هيئة الدواء المصرية تتراجع رسميًا عن قرار إلغاء ترخيص صيدلية بمنتجع سياحي في مرسى علم

في خطوة وُصفت بأنها سابقة إدارية لافتة، تراجعت هيئة الدواء المصرية رسميًا عن قرارٍ سبق تنفيذه بإلغاء ترخيص صيدلية تعمل داخل نطاق مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر، وذلك عقب موجة من الشكاوى والدعاوى القضائية التي تقدم بها الدكتور هاني سامح بصفته وكيلاً قانونيًا عن صاحب الصيدلية.
قرار سحب رسمي بعد مراجعة شاملة
وبحسب المستندات الرسمية، جرى عرض الملف كاملًا على رئاسة الهيئة، التي انتهت إلى سحب قرار الإلغاء عبر قرار إداري حمل رقم 10 لسنة 2025، بما يُعيد الأثر القانوني للترخيص ويلغي تبعات القرار السابق.
ويعكس هذا التطور إقرارًا مؤسسيًا بأن القرار الإداري ليس معصومًا من المراجعة والتصويب متى تبيّن شوبه بعيوب قانونية أو إجرائية.
خلفية النزاع: قرارات وُصفت بالمتعنتة
أوراق الشكاوى والدعاوى أوضحت أن الصيدلي فوجئ بقرارات إدارية وُصفت بالمنعدمة تقضي بغلق صيدليات في نطاق البحر الأحمر، من بينها صيدليته الكائنة داخل أحد القطاعات السياحية.
واعتبر الدفاع أن هذه الإجراءات تُعصف بالسياحة والاستثمار وتُلحق ضررًا مباشرًا بالقطاع الدوائي، فضلًا عن مساسها بحقوق السائح والمريض، بما يخالف غايات الدولة ورؤية الجمهورية الجديدة الداعمة للاستثمار والسياحة العلاجية.
إقرار ضمني بصدور قرار الإلغاء ثم سحبه
وأقرت الهيئة في رد رسمي بأن قرار الإلغاء كان قد صدر بالفعل، غير أن تقديم الشكاوى والدعاوى القضائية أفضى إلى إعادة فحص الملف، وانتهى الأمر إلى إلغاء الأثر التنفيذي للقرار السابق بالسحب.
وتُعد هذه الخطوة تأكيدًا عمليًا لمبدأ المشروعية الإدارية وإمكانية تصحيح المسار عند ثبوت الخطأ.
مسار قضائي متوازٍ وطلب عاجل بوقف التنفيذ
بالتوازي، تضمنت الأوراق إقامة دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بطلب إلغاء القرار الإداري، مع شق عاجل لوقف التنفيذ، تأسيسًا على أن القرار يُمثل مساسًا بالترخيص خارج الحالات الحصرية التي نص عليها قانون مزاولة مهنة الصيدلة.
وطلبت الدعوى تمكين الصيدلية من الاستمرار في تقديم الخدمة تحت رقابة الجهة الإدارية، صونًا للمراكز القانونية المستقرة وحمايةً للمصلحة العامة.
الحصر التشريعي لحالات إلغاء الترخيص
استند الدفاع إلى المادة (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، والتي حددت على سبيل الحصر حالات إلغاء تراخيص المؤسسات الصيدلية، وهي:
-
عدم العمل بالترخيص خلال ستة أشهر
-
الغلق المتصل لمدة سنة ميلادية
-
النقل المخالف
وأكدت صحيفة الدعوى أن أي مساس بالترخيص خارج هذه الحالات يُعد افتئاتًا على نص خاص واجب التطبيق، ومخالفة صريحة لمبدأ المشروعية.

سند فني وقانوني من مجلس الدولة
وعزّز الدفاع أسانيده بالاستناد إلى فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 580 لسنة 1980، التي قررت صراحة أن:
-
تملك الصيدلية لا يُعد مزاولة لمهنة الصيدلة
-
اشتراط مزاولة المهنة يكون عند طلب الترخيص ابتداءً ولا يُشترط لاستمرار الترخيص
-
استمرار الملكية جائز متى توافر مدير مسؤول مرخص
وقد وُظف هذا السند لقطع الطريق على أي محاولة لربط بقاء الترخيص بأسباب لا تمس جوهر الاشتراطات التنظيمية للصيدلية طالما استوفت بنيتها القانونية والفنية.
مبدأ قضائي مستقر: الغلق النهائي بحكم قضائي فقط
أشارت الدعوى كذلك إلى مبدأ قضائي مستقر مؤداه أن:
-
حالات إلغاء التراخيص محددة على سبيل الحصر
-
الغلق الإداري للمنشآت يجب أن يكون محدد المدة (مؤقتًا)
-
لا يجوز الغلق النهائي إلا بحكم قضائي
دلالات القرار وأثره على الاستثمار والسياحة
يُعد سحب قرار الإلغاء رسالة طمأنة للمستثمرين والعاملين بالقطاع الصحي والسياحي في البحر الأحمر، ويؤكد أن القانون هو الفيصل، وأن مسارات التظلم والقضاء قادرة على تصويب القرارات الإدارية متى شابها خلل، بما يحفظ حقوق المرخص لهم ويضمن استمرار الخدمة الصحية في المناطق السياحية.

