على طريقة حكّام العالم الثالث.. ترامب يشترط خفض الفائدة لاختيار رئيس الاحتياطي الفيدرالي

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يريد من الرئيس المقبل لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) خفض أسعار الفائدة إذا كانت الأسواق في وضع جيد، في لهجة اعتبرها مراقبون أقرب إلى أسلوب حكام العالم الثالث في التعامل مع المؤسسات المستقلة.
وأضاف ترامب، بعبارة مباشرة وحادة:
«أي شخص يختلف معي لن يكون رئيسًا لمجلس الاحتياطي الاتحادي أبدًا»،
في إشارة واضحة إلى رغبته في رئيس بنك مركزي يدور في فلك البيت الأبيض، لا في إطار استقلال السياسة النقدية.
صدام متجدد مع جيروم باول

لم تكن هذه التصريحات مفاجئة، إذ لطالما دخل ترامب في خلافات علنية ومتكررة مع رئيس الاحتياطي الفيدرالي الحالي جيروم باول، بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة وتوقيتاتها، معتبرًا أن السياسة النقدية المتشددة تُقيّد النمو الاقتصادي.
وتنتهي ولاية باول رسميًا في مايو المقبل، ما فتح الباب مبكرًا أمام معركة سياسية – اقتصادية حول هوية الرئيس القادم لأهم مؤسسة نقدية في العالم.
اختيار مبكر لتقليص «قلق الأسواق»
تأتي تصريحات ترامب في وقت تكثّف فيه إدارته التحركات لاختيار الرئيس المقبل للاحتياطي الاتحادي، مع اقتراب نهاية ولاية باول. وخلال الأسابيع الماضية، ألمح ترامب ومسؤولون كبار في إدارته إلى أن عملية الاختيار ستبدأ مبكرًا، في محاولة – بحسب الرواية الرسمية – لتقليص حالة عدم اليقين في الأسواق المالية.

لكن محللين يرون أن الهدف الحقيقي هو فرض مرشح موالٍ سياسيًا، يتبنى سياسة نقدية أكثر تيسيرًا، خصوصًا في حال:
-
استمرار تباطؤ معدلات التضخم
-
تراجع الضغوط على سوق العمل
-
حاجة الإدارة لدعم النمو قبل الاستحقاقات السياسية المقبلة
استقلال البنك المركزي على المحك
![]()
لغة ترامب، التي تشترط التوافق السياسي بدل الكفاءة والاستقلال، أعادت إلى الواجهة تساؤلات خطيرة حول:
-
مستقبل استقلال الاحتياطي الفيدرالي
-
حدود تدخل السلطة التنفيذية في السياسة النقدية
-
تأثير ذلك على مصداقية الدولار والأسواق العالمية
ويرى خبراء أن هذا النهج يذكّر بنماذج الأنظمة السلطوية التي تُدار فيها البنوك المركزية بـ«أوامر رئاسية»، لا وفق معايير اقتصادية مستقلة.
سياسة نقدية «مفصّلة على مقاس البيت الأبيض»؟
![]()
تتوقع دوائر اقتصادية أن يفضّل ترامب:
-
رئيسًا للاحتياطي الفيدرالي يميل إلى خفض الفائدة بسرعة
-
دعم السيولة والأسواق المالية على المدى القصير
-
تجاهل المخاطر طويلة الأجل مثل التضخم وفقاعات الأصول
وهو ما قد يضع البنك المركزي الأميركي في اختبار تاريخي غير مسبوق بين الحفاظ على استقلاليته، أو الخضوع لإرادة سياسية مباشرة.
صراع على استقلال القرار النقدي في الولايات المتحدة.
تصريحات ترامب لا تعكس مجرد خلاف تقني حول أسعار الفائدة، بل تكشف عن صراع أعمق على استقلال القرار النقدي في الولايات المتحدة.
وبينما اعتاد العالم النظر إلى الاحتياطي الفيدرالي كنموذج للمؤسسات المستقلة، تفتح لهجة ترامب الباب أمام سيناريوهات أقرب إلى أساليب حكم العالم الثالث، حيث تُدار السياسة النقدية بالولاء لا بالمعايير.

