ألمانيا تدعو إلى حل سياسي في غزة وتنتقد نهج إسرائيل دون المساس بأمنها

في موقف لافت يعكس تحولًا دبلوماسيًا محسوبًا في الخطاب الأوروبي تجاه الصراع في الشرق الأوسط، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، خلال زيارته إلى القدس المحتلة يوم الأحد 11 مايو 2025، أن الصراع في غزة لا يمكن حله عسكريًا، مشددًا على أن الحل السياسي الشامل يجب أن يعود إلى صدارة المشهد الدولي.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع مسؤولين إسرائيليين، أوضح الوزير الألماني أن بلاده تقف بكل وضوح إلى جانب أمن إسرائيل، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن ذلك "لا يعني القبول المطلق بكل ما تفعله الحكومة الإسرائيلية، ولا يمنع توجيه النقد حين يستدعي الموقف ذلك".
الأمن الإسرائيلي... لا يعني الصمت عن الأخطاء
قال فاديفول: "نحن ملتزمون التزامًا لا رجعة فيه بأمن إسرائيل، وسنبذل كل ما بوسعنا لضمان ذلك. لكن هذا لا يمنعنا من انتقاد بعض السياسات الإسرائيلية التي قد نراها متعارضة مع القانون الدولي أو الجهود الرامية لتحقيق السلام".
وأضاف أن بلاده ترفض بشكل قاطع أن تُفسّر الانتقادات الموجهة للحكومة الإسرائيلية على أنها "معاداة للسامية"، موضحًا أن "النقد السياسي لا يجب أن يُستخدم لتبرير الكراهية العرقية أو الدينية، سواء من هذا الطرف أو ذاك."
غزة جزء من الأراضي الفلسطينية
في تصريح يحمل دلالات سياسية قوية، أكد وزير الخارجية الألماني أن "غزة هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، وهذه حقيقة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها في أي مفاوضات قادمة."
وشكك الوزير في فعالية النهج العسكري الإسرائيلي في غزة قائلاً: "لسنا متأكدين مما إذا كانت العمليات العسكرية المتواصلة في غزة تخدم بالفعل أمن إسرائيل على المدى الطويل، فالمزيد من الدمار لن يجلب الأمن الحقيقي لأي طرف."
أولوية برلين: عودة الرهائن
وعن ملف الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، أشار فاديفول إلى أن حكومة برلين تضع هذه المسألة على رأس أولوياتها، قائلًا: "نعمل بالتنسيق مع شركائنا الدوليين من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن الإفراج عن الرهائن ووقف التصعيد".
وأضاف أن بلاده مستعدة للعب دور دبلوماسي نشط في التوسط بين الأطراف، مع الالتزام الكامل بمبادئ القانون الدولي وحماية المدنيين في كل من غزة وإسرائيل.
رسالة إلى المجتمع الدولي: لا بديل عن الدبلوماسية
وجه فاديفول رسالة مباشرة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن الدبلوماسية يجب أن تستعيد دورها المحوري في التعامل مع الأزمة، محذرًا من أن استمرار الوضع على ما هو عليه لن يؤدي إلا إلى مزيد من التطرف والانهيار الإنساني.
وقال: "نعلم أن الحل لن يأتي بين ليلة وضحاها، ولكن تجاهل البعد السياسي للصراع أو الاعتماد فقط على الحلول الأمنية لن ينتج عنه سوى دورات جديدة من العنف."
موقف ألماني متوازن... وتحذير ضمني
ويُفهم من تصريحات وزير الخارجية الألماني أن برلين تسعى إلى إعادة التوازن في موقفها التقليدي المساند لإسرائيل، مع الحرص على عدم تجاوز الخطوط الحمراء في علاقاتها مع الحكومة الإسرائيلية.
وبينما لم يوجه الوزير أي انتقاد مباشر لقيادة تل أبيب، إلا أن تأكيده على "فشل الوسائل العسكرية" وضرورة "العودة للحل السياسي" يمكن اعتباره رسالة ضغط غير مباشرة تطالب إسرائيل بتغيير نهجها الحالي في التعامل مع غزة.