الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

 حرب كلامية بلا مدافع

تركيا تكتفي بالتصريحات في مواجهة إسرائيل.. تصعيد سياسي بلا صدام عسكري وعلاقات تجارية بين الطرفين

نتنياهو واردغان
-

تشهد العلاقات بين تركيا وإسرائيل واحدة من أكثر مراحلها توترًا منذ سنوات، وسط تصعيد غير مسبوق في التصريحات السياسية والإعلامية، دون أن يواكب ذلك أي مواجهة عسكرية حقيقية على الأرض. ورغم اللهجة الحادة الصادرة من أنقرة، فإن الواقع يكشف عن مفارقة لافتة، تتمثل في استمرار العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، في وقت تتبادل فيه العاصمتان التهديدات والاتهامات.

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/5/50/Recep_Tayyip_Erdo%C4%9Fan_2018_%28cropped%29.jpg

معاريف: التوتر بلغ مستوى غير مسبوق

قالت صحيفة معاريف العبرية إن التوترات بين تل أبيب وأنقرة تتجه إلى مستويات غير مسبوقة، حيث بات مسؤولون أتراك كبار يتحدثون علنًا عن إمكانية المواجهة مع إسرائيل، بعد سنوات كان فيها هذا السيناريو يُعد ضربًا من الخيال السياسي.

وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات التركية الإسرائيلية انتقلت من:

  • تبادل اتهامات وتصريحات حادة

  • شتائم سياسية بين مسؤولين متوسطي المستوى

  • صدام إعلامي مباشر بين رجب طيب أردوغان و**بنيامين نتنياهو**

إلى نقاش علني حول احتمال مواجهة عسكرية مباشرة بين الجيشين، وهو تطور خطير في الخطاب، وإن ظل حتى الآن في إطار الكلام لا الفعل.

دبلوماسي تركي: إسرائيل لا تملك القدرة على مواجهة أنقرة

العلاقات الإسرائيلية التركية توشك على القطيعة | The Washington ...

تصدرت تصريحات السفير التركي السابق لدى ليبيا أولوس أوزولكار عناوين الصحف التركية والإسرائيلية، بعدما قدم تحليلًا صريحًا لإمكانية اندلاع مواجهة عسكرية بين البلدين.

وأكدت "معاريف" أن هذه التصريحات ليست مجرد خطاب شعبوي موجه للناخب التركي، بل محاولة لعقد مقارنة مباشرة بين القدرات العسكرية التركية والإسرائيلية.

أبرز ما جاء في تصريحات السفير التركي السابق:

  • لا توجد أي إمكانية لأن تتمكن إسرائيل، ومعها اليونان وجنوب قبرص، من مواجهة تركيا عسكريًا

  • إسرائيل لا تملك قوة بحرية قادرة على مجابهة البحرية التركية

  • إسرائيل لا تملك قوة برية قادرة على تنفيذ عملية عسكرية من سوريا أو لبنان

  • تل أبيب تعتمد على الاستخبارات (الموساد) وأساليب الخداع بدل المواجهة المباشرة

وأضاف:

«نتنياهو يرفع صوته ليبدو قائدًا شجاعًا، لكنه يعلم جيدًا أنه لا يستطيع محاربة تركيا.. لا يوجد تكافؤ بين الطرفين، وأي حرب قد تتطور إلى حرب عالمية ثالثة».

الاستخبارات وملف الأكراد في قلب الاتهامات

Benjamin Netanyahu - Wikipedia

لم تتوقف تصريحات السفير عند حدود المقارنة العسكرية، بل امتدت إلى ملف الاستخبارات والتنظيمات المسلحة، حيث قال إن:

  • الاستخبارات التركية قوية وقادرة على إحباط المحاولات الإسرائيلية

  • إسرائيل تصطدم بـجدار تركي منيع

  • حزب العمال الكردستاني انتهى عمليًا داخل تركيا وخارجها

  • تل أبيب، بحسب وصفه، تدعم هذا التنظيم في محاولة لإضعاف أنقرة

وهي اتهامات تعكس عمق انعدام الثقة بين الطرفين، وتُظهر أن الصراع لم يعد سياسيًا فقط، بل أمنيًا واستخباراتيًا أيضًا.

رادارات في سوريا.. صراع النفوذ يتسع

كشفت "معاريف" أن تركيا تسعى إلى نشر رادارات متطورة داخل سوريا، بهدف:

  • جمع معلومات دقيقة عن التحركات العسكرية في المنطقة

  • مراقبة النشاط الإسرائيلي بشكل خاص

وأوضحت الصحيفة أن هذه المحاولة جاءت بالتزامن مع زيارة مسؤولين أتراك رفيعي المستوى إلى دمشق للقاء الرئيس السوري، لكنها قوبلت بالرفض، بسبب الجدل حول الجهة التي ستسيطر على المعلومات الاستخباراتية.

وبحسب التقرير، فإن:

  • السوريين يرغبون في الاحتفاظ بالمعلومات لأنفسهم

  • الأتراك يسعون لاستخدامها ضمن صراعهم الإقليمي

  • ما يعكس تضارب المصالح حتى بين الحلفاء الظرفيين

نتنياهو يرد.. إف-35 في قلب الصراع

القوات البحرية التركية - ويكيبيديا

من جانبه، صعّد بنيامين نتنياهو من لهجته خلال خطاب ألقاه في حفل تخريج دورة طيارين في سلاح الجو الإسرائيلي، متطرقًا إلى احتمال حصول تركيا على مقاتلات إف-35 الأمريكية المتطورة.

وقال نتنياهو:

  • «سنواصل منعهم من الحصول على أفضل أدوات سلاح الجو»

  • «نحن لا نبحث عن صراعات، لكننا نراقب الوضع عن كثب»

  • «إسرائيل خرجت أقوى من أي وقت مضى، ولسنا قوة إقليمية فقط بل قوة عالمية»

كما أشار إلى إمكانية بيع طائرات إف-35 إلى السعودية وتركيا ودول أخرى، مؤكدًا أن إسرائيل ستسعى إلى إحباط أي صفقات تمس تفوقها العسكري.

المفارقة الكبرى: تصعيد سياسي وتجارة مستمرة

رغم كل هذا التصعيد الكلامي، يلفت مراقبون إلى مفارقة جوهرية:

  • لا توجد مواجهة عسكرية مباشرة

  • لا يوجد قطع كامل للعلاقات

  • التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل ما زال قائمًا

وتشير تقارير اقتصادية سابقة إلى أن:

  • حجم التبادل التجاري بين البلدين يُقدَّر بمليارات الدولارات سنويًا

  • تشمل العلاقات قطاعات: الطاقة، النقل، الزراعة، الصناعات التحويلية

  • الخطاب السياسي لا ينعكس بالكامل على الواقع الاقتصادي

وهو ما يدعم الرأي القائل إن تركيا تواجه إسرائيل بالتصريحات أكثر من الأفعال، وتستخدم الخطاب التصعيدي كأداة ضغط سياسي، دون الذهاب إلى مواجهة حقيقية قد تهدد مصالحها الاقتصادية والإقليمية.

حرب كلامية بلا مدافع

حتى الآن، يبدو أن الصراع التركي الإسرائيلي:

  • سياسي وإعلامي في الأساس

  • قائم على رسائل ردع متبادلة

  • محكوم بسقف المصالح الدولية والاقتصادية

وبينما ترفع أنقرة نبرة التحدي، وتلوّح تل أبيب بالقوة والتفوق العسكري، يبقى الواقع أقرب إلى حرب تصريحات، لا إلى حرب جيوش، في انتظار تطور قد يكسر هذا التوازن الهش.