الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

المنوعات

اغرب دراسة عن أصحاب الأعمار الطويلة بعد المئة عام.. سرّ وراثي يعود إلى ما قبل التاريخ

معمرين حول العالم
-

في اكتشاف علمي يُعد من أكثر الدراسات غرابة وإثارة في مجال أبحاث طول العمر والعيش حتى سن المئة، كشفت دراسة حديثة عن علاقة غير متوقعة بين المعمّرين في العصر الحديث وجينات بشرية تعود إلى آلاف السنين قبل التاريخ. الدراسة تفتح نافذة جديدة لفهم سرّ العمر المديد، ليس فقط من زاوية نمط الحياة أو التغذية، بل من خلال إرث وراثي عميق الجذور يمتد إلى جماعات بشرية عاشت بعد العصر الجليدي.

سرّ جديد للعمر المديد والعيش حتى سن المئة

حلّل فريق بحثي من جامعة بولونيا الإيطالية التركيب الجيني لأكثر من ألف شخص في إيطاليا، من بينهم 333 شخصًا تجاوزوا سن المئة عام، في محاولة لفهم السمات الوراثية التي تميز المعمّرين عن بقية السكان.

وقارن الباحثون هذه البيانات بجينومات بشرية قديمة تعود إلى:

  • رعاة العصر البرونزي

  • مزارعي العصر الحجري الحديث في الشرق الأوسط

  • جماعات الصيادين وجامعي الثمار في غرب أوروبا

والنتيجة كانت مفاجئة حتى للعلماء أنفسهم.

جينات الصيادين وجامعي الثمار وراء طول العمر

صور.. اليابان الأشهر فى طول عمر سكانها.. تعرف على 5 معمرين تخطت أعمارهم  الــ115 عاما.. أخرهم الروسية تازيليا بيسمبييفا عن عمر 125 عاما.. واليابانى  ماسازو نوناكا ولد عام إطلاق آينشتاين للنظرية النسبية -

ارتباط غير مسبوق بالأصول الوراثية القديمة

أظهرت الدراسة أن المعمّرين يميلون إلى امتلاك نسبة أعلى من الجينات المرتبطة بجماعات الصيد وجمع الثمار التي عاشت في غرب أوروبا خلال العصر الحجري الوسيط، أي قبل ما بين 9 آلاف و14 ألف عام.

وهذه الجماعات:

  • استوطنت أوروبا بعد انحسار العصر الجليدي

  • عُرفت ببنية جسدية قوية

  • امتلكت بشرة داكنة نسبيًا وعيونًا فاتحة

  • عاشت في بيئات أكثر دفئًا مقارنة بما قبلها

نمط حياة ترك بصمة وراثية طويلة الأمد

اعتمد الصيادون وجامعو الثمار على:

  • الصيد (الغزلان والحيوانات البرية)

  • جمع الجذور والنباتات البرية

  • استهلاك البندق والثمار الطبيعية

ويرى الباحثون أن هذا النمط الغذائي المتنوع والحركة الدائمة في بيئات طبيعية مفتوحة، تركا أثرًا وراثيًا ما زال يؤثر في الصحة وطول العمر حتى يومنا هذا.

100 عام وأكثر.. ما القرية التي تحظى بأكبر عدد معمرين في العالم؟ | مصراوى

اكتشاف علمي لأول مرة

طفرات جينية مرتبطة بطول العمر

أوضح فريق البحث أن التحليل الجيني كشف، للمرة الأولى، عن ارتباط واضح بين:

  • الأصول الوراثية للصيد وجمع الثمار

  • وارتفاع احتمالات العيش حتى سن متقدمة جدًا

وأشار العلماء إلى أن المعمّرين الإيطاليين يحملون عددًا أكبر من الطفرات الجينية المرتبطة بهذه الأصول، في حين لم تُظهر الأصول الوراثية الأخرى، مثل تلك المرتبطة بالمزارعين الأوائل أو رعاة العصر البرونزي، التأثير نفسه.

ومع ذلك، شدد الباحثون على أن الآليات البيولوجية الدقيقة التي تجعل هذه الجينات عاملًا مساعدًا لطول العمر لا تزال غير مفهومة بالكامل، وتحتاج إلى دراسات إضافية أكثر تعمقًا.

الصيد وجمع الثمار.. أقدم نمط حياة بشري

جذور تمتد لمليوني عام

يُعد الصيد وجمع الثمار أقدم أنماط المعيشة البشرية، حيث تشير الأدلة العلمية إلى أن الإنسان اعتمد عليهما منذ نحو مليوني عام. وقبل ذلك، كان الإنسان القديم:

  • يقتات على بقايا فرائس الحيوانات المفترسة

  • يجمع النباتات البرية

  • يستهلك الحشرات والعسل

مجتمعات صغيرة كثيرة التنقل

عاشت جماعات الصيد وجمع الثمار في:

  • مجموعات صغيرة

  • عائلات ممتدة أو تجمعات لا تتجاوز 100 شخص

  • تنقل دائم بحثًا عن الموارد

ورغم التحول الواسع إلى الزراعة قبل نحو 12 ألف عام، استمرت هذه الممارسات حتى عصور قريبة نسبيًا، إذ وُجدت جماعات مماثلة في:

  • أوروبا

  • الأميركيتين
    حتى قبل 500 عام فقط.

قبيلة الهادزا.. آخر الشواهد الحية

رحلة إلى قلب إفريقيا: اكتشاف تقاليد قبيلة الهادزا في الصيد وجمع الثمار

اليوم، لم يتبقّ من هذه المجتمعات سوى القليل، وتُعد قبيلة الهادزا في تنزانيا من آخر الجماعات التي ما زالت تعيش وفق نمط الصيد وجمع الثمار التقليدي، وهو ما يجعلها محط اهتمام العلماء لدراسة العلاقة بين الجينات، ونمط الحياة، وطول العمر.

الجينات وحدها لا تكفي لطول العمر

نمط الحياة عامل حاسم

يتفق الخبراء على أن العوامل الوراثية لا تعمل بمعزل عن نمط الحياة، إذ تُظهر الدراسات أن المعمّرين يشتركون في سمات أساسية، من أبرزها:

  • النشاط البدني المنتظم

  • الروابط الاجتماعية القوية

  • الإيمان والشعور بالهدف

  • الحياة البسيطة قليلة التوتر

وهي السمات نفسها التي تميز ما يُعرف بـ**"المناطق الزرقاء"** حول العالم، حيث يعيش الناس عادة حتى سن المئة وما بعدها.

قراءة تحليلية: مزيج الجينات والحياة

تشير هذه الدراسة الغريبة إلى أن سرّ العمر المديد قد يكون مزيجًا فريدًا من الإرث الوراثي القديم ونمط الحياة الحديث الصحي. فبينما تحمل بعض الجينات قابلية طبيعية لطول العمر، يبقى السلوك اليومي، والتغذية، والحركة، والعلاقات الإنسانية، عناصر لا غنى عنها لتحقيق حياة طويلة وصحية.