الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

قصص الإعلام الإسرائيلي عن مصر لا تنتهي.. تقرير يحذّر من نية القاهرة إعادة تقييم اتفاقية السلام مع إسرائيل

توقيع اتفاقية كامب دافيد
-

لا يكاد يمر يوم واحد دون أن يخرج الإعلام الإسرائيلي بقصة جديدة عن مصر، تتراوح بين التحذير والتهويل، وبين بث المخاوف الاستراتيجية وصناعة القلق لدى الرأي العام الإسرائيلي.
وفي أحدث هذه السرديات، نشرت منصة إخبارية إسرائيلية تقريرًا مطولًا يحذر مما وصفته بـ نية مصر إعادة تقييم أو تعديل اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1979، في ضوء التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها المنطقة.

ويعكس هذا التقرير – كغيره من التقارير الإسرائيلية المتكررة – حالة ارتباك واضحة داخل دوائر التفكير والإعلام في تل أبيب، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية، وتآكل الهيمنة الأمنية التقليدية، وتصاعد الدور المصري سياسيًا وعسكريًا.

ماذا قالت منصة “ناتسيف” الإسرائيلية عن مصر؟

بحسب ما نشرته منصة “ناتسيف” الإخبارية الإسرائيلية، فإن القاهرة تتجه نحو إعادة تقييم اتفاق السلام مع إسرائيل، الموقع عام 1979، معتبرة أن هذه الخطوة تأتي في سياق مراجعة أوسع للترتيبات الأمنية والسياسية في المنطقة.

وادعت المنصة أن هذه التحركات تتزامن مع تقارير عن زيارة محتملة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن، رغم تأكيد مصادر مطلعة – بحسب التقرير نفسه – عدم وجود نية حاليًا لعقد لقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي خلال الزيارة المحتملة.

مزاعم حول تحركات عسكرية مصرية في سيناء

اتفاقيات كامب ديفيد - ويكيبيديا

4

أخطر ما ورد في التقرير الإسرائيلي، هو ادعاء أن تقارير استخباراتية إسرائيلية رصدت قيام الجيش المصري بنشر أنظمة دفاع جوي متقدمة في شبه جزيرة سيناء، وعلى رأسها منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9B.

ووصفت منصة “ناتسيف” هذه الخطوة بأنها:

“انتهاك صارخ لبنود اتفاق السلام”،
بحجة أن الاتفاق يفرض قيودًا صارمة على حجم ونوعية التواجد العسكري المصري في سيناء.

في المقابل، أقر التقرير نفسه بأن القاهرة تبرر هذه الإجراءات بالحاجة إلى:

  • تعزيز قدراتها الدفاعية

  • حماية المجال الجوي المصري

  • مواجهة التهديدات المتصاعدة في شمال سيناء

وذلك حتى لو تعارض – من وجهة النظر الإسرائيلية – مع “الالتزامات التاريخية” المنصوص عليها في الاتفاق.

اتفاقية السلام 1979.. قراءة إسرائيلية قلقة

معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل - ويكيبيدياتتعامل النخب السياسية والإعلامية في إسرائيل مع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية باعتبارها حجر الزاوية في أمن إسرائيل الاستراتيجي على الجبهة الجنوبية.

لكن التقرير الإسرائيلي يعكس قلقًا متزايدًا من أن:

  • مصر لم تعد تنظر إلى الاتفاق باعتباره إطارًا جامدًا

  • التغيرات الأمنية فرضت واقعًا جديدًا على الأرض

  • التنسيق الأمني السابق لم يعد كافيًا لمواجهة التهديدات

وتقر “ناتسيف” بأن ما تصفه بـ “التصعيد العسكري المصري” في سيناء:

“ليس وليد اللحظة، بل يجري على الأرض منذ سنوات”،
دون أن يواجه – بحسب زعمها – رد فعل حقيقي من القيادة الإسرائيلية أو ضغوط فعالة على الإدارة الأمريكية.

هجوم داخلي على القيادة الإسرائيلية نفسها

في لافتة نادرة، لم يكتفِ التقرير بتوجيه الاتهامات لمصر، بل شن هجومًا حادًا على القيادة السياسية الإسرائيلية، معتبرًا أنها:

  • منشغلة بـ “البقاء السياسي الشخصي”

  • عاجزة عن قراءة التحولات الاستراتيجية

  • لا تولي اهتمامًا كافيًا للتحديات بعيدة المدى

ورأت المنصة أن النخبة الحاكمة في إسرائيل تضع استمرارها في السلطة فوق اعتبارات الأمن القومي، حتى لو جاء ذلك على حساب “الثوابت الاستراتيجية للدولة”.

تحذير إسرائيلي صريح: مصر ستطلب المزيد

اختتمت “ناتسيف” تقريرها بتحذير مباشر لصناع القرار في إسرائيل، جاء فيه:

“في اليوم التالي لأي موافقة إسرائيلية على تعديل اتفاق السلام، ستعود مصر لخرقه مجددًا، مطالبة بمزيد من التغييرات.”

وذهبت المنصة إلى تعميم أيديولوجي واضح، معتبرة أن:

“العرب ينظرون إلى كل اتفاق على أنه مجرد نقطة انطلاق لتحقيق ما فشلوا في الحصول عليه عبر المفاوضات المباشرة.”

وهو خطاب يعكس عقلية أمنية تقليدية لا تزال ترى المنطقة من منظور الصراع الصفري، وتتجاهل المتغيرات الواقعية.

صفقة الغاز.. ندم إسرائيلي متأخر؟

في لهجة ساخرة لاذعة، تساءلت المنصة:

“هل كان توقيع صفقة الغاز الضخمة مع مصر في هذا التوقيت مبررًا؟ بالتأكيد لا.”

بل وذهبت إلى أبعد من ذلك، ووصفت إسرائيل بأنها:

“تابع أمريكي يرقص على إيقاع سادته!”

وهو اعتراف غير مباشر بعمق الأزمة الاستراتيجية داخل مراكز التفكير الإسرائيلية، وعجزها عن صياغة سياسة مستقلة في ظل المتغيرات الدولية.

قراءة تحليلية: لماذا يضخّم الإعلام الإسرائيلي الدور المصري؟

معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل - ويكيبيديا

يمكن قراءة هذه التقارير في إطار أوسع، حيث تعكس:

  • قلقًا إسرائيليًا متزايدًا من تعاظم القدرات العسكرية المصرية

  • فشلًا في التنبؤ بالسياسات المصرية المستقلة

  • إدراكًا متأخرًا بأن ميزان القوى الإقليمي لم يعد ثابتًا

  • خوفًا من أن تصبح اتفاقية السلام موضوعًا للمراجعة لا “خطًا أحمرًا”

وفي المقابل، تلتزم مصر – رسميًا – بخطاب هادئ، يركز على السيادة الوطنية، وحماية الأمن القومي، دون الانجرار إلى سجالات إعلامية أو تهديدات مباشرة.

الإعلام الإسرائيلي بين التحذير والتهويل

ما يطرحه الإعلام الإسرائيلي اليوم عن مصر ليس جديدًا، لكنه أكثر حدة وقلقًا.
فبين التحذير والتهويل، تعكس هذه التقارير حقيقة واحدة:
إسرائيل تخشى مصر قوية، مستقلة، قادرة على إعادة تعريف قواعد اللعبة الإقليمية.