اليمن على حافة المجاعة الشاملة.. شعبٌ يواجه الجوع بين فشل الشرعية واستبداد المليشيات

في مشهد إنساني بالغ القسوة، يتواصل نزيف المعاناة داخل اليمن، حيث لم يعد الجوع خطرًا محتملًا، بل واقعًا يوميًا يطحن ملايين اليمنيين شمالًا وجنوبًا، وسط فشل الحكومة الشرعية في بسط السيطرة وإدارة الأزمة، واستمرار سياسات مليشيات الحوثي التي عمّقت الانهيار الاقتصادي والإنساني، لتصبح البلاد واحدة من أخطر بؤر الجوع في العالم خلال عام 2025.

ناقوس خطر أممي: ثلث الأسر في مناطق الحوثيين تعاني الجوع

دقّ تقرير أممي حديث صادر عن برنامج الغذاء العالمي ناقوس الخطر، محذرًا من اتساع رقعة الجوع بشكل غير مسبوق في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي شمالي اليمن، نتيجة توقف المساعدات الغذائية، وغياب مصادر الدخل، واستمرار الحرب وتبعاتها.

وبحسب التقرير الشهري للأمن الغذائي:

• 32% من الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من جوع متوسط إلى حاد

• مقابل 25% فقط في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا

وهو ما يعكس فجوة إنسانية خطيرة بين مناطق النفوذ المختلفة، لكنها في المحصلة تُظهر أن اليمن كله غارق في أزمة غذاء شاملة.

انهيار غذائي عند مستوى الأزمة وما فوقها

المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي

أكد التقرير أن ملايين الأسر في مناطق الحوثيين وصلت إلى:

• مرحلة الأزمة (IPC 3)

• أو مراحل أسوأ، تشمل حالات الطوارئ الغذائية

وأوضح أن:

أسرة واحدة من كل خمس أسر تعاني فجوات حادة في استهلاك الغذاء، مصحوبة بسوء تغذية حاد مرتفع أو أعلى من المعتاد.

وهي مؤشرات تُنذر بانتقال الوضع سريعًا من الجوع إلى المجاعة إذا استمر غياب التدخل الفاعل.

استراتيجيات البقاء القاسية.. حين يصبح الجوع أسلوب حياة

التضحية بالغذاء من أجل البقاء

كشف برنامج الغذاء العالمي أن السكان اضطروا لاستخدام استراتيجيات تكيّف قاسية، أبرزها:

• الاستغناء عن وجبات رئيسية

• تقليل الكميات اليومية

• الاعتماد على أغذية منخفضة القيمة الغذائية

وسجل التقرير:

• 66% من الأسر في مناطق الحوثيين استخدمت استراتيجيات قاسية

• مقابل 58% في مناطق الحكومة الشرعية

في صورة تُظهر أن الجوع لم يعد طارئًا، بل أسلوب بقاء يومي.

الأطفال أولًا.. والبالغون ضحية صامتة

أشار التقرير إلى ظاهرة إنسانية مؤلمة:

• 49% من الأسر في مناطق الحوثيين قلّصت استهلاك البالغين للغذاء لصالح الأطفال

• مقابل 44% في مناطق الحكومة

وهو ما يعكس:

• تفشي الفقر المدقع

• وانهيار القدرة على تأمين الغذاء الأساسي

• وارتفاع مخاطر سوء التغذية المزمن بين الكبار والأطفال على السواء

لماذا تتفاقم الأزمة في مناطق الحوثيين؟

حدد برنامج الغذاء العالمي الأسباب الرئيسية لتدهور الوضع، وفي مقدمتها:

• تعليق المساعدات الغذائية لفترات طويلة

• غياب فرص كسب العيش

• تجنيد الموارد لصالح المجهود الحربي

• استغلال المساعدات وتحويلها لأغراض سياسية وعسكرية

وهو ما جعل مناطق الحوثيين تضم النسبة الأكبر من المحتاجين مقارنة بمناطق الحكومة الشرعية.

فشل الحكومة الشرعية.. الغائب الأكبر عن المشهد

ورغم أن الأزمة أشد قسوة في مناطق الحوثيين، إلا أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا لم تنجُ من الاتهام، إذ:

• فشلت في إدارة الموارد المحدودة

• عجزت عن توحيد المؤسسات الاقتصادية

• أخفقت في حماية العملة ومنع الانهيار المعيشي

• لم تنجح في فرض نموذج حكم قادر على استعادة ثقة المواطن

وبين سلطة مليشياوية شمالًا وحكومة عاجزة جنوبًا، وجد المواطن اليمني نفسه وحيدًا في مواجهة الجوع.

2025.. ذروة تاريخية لانعدام الأمن الغذائي في اليمن

أكد التقرير أن عام 2025 مثّل الذروة الأخطر في تاريخ الجوع باليمن، حيث صنّفت:

• منظومة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي

• شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة

• مؤشر بؤر الجوع

• مؤشر الجوع العالمي

اليمن ضمن أكثر دول العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي، في إجماع دولي غير مسبوق.

شعب يُعاقَب بالجوع ودولة بلا دولة

ما يحدث في اليمن اليوم ليس أزمة إنسانية عابرة، بل انهيار شامل للدولة والمجتمع، حيث:

• تُستخدم المعاناة كسلاح

• ويُترك الشعب فريسة للجوع

• وتُدار البلاد بلا رؤية، ولا سيادة، ولا مسؤولية

إن استمرار هذا الوضع ينذر بانفجار إنساني وأمني أكبر، لن تتوقف تداعياته عند حدود اليمن، ما لم يتم:

• إنهاء هيمنة المليشيات

• إصلاح عميق لأداء الحكومة الشرعية

• واستئناف عاجل وغير مشروط للمساعدات الإنسانية