الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

العالم

مصدر حكومي أوكراني: لا حلول أمام كييف سوى الاستسلام القسري أو استمرار الحرب حتى المجهول

حرب روسيا واكرانيا.
-

تدخل الأزمة الأوكرانية مرحلة شديدة التعقيد، مع تزايد المؤشرات على انحسار الخيارات السياسية والعسكرية أمام كييف، في ظل ضغوط دولية متصاعدة، وتراجع الدعم الغربي، وغموض غير مسبوق بشأن مستقبل الضمانات الأمنية والتسوية المحتملة مع موسكو.

وفي تطور لافت، كشفت تسريبات من داخل الحكومة الأوكرانية عن حالة من الإحباط العميق داخل دوائر صنع القرار في كييف، وسط قناعة آخذة في التشكل بأن الصراع بات محكومًا بثنائية قاسية: إجبار أوكرانيا على الاستسلام الجزئي، أو استمرار الحرب دون أفق واضح.

مصدر أوكراني لـ«بيلد»: الخيارات كلها سيئة

نقلت صحيفة «بيلد» الألمانية عن مصدر حكومي أوكراني رفيع المستوى قوله إن السلطات في كييف لا ترى في الوقت الراهن أي حل مقبول أو متوازن لإنهاء النزاع مع روسيا، مشيرًا إلى أن جميع السيناريوهات المطروحة تنطوي على خسائر سياسية وأمنية جسيمة.

وقال المصدر:

«لا يبدو أن هناك حلاً جيدًا لنا في الوقت الحالي، إما أن يُجبرونا على الاستسلام جزئيًا، أو سيستمر النزاع، ولا توجد مساعدات جديدة يمكننا الاعتماد عليها لتغيير ميزان القوى».

ويعكس هذا التصريح تحولًا خطيرًا في الخطاب الأوكراني، الذي طالما ربط أي تسوية بضرورة استعادة كامل الأراضي وضمان أمن طويل الأمد.

غياب الضمانات الأمنية.. نقطة الانكسار

بحسب المصدر ذاته، فإن كييف تعاني من غياب كامل للوضوح بشأن طبيعة الضمانات الأمنية التي يتم الحديث عنها في الكواليس الدبلوماسية، سواء من حيث التزامات الدول الغربية أو آليات تنفيذ تلك الضمانات على أرض الواقع.

كما أشار إلى أن السلطات الأوكرانية لا تملك تصورًا عمليًا لكيفية تنفيذ أي تنازلات إقليمية محتملة، أو الإطار الزمني والسياسي الذي قد تُفرض فيه، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد الداخلي.

دونباس.. خط أحمر يصعب تسويقه داخليًا

مصدر حكومي أوكراني: إجبار كييف على الاستسلام أو استمرار النزاع

أكد المصدر الحكومي أن أي قرار يتعلق بالتخلي عن إقليم دونباس يُعد من وجهة نظر كييف قرارًا بالغ الخطورة، مشددًا على أنه:

«سيكون من المستحيل تفسيره للشعب الأوكراني، أو تنفيذه في الظروف الحالية».

ويُنظر إلى دونباس باعتباره رمزًا للصمود والسيادة الوطنية في الخطاب الأوكراني، ما يجعل أي تنازل بشأنه بمثابة صدمة سياسية قد تهدد استقرار الحكومة نفسها.

شكوك حول إعادة تسليح الجيش الأوكراني

لم تقتصر المخاوف الأوكرانية على الجوانب السياسية فحسب، بل امتدت إلى القدرات العسكرية، حيث أعربت الحكومة عن شكوك جدية بشأن إمكانية إعادة تسليح الجيش بسرعة، في ظل تباطؤ الإمدادات الغربية، وتعقيدات التمويل، وتراجع الحماس داخل بعض العواصم الأوروبية.

ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه القوات الأوكرانية ضغوطًا ميدانية متزايدة، وسط استنزاف بشري ومادي متواصل منذ اندلاع الحرب.

واشنطن تضغط: «العرض البلاتيني» أو الخسارة الكاملة

في السياق ذاته، أفادت صحيفة «أكسيوس»، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين، بأن واشنطن أبلغت كييف بوضوح أن عليها قبول ما وصفته بـ**«العرض البلاتيني»** المتعلق بالضمانات الأمنية، محذرة من أن رفضه قد يؤدي إلى خسارة كل شيء.

ويُفهم من هذه التصريحات أن الولايات المتحدة باتت تميل إلى تسوية سريعة، حتى وإن تطلبت تنازلات مؤلمة من الجانب الأوكراني، في إطار إعادة ترتيب أولوياتها الجيوسياسية.

بعد محادثات برلين.. ما هي التنازلات التي وافقت أوكرانيا عليها وأبرز نقاط الخلاف المتبقية؟

محادثات برلين.. غموض بلا نتائج حاسمة

وجاءت هذه التطورات عقب انتهاء محادثات استمرت يومين في العاصمة الألمانية برلين، خُصصت لبحث سبل تسوية الأزمة الأوكرانية، وشارك فيها المبعوث الأمريكي الخاص ويتكوف، وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاريد كوشنر، إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ورغم أهمية اللقاءات، لم تصدر عنها نتائج واضحة أو اتفاقات معلنة، ما عزز الشعور بأن المفاوضات لا تزال تدور في حلقة مفرغة.

موسكو: غموض حول ما جرى في برلين

من جانبها، أعلنت روسيا أنها لا تزال تفتقر إلى صورة واضحة حول مضمون الاتفاقات أو التفاهمات التي جرى التوصل إليها بين وفود أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة خلال اجتماع برلين.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن موسكو لم تتلقَّ حتى الآن تفاصيل دقيقة حول ما تم الاتفاق عليه، مؤكدًا أن الغموض يكتنف المواقف الغربية والأوكرانية على حد سواء.

الكرملين يؤكد: الحوار ممكن وفق شروط موسكو

وفي المقابل، شدد الكرملين على أن روسيا لا تزال منفتحة على الحوار السياسي، لكنها متمسكة بمواقفها التي أُقرت خلال مفاوضات أنكوريدج، والتي تشدد على ضمان مصالحها الأمنية والاستراتيجية.

ويعكس هذا الموقف استمرار الفجوة العميقة بين الطرفين، في ظل غياب أرضية مشتركة يمكن البناء عليها لإنهاء الحرب.

مستقبل الأزمة الأوكرانية.. حرب طويلة أم تسوية قسرية؟

مع تراجع الدعم، وغموض الضمانات، وضغوط الحلفاء، تبدو أوكرانيا أمام مفترق طرق تاريخي، حيث تتزايد المخاوف من أن تكون التسوية المقبلة مفروضة لا متفاوضًا عليها، أو أن تستمر الحرب لفترة أطول بثمن إنساني وسياسي واقتصادي أشد قسوة.

وفي كلتا الحالتين، تشير المعطيات إلى أن المرحلة المقبلة ستكون الأصعب منذ اندلاع النزاع، ليس فقط على الجبهة العسكرية، بل داخل المشهد السياسي الأوكراني نفسه.