الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الحوادث

تحولت إلى مأساة.. تعقيم منزل في إزمير يُصنَّف كسلاح كيميائي ويقتل رضيعًا ويشعل قضية جنائية غير مسبوقة

تعقيم منزل وكارثة
-

حين يتحول الإجراء الروتيني إلى جريمة

في واقعة صادمة هزّت الرأي العام التركي، تحولت عملية تعقيم روتينية داخل أحد المنازل بمحافظة إزمير إلى كارثة إنسانية مدوية، بعدما أودت بحياة رضيع لم يتجاوز عامه الأول، وأدخلت ثلاثة أشخاص آخرين في دوامة التسمم، لتتطور القضية لاحقًا إلى ملف جنائي من العيار الثقيل، تصفه النيابة العامة باستخدام سلاح كيميائي قاتل بدلًا من مبيد حشري عادي.

تفاصيل الواقعة.. بداية مأساة في طابق سفلي

تعود تفاصيل الحادث إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، عندما قام مهندس زراعي ومساعده بتنفيذ عملية تعقيم لشقة تقع في الطابق السفلي لأحد المباني السكنية في إزمير.
وبحسب التحقيقات، فإن المادة المستخدمة لم تكن آمنة أو مخصصة للاستخدام المنزلي، بل انتشرت غازاتها السامة سريعًا داخل المبنى، لتتسلل إلى الطوابق الأخرى دون أن يدرك السكان حجم الخطر.

ضحايا بلا ذنب.. رضيع يفارق الحياة

أسفر الحادث عن وفاة رضيع يبلغ من العمر عامًا واحدًا يُدعى ألتاي توبراك، بعدما تعرض لاختناق وتسمم حاد نتيجة استنشاق الأبخرة السامة، في مشهد إنساني بالغ القسوة.
كما أُصيب ثلاثة أشخاص آخرين بحالات تسمم خطيرة، كانوا يقيمون في طوابق مختلفة من المبنى ذاته، ما أكد أن تأثير المادة لم يكن محدودًا أو عرضيًا.

الطب الشرعي يحسم الجدل

ورغم خطورة الحادث، ظلّ المتهمان طليقين تحت الرقابة القضائية منذ وقوع الواقعة، إلى أن جاء التقرير الحاسم من الطب الشرعي التركي، والذي غيّر مسار القضية بالكامل.

وأكد التقرير بشكل قاطع أن:

  • المادة المستخدمة شديدة السمية

  • تُعد السبب المباشر في وفاة الرضيع

  • مسؤولة عن حالات التسمم الثلاث

  • ولا يمكن تصنيفها كمبيد حشري عادي

وبناءً على ذلك، اعتبرت النيابة العامة أن المادة ترقى إلى مستوى مادة كيميائية قاتلة.

تحول قانوني خطير.. سلاح كيميائي لا مبيد

 تعقيم منزل

في تطور غير مسبوق، أعادت النيابة توصيف الجريمة، واعتبرت أن ما جرى يندرج تحت:

  • القتل العمد باستخدام سلاح كيميائي

  • الإيذاء العمد باستخدام سلاح

وهو توصيف قانوني نادر في مثل هذه القضايا، ما دفع المحكمة التركية الأسبوع الماضي إلى إصدار قرار بـ حبس المهندس الزراعي ومساعده احتياطيًا، بعد أشهر من الإفراج المشروط.

محاكمة مرتقبة وعقوبة تصل إلى المؤبد

من المنتظر أن تبدأ محكمة الجنايات العليا في إزمير خلال الأيام القليلة المقبلة محاكمة المتهمين رسميًا، وسط مطالبات من النيابة العامة بتوقيع عقوبة السجن المؤبد، في سابقة قضائية أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط القانونية والإعلامية في تركيا.

قلق متزايد وحوادث متكررة

تأتي هذه القضية في وقت تتصاعد فيه المخاوف داخل تركيا من سوء استخدام مواد التعقيم والمبيدات، خاصة بعد حادثة مشابهة شهدتها مدينة إسطنبول الشهر الماضي، حيث لقي أربعة أفراد من عائلة واحدة مصرعهم نتيجة استنشاق غازات سامة عقب تعقيم غرفة في الطابق السفلي لفندق كانوا يقيمون فيه.

إنذار مبكر قبل تكرار الكارثة

قضية رضيع إزمير لم تعد مجرد حادث عرضي، بل ناقوس خطر يدق بقوة حول غياب الرقابة الصارمة على مواد التعقيم، وسوء استخدامها داخل الأماكن السكنية.
وبينما تستعد المحاكم للفصل في واحدة من أخطر القضايا الجنائية المرتبطة بالمواد الكيميائية، يبقى السؤال المفتوح:
كم من الأرواح يجب أن تُزهق قبل ضبط هذا الملف الخطير؟