انقسامات داخل إسرائيل و”مظروف مغلق” يهز المنظومة الأمنية.. الشاباك يتحدى نتنياهو أمام المحكمة العليا

في تصعيد جديد يكشف عمق الانقسامات داخل مؤسسات الدولة العبرية، دخل رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" رونين بار في مواجهة قضائية مباشرة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعدما تحدّى قرار إقالته رسميًا عبر إفادة خطية قدمها إلى المحكمة العليا الإسرائيلية اليوم الأحد، مدعمًا ذلك بمظروف مغلق يحتوي على معلومات أمنية سرية.
وكان نتنياهو قد أعلن في مارس الماضي إقالة بار من منصبه، مبررًا القرار بفقدان الثقة، وهو ما صادقت عليه لاحقًا الحكومة الإسرائيلية، في خطوة أثارت موجة اعتراضات واسعة من قبل المعارضة ومؤسسات حقوقية، دفعت إلى تقديم التماسات قانونية تطعن في القرار.
مظروف مغلق أمام المحكمة.. وما خفي أعظم
وفقًا لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن إفادة بار التي سُلّمت للمحكمة تضمنت ردًا قانونيًا مفصّلاً على الاتهامات الموجهة له، إلى جانب مظروف مغلق يحتوي على ملفات أمنية حساسة يُعتقد أنها تسلط الضوء على ملابسات القرار وأبعاده الخفية.
ويُرجّح أن الوثائق السرية تتعلق بقضية تسريبات من داخل الشاباك، يُشتبه بضلوع مستشار رئيس الوزراء إيلي فيلدشتاين فيها، إلى جانب تحقيقات في علاقات مشبوهة تربط مكتب نتنياهو بدولة أجنبية.
المحكمة العليا تتدخل وتُجمّد قرار الإقالة
وكان من المقرر أن تدخل إقالة بار حيّز التنفيذ في 10 أبريل/نيسان الجاري، إلا أن المحكمة العليا أصدرت أمرًا بتعليق القرار، معتبرة أن خلفياته سياسية وغير قانونية، خاصة مع وجود تضارب مصالح وغياب مبررات مهنية.
ورفضت المحكمة طلبًا عاجلًا من نتنياهو لإلغاء قرار التعليق، مؤكدة أن الطلب استند إلى تقارير إعلامية لا يمكن اعتمادها كأدلة قانونية. كما نفت المحكمة ادعاء الحكومة بأن "صلاحيات مجلس الوزراء الأمنية قد صودرت".
انقسامات داخلية وخلافات حادة
المشهد داخل إسرائيل الآن يوحي بـ انقسام حاد بين رأس الحكومة والجهاز الأمني الأخطر في الدولة. وتكشف هذه المواجهة عن خلل عميق في منظومة صنع القرار داخل الحكومة الإسرائيلية، وتدهور مستوى التنسيق بين القيادة السياسية والمؤسسات الأمنية.
وكانت جلسة المحكمة التي عُقدت قبل أيام قد استمرت لأكثر من 10 ساعات، دون التوصل إلى أي تسوية بين الطرفين، وسط دعوات قضائية للحكومة والمدعية العامة غالي بهاراف-ميارا بالتفاوض على حل، لكن كلا الطرفين تمسك بموقفه.
استقالة مؤجلة أم معركة مستمرة؟
بينما ترددت أنباء إعلامية عن نية بار الاستقالة منتصف مايو المقبل، نفى جهاز الشاباك صحة هذه التقارير، مؤكدًا أنها محاولة للتأثير على مسار القضية القانونية. ويؤكد مراقبون أن إعلان استقالة وشيكة قد يسحب البساط من تحت أقدام المحكمة، ويضعف الحيثيات القانونية للمعركة القضائية.
أزمة تهدد استقرار المؤسسة الأمنية الإسرائيلية
تُعد قضية إقالة رونين بار واحدة من أخطر الأزمات الداخلية التي تواجه إسرائيل في السنوات الأخيرة، كونها تمس قلب جهاز الشاباك المسؤول عن الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب والتجسس.
وتشير تطورات القضية إلى أن الانقسامات بين نتنياهو ومؤسسات الأمن قد تجاوزت حدود الخلاف السياسي، لتدخل مرحلة كسر العظام القانونية والمؤسسية، ما يُنذر بمزيد من الاضطرابات داخل المشهد السياسي والأمني الإسرائيلي في المرحلة المقبلة.