إسرائيل تستعد لاستعداء واشنطن ضد طهران

تصعيد صاروخي إيراني، وضغوط إسرائيلية على ترامب، ومناورة إقليمية متعددة الجبهات

في وقت تشهد فيه المنطقة حالة من التوتر المتصاعد، تتحرك إسرائيل بخطوات مدروسة لإعادة وضع إيران في صدارة أجندة المواجهة مع الولايات المتحدة، مستغلة المخاوف الأمنية، وتضخيم التهديد الصاروخي، وفتح جبهات ضغط سياسية وإعلامية متزامنة تمتد من غزة واليمن إلى واشنطن. وتبدو تل أبيب اليوم أكثر إصرارًا على دفع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو خيار عسكري جديد ضد طهران، في ظل تقديرات إسرائيلية ترى أن الفرصة السياسية والعسكرية باتت مواتية.

قلق إسرائيلي متزايد من برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني

بحسب تقارير أمريكية، أبرزها ما نشرته شبكة NBC News، فإن دوائر صنع القرار في إسرائيل تبدي قلقًا بالغًا من تسارع وتيرة إعادة بناء وتوسيع برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، الذي كان قد تعرض لأضرار جسيمة جراء ضربات إسرائيلية وأمريكية سابقة.

وترى إسرائيل أن إيران لم تكتفِ بترميم ما تضرر، بل تسعى إلى زيادة القدرة الإنتاجية للصواريخ الباليستية، سواء من حيث العدد أو المدى أو الدقة، وهو ما تعتبره تل أبيب تهديدًا مباشرًا يتجاوز البعد النووي التقليدي.

تهديد يتجاوز النووي

وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن الخطر الأكثر إلحاحًا في المرحلة الراهنة لا يتمثل فقط في تخصيب اليورانيوم، بل في الكم الهائل من الصواريخ التي قد تمتلكها إيران، والتي يمكن استخدامها في أي مواجهة مستقبلية لإغراق منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية.

نتنياهو وترامب.. اجتماع حاسم في «مار إيه لاغو»

من المنتظر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجع مار إيه لاغو بولاية فلوريدا، في لقاء يوصف داخل الأوساط الإسرائيلية بأنه محوري وحاسم.

أجندة إسرائيلية واضحة

يسعى نتنياهو خلال الاجتماع إلى:

• إقناع ترامب بأن إيران تمثل تهديدًا فوريًا

• إعادة طرح خيار الضربات العسكرية

• تحميل طهران مسؤولية زعزعة استقرار الإقليم

• ربط الملف الإيراني بأمن المصالح الأمريكية

ويراهن نتنياهو على شخصية ترامب الصدامية، وعلى رغبته في تسجيل إنجازات عسكرية سريعة، خاصة مع اقتراب استحقاقات سياسية داخلية في الولايات المتحدة.

أربعة سيناريوهات عسكرية على طاولة واشنطن

وفقًا لمصادر مطلعة، سبق لإسرائيل أن عرضت على ترامب أربعة خيارات للتحرك العسكري ضد إيران، وهي:

H3: الخيارات المطروحة

1. تحرك إسرائيلي منفرد

2. دعم أمريكي محدود

3. عملية عسكرية مشتركة

4. هجوم أمريكي كامل

وكان ترامب قد اختار في يونيو/حزيران الماضي خيار العملية المشتركة، فيما تشير التقديرات إلى أن نتنياهو قد يعيد طرح السيناريوهات ذاتها، مع التركيز على الخيار الثالث بوصفه الأقل كلفة سياسيًا لواشنطن.

«مطرقة منتصف الليل».. ضربة لم تُنهِ القلق

الضربات الأمريكية المعروفة باسم عملية «مطرقة منتصف الليل»، والتي نُفذت في يونيو الماضي بمشاركة قاذفات B-2 وغواصات، استهدفت منشآت نووية إيرانية، وأعلن ترامب حينها أنها «دمّرت البرنامج النووي الإيراني».

إلا أن تقييمات استخباراتية لاحقة شككت في حجم الأضرار، معتبرة أن إيران قادرة على إعادة البناء خلال فترة زمنية متوسطة، خاصة إذا تمكنت من استعادة منظومات الدفاع الجوي.

الصواريخ الباليستية.. الخطر الحقيقي من وجهة نظر إسرائيل

ترى إسرائيل أن امتلاك إيران آلاف الصواريخ الباليستية شهريًا يمثل الخطر الأكبر، وليس مجرد التخصيب النووي.

أرقام مقلقة

• تقديرات تشير إلى قدرة إنتاج تصل إلى 3000 صاروخ شهريًا

• إمكانية استخدام الصواريخ لحماية منشآت نووية

• صعوبة اعتراض الكثافة الصاروخية في أي حرب مستقبلية

ويعترف مسؤولون إسرائيليون بأن منظومات الدفاع الجوي، رغم تطورها، لا تستطيع اعتراض كل الصواريخ في حال هجوم واسع النطاق.

اليمن، غزة، وورقة الضغط الإقليمي

لا تنفصل التحركات الإسرائيلية ضد إيران عن سياق إقليمي أوسع، يشمل:

• تصعيد الحوثيين في اليمن

• استمرار الحرب في غزة

• التوتر على الجبهة اللبنانية

• تعطيل المساعدات عبر معبر رفح

مناورة سياسية

تسعى إسرائيل إلى:

• تصوير إيران كقائد لمحور تهديد شامل

• ربط الحوثيين مباشرة بطهران

• الضغط على واشنطن عبر ورقة الملاحة الدولية

• توظيف المعاناة الإنسانية سياسيًا

موقف واشنطن.. بين الردع والدبلوماسية

في الوقت الذي تضغط فيه إسرائيل نحو التصعيد، تبدي واشنطن إشارات متناقضة:

• تصريحات عن الانفتاح على التفاوض

• تحذيرات شديدة من إعادة بناء البرامج الصاروخية

• تأكيد الجاهزية العسكرية

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، مؤكدة أن أي محاولة لإعادة البناء ستقابل برد حاسم.

هل تنجح إسرائيل في جرّ أمريكا إلى حرب جديدة؟

يبقى السؤال الأهم:
هل تنجح إسرائيل في استعداء الولايات المتحدة ضد إيران مجددًا؟

الواقع يشير إلى:

• وجود رغبة إسرائيلية واضحة

• استعداد أمريكي مشروط

• بيئة إقليمية شديدة التعقيد

• مخاطر فتح جبهات متعددة

وفي ظل غياب حل سياسي شامل، واستمرار سياسة حافة الهاوية، تبدو المنطقة مقبلة على مرحلة تصعيد محسوب، قد ينفجر في أي لحظة إذا تلاقت الحسابات الخاطئة.