الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

قوة دولية في غزة تحت قيادة واشنطن: اتصالات أمريكية مع إثيوبيا وباكستان وسط مخاوف عربية وإقليمية من خطة ترامب

ترامب وابي احمد
بوابة الصباح اليوم وكالات الانباء -

كشفت تقارير غربية عن تحركات أمريكية مكثفة لإعادة إحياء خطة دولية مثيرة للجدل تقودها واشنطن، تقوم على نشر قوة أمن دولية في غزة ضمن ما تصفه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ«خطة السلام». وبينما تتزايد الضغوط لإيجاد دول تشارك في هذه القوة، تبرز إثيوبيا وباكستان وإندونيسيا كأسماء مطروحة على الطاولة، وسط تحفظات عميقة ومخاوف إقليمية من الانخراط في نزاع مسلح معقّد.

واشنطن تتحرك نحو إفريقيا: تواصل مباشر مع إثيوبيا

طلب أمريكي رسمي من أديس أبابا

بحسب ما أفاد به دبلوماسيان غربيان لموقع «تايمز أوف إسرائيل»، فإن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تواصل خلال الأيام الماضية مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، طالبًا منه المساهمة بقوات إثيوبية في قوة الأمن الدولية المزمع نشرها في قطاع غزة.

ووفق المصادر، جاء الطلب الأمريكي في إطار جهود حثيثة تقودها واشنطن لتأمين غطاء دولي وعسكري لخطة نشر ما يُعرف بـقوة التثبيت الدولية (International Stabilization Force – ISF)، والتي تُعد ركيزة أساسية في رؤية ترامب لترتيبات ما بعد الحرب في غزة.

غموض حول طبيعة المحادثات

لم يكشف موقع «تايمز أوف إسرائيل» عن تفاصيل إضافية تتعلق بفحوى المحادثة بين روبيو وآبي أحمد، سواء من حيث:

  • عدد القوات المطلوبة

  • طبيعة المهام

  • الإطار الزمني للانتشار

  • أو الصلاحيات الممنوحة للقوة

وهو ما يعكس، بحسب مراقبين، حساسية الطرح الأمريكي ومحاولة تمريره تدريجيًا دون إعلان رسمي واسع.

خطة ترامب لغزة: قوة تثبيت دولية أم إدارة أمنية جديدة؟

ما هي قوة التثبيت الدولية (ISF)؟

أميركا تسعى لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام - الاتحاد للأخبار

تندرج القوة الدولية المقترحة ضمن خطة ترامب للسلام في غزة، والتي تهدف – وفق الرؤية الأمريكية – إلى:

  • فرض الاستقرار الأمني بعد وقف إطلاق النار

  • منع عودة المواجهات المسلحة

  • إعادة ترتيب المشهد الأمني والإداري في القطاع

إلا أن هذه الخطة تواجه انتقادات حادة، بسبب تعارضها مع الواقع السياسي الفلسطيني، ورفض قوى إقليمية وعربية تحميل جيوشها مسؤولية صراع معقّد لا تملك السيطرة على أبعاده.

تناقض في المهام المعلنة

تشير المصادر الغربية إلى مفارقة لافتة في الخطة الأمريكية:

  • من جهة، تؤكد واشنطن أن القوة الدولية لن تشارك في قتال مباشر ضد حركة حماس

  • ومن جهة أخرى، تنص مسودة وقف إطلاق النار المقترحة من ترامب على أن القوة الدولية ستكون مسؤولة عن فرض استسلام حماس وتسليم جميع أسلحتها

هذا التناقض يثير تساؤلات جوهرية حول:

  • طبيعة الاشتباك المحتمل

  • حدود استخدام القوة

  • واحتمال انزلاق القوة الدولية إلى مواجهة مباشرة مع الفصائل الفلسطينية

باكستان في قلب المشاورات… وتحفظات واضحة

اجتماعات متواصلة مع ترامب

كشفت مصادر لوكالة «رويترز» في 17 ديسمبر أن كبار المسؤولين العسكريين في باكستان عقدوا اجتماعات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القوة الدولية المقترحة لغزة، مع الإعداد لعقد اجتماع ثالث قريبًا لمناقشة تفاصيل إضافية.

وكانت باكستان قد شاركت سابقًا في توقيع خطة ترامب لغزة، ما وضعها في دائرة الضوء كأحد المرشحين الرئيسيين للمساهمة بقوات.

موقف باكستان من نزع سلاح حماس

رغم هذا الانخراط السياسي، أكدت إسلام آباد بوضوح أنها غير مستعدة للمشاركة في نزع سلاح حركة حماس. وفي هذا السياق، قال إسحاق دار، نائب رئيس وزراء باكستان ووزير خارجيتها، إن:

«نزع سلاح حماس ليس من مسؤوليتنا، بل هو مهمة أجهزة إنفاذ القانون الفلسطينية».

ويعكس هذا التصريح خطًا أحمر باكستانيًا، يرفض الزج بالجيش في صدام مباشر مع فصائل فلسطينية، لما يحمله ذلك من تداعيات سياسية وأمنية داخلية وخارجية.

موافقة مبدئية مشروطة

أوضح إسحاق دار أن رئيس الوزراء شهباز شريف وافق مبدئيًا على فكرة إرسال قوات، لكنه شدد على أن:

  • القرار النهائي مرهون بمعرفة تفاصيل المهام

  • نطاق العمل والصلاحيات

  • قواعد الاشتباك

  • والإطار القانوني الدولي

وهي شروط تعكس حالة التردد وعدم اليقين التي تحيط بالخطة الأمريكية.

إندونيسيا تدخل المشهد… بحذر

تعهد أولي ثم تحفظ

في السياق ذاته، كشفت المصادر أن إندونيسيا، التي كانت قد تعهدت في مرحلة سابقة بتقديم ما يصل إلى 20 ألف عنصر حفظ سلام، أبدت لاحقًا تحفظات جدية بشأن المشاركة الفعلية في القوة الدولية لغزة.

ويرى محللون أن الموقف الإندونيسي يعكس:

  • ضغوطًا داخلية من الرأي العام

  • حساسية المشاركة في ملف فلسطيني معقّد

  • مخاوف من استغلال القوة الدولية سياسيًا

قلق عربي وإقليمي متصاعد

مخاوف من «تدويل الصراع»

واشنطن تعد خطة لتشكيل قوة دولية لنشرها في غزة - الاتحاد للأخبار

تعكس التقارير الأخيرة قلقًا عربيًا وإقليميًا واسعًا من فكرة إجبار دول – خاصة من العالم الإسلامي – على المشاركة في نزاع مسلح داخل غزة، تحت غطاء دولي، دون وجود:

  • حل سياسي شامل

  • توافق فلسطيني داخلي

  • أو ضمانات بعدم الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة

ويخشى مراقبون أن تتحول القوة الدولية إلى:

  • أداة لإدارة الصراع بدل حله

  • أو غطاء لإعادة تشكيل الواقع الأمني في غزة بما يخدم أطرافًا بعينها

غزة بين «السلام المفروض» والواقع المعقّد

يرى محللون أن خطة ترامب، بصيغتها الحالية، تتجاهل جذور الأزمة في غزة، وتعتمد على مقاربة أمنية بالأساس، دون معالجة:

  • الحصار

  • إعادة الإعمار

  • الحقوق السياسية للفلسطينيين

وهو ما يجعل أي قوة دولية عرضة للفشل، أو للتحول إلى طرف في النزاع بدل أن تكون وسيطًا للاستقرار.

هل تنجح واشنطن في حشد قوة دولية لغزة؟

بين التحركات الأمريكية المتسارعة، والتحفظات الباكستانية، والحذر الإندونيسي، والغموض الإثيوبي، تبدو خطة نشر قوة دولية في غزة محاطة بعقبات سياسية وأمنية جسيمة. فالدول المرشحة للمشاركة ترفض تحمّل كلفة مواجهة مفتوحة، فيما يظل مستقبل غزة مرهونًا بحلول سياسية غائبة.

ويبقى السؤال الأهم:
هل تسعى واشنطن فعليًا إلى سلام مستدام في غزة، أم إلى ترتيب أمني مؤقت يُلقي بأعبائه على أطراف دولية، دون معالجة جوهر الصراع؟