوزراء بطريق السكة، مطالبة بإسقاط "كافة الأجسام السياسية الحالية" وحل جميع التشكيلات المسلحة التي تسيطر على مفاصل الدولة الليبية منذ سنوات.
تجميد عمل المؤسسات السياسية
ردد المتظاهرون هتافات تدعو إلى إنهاء حالة الانقسام السياسي، وطالبوا المجلس الرئاسي الليبي بتجميد عمل كافة الأجسام السياسية، بما في ذلك الحكومات الموازية والمنبثقة عن الاتفاقات المتصارعة شرقًا وغربًا.
وتحمل هذه المطالب رسالة رفض واضحة من الشارع الليبي للطبقة السياسية الحالية، التي فشلت في إنهاء الانقسام وتنظيم انتخابات، وسط استمرار سيطرة الميليشيات والتشكيلات المسلحة على العاصمة والمناطق الحيوية في البلاد.
استقالة أول مسؤول حكومي استجابة للغضب الشعبي
في تطور لافت، أعلن وزير الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بدر الدين التومي، استقالته من منصبه، في استجابة مباشرة لمطالب المحتجين.
وفي بيان نشره مساء الجمعة، قال التومي:
"أقدم استقالتي للشعب الليبي، اصطفافًا وانحيازًا له، ودعمًا لتوجهه، واستكمالًا لمسيرة الإصلاح، وحقنًا لدماء الليبيين".
وأضاف أن ليبيا تمر بـ"أوقات عصيبة"، تستدعي أن يكون "صوت الحكمة والحق هو الصوت الوحيد"، داعيًا بقية المسؤولين إلى اتخاذ مواقف وطنية مماثلة.
تحذيرات دولية من التصعيد.. ودعوات للتهدئة
بدورها، أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بيانًا عاجلًا مساء اليوم، أكدت فيه على "حق الليبيين في التظاهر السلمي"، محذّرة في الوقت ذاته من أي ردود قمعية ضد المحتجين.
وقالت البعثة:
"الرد القمعي على المظاهرات السلمية من شأنه مفاقمة التوترات وتعقيد المشهد السياسي والأمني في ليبيا".
كما دعت جميع الأطراف الأمنية والعسكرية إلى "احترام حرية التعبير وحق التجمع السلمي"، مشددة على ضرورة ضبط النفس وتجنب التصعيد.
تراكمات من الفشل والانقسام
وتأتي هذه الاحتجاجات في ظل استمرار الشلل السياسي والانقسامات المؤسساتية في ليبيا، حيث لا تزال الانتخابات الرئاسية والتشريعية المؤجلة منذ 2021 معلّقة دون أفق واضح.
كما تعيش العاصمة طرابلس وعدد من المدن الليبية في ظل هيمنة جماعات مسلحة نافذة، تتقاسم السيطرة الأمنية والاقتصادية، ما فاقم من مشاعر الغضب الشعبي وأعاد الشارع إلى دائرة المواجهة.
ليبيا تقف على مفترق طرق
المشهد في طرابلس هذه الليلة قد لا يكون مجرد احتجاج عابر، بل بداية فصل جديد في العلاقة بين الشعب الليبي وطبقته السياسية.
فبين مطالبات شعبية متصاعدة بالإصلاح الجذري، واستقالات فردية، وصمت رسمي من باقي مراكز القرار، يبقى السؤال الأهم:
هل تفتح هذه المظاهرات الباب أمام تغيير حقيقي، أم أن السلطة ستلجأ مجددًا إلى الحلول الأمنية؟