تحالف أسرائيلي معلن مع دروز سوريا
أسرائيل تقصف مواقع قرب دمشق دعماً للدروز.. وتصعيد طائفي يُنذر بتفكك أوسع في سوريا

في تحرك عسكري هو الأول من نوعه منذ الإطاحة ببشار الأسد أواخر العام الماضي، أعلنت إسرائيل تنفيذ ضربة جوية ضد "مجموعة متطرفة" قرب دمشق، قالت إنها كانت تهاجم أبناء الطائفة الدرزية، في مؤشر خطير على تعمق الصراع الطائفي والمناطقي في سوريا، وتزايد الانخراط الإقليمي في المشهد السوري المتشظي.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، في بيان مشترك، أن الجيش الإسرائيلي نفّذ "ضربة تحذيرية" ضد مسلحين وصفهم بـ"المتطرفين" قرب بلدة صحنايا ذات الغالبية الدرزية، بينما كانوا يستعدون لمواصلة هجمات على سكان المنطقة.
وأضاف البيان:
"تم توجيه رسالة واضحة إلى النظام السوري: على دمشق أن تتحمل مسؤوليتها في حماية الدروز، وأي تقاعس سيفتح الباب أمام تدخلات مباشرة لحماية هذه الأقلية."
تصعيد غير مسبوق.. ومخاوف من اشتعال الجبهة الجنوبية
وقالت مصادر أمنية سورية لوكالة رويترز إن الضربة الإسرائيلية استهدفت نقطة تمركز تابعة لقوات الأمن السورية، وأسفرت عن مقتل أحد العناصر، في بلدة صحنايا القريبة من دمشق، والتي تشهد منذ يومين توترات طائفية دامية.
كما أفادت تقارير عن تضرر عدد من المباني والسيارات في موقع القصف، فيما لم يصدر تعليق رسمي من الجيش السوري حتى اللحظة. إلا أن وزارة الخارجية السورية أصدرت بياناً أكدت فيه "رفضها القاطع لجميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية"، دون أن تسمي إسرائيل بشكل مباشر.
وشددت الخارجية على أن الدولة السورية ملتزمة بحماية جميع مكونات الشعب السوري، بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية.
جذور التصعيد: تسجيل صوتي وإرث طائفي
بدأت شرارة الاشتباكات عندما انتشر تسجيل صوتي يُعتقد أنه مسيء للنبي محمد، نُسب إلى أحد أبناء الطائفة الدرزية في منطقة جرمانا، ما أشعل مواجهات دامية بين مسلحين دروز وآخرين سنة، أسفرت عن مقتل أكثر من 12 شخصًا مساء الثلاثاء، قبل أن تمتد الاشتباكات إلى بلدة صحنايا الأربعاء، وتُخلف أكثر من 20 قتيلاً بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، من بينهم 6 دروز و16 عنصراً من قوات الأمن ومقاتلين موالين للنظام.
وقالت مصادر ميدانية إن قوات تابعة لوزارة الداخلية السورية انتشرت بكثافة في المنطقة، بعد اتفاق بين الحكومة وشيوخ الدروز، ساهم في تهدئة الأوضاع بشكل جزئي، رغم استمرار إطلاق النار المتقطع.
إسرائيل تستثمر الفراغ وتُعلن تحالفها العلني مع الدروز
وتُعد هذه الضربة تطورًا نوعيًا في سياسة التدخل الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، حيث تعهدت تل أبيب منذ سقوط الأسد بـ"حماية الدروز" في الجنوب السوري، وسبق أن قامت بتفجير مستودعات أسلحة استراتيجية لمنع ما وصفته بـ"تسلّح التنظيمات الموالية لإيران".
ومن شأن هذا التدخل أن يعقّد مهمة الرئيس الجديد "أحمد الشرع"، القيادي السابق في تنظيم القاعدة، الذي يحاول منذ توليه السلطة تقديم نفسه كـ"رئيس توافقي" لجميع السوريين، لكن استمرار العنف الطائفي والاشتباكات بين المكونات السورية يقوض مزاعمه ببناء دولة جامعة.
تحول خطيرًا في مسار الأزمة السورية
الضربة الإسرائيلية قرب دمشق بذريعة حماية الدروز تُشكّل تحولًا خطيرًا في مسار الأزمة السورية، وتكشف عن تدويل متزايد للصراع الطائفي في ظل فراغ السلطة وضعف السيطرة المركزية. وبينما تحاول دمشق احتواء التصعيد، يبدو أن إسرائيل بدأت ترسم قواعد جديدة للتدخل المباشر تحت شعار "الحماية الإنسانية"، ما ينذر بمزيد من الانفجارات الإقليمية على الأرض السورية.