أزمة أرض الزمالك تتصاعد: سحب أرض أكتوبر، اتهامات بإهدار المال العام، وصدام رسمي بين النادي ووزارتي الإسكان والرياضة

تشهد الساحة الرياضية المصرية واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وإثارة للجدل في السنوات الأخيرة، بعدما دخل ملف أرض نادي الزمالك في مدينة السادس من أكتوبر منعطفًا بالغ الحساسية، جمع بين قرارات حكومية حاسمة، وتحقيقات من النيابة العامة، وردود فعل غاضبة من إدارة القلعة البيضاء، في ظل أزمة مالية خانقة يمر بها النادي انعكست على استقرار لاعبيه وقطاعاته الرياضية المختلفة.
القضية لم تعد مجرد نزاع إداري حول قطعة أرض، بل تحولت إلى ملف متعدد الأبعاد يتقاطع فيه القانون، والرياضة، والمال العام، والمسؤولية الإدارية، وسط تساؤلات واسعة حول مصير فرع الزمالك الجديد، وحدود المحاسبة، ومستقبل النادي العريق.
خلفية أزمة أرض الزمالك في السادس من أكتوبر
تعود جذور الأزمة إلى عام 2003، حين حصل نادي الزمالك على تخصيص قطعة أرض في منطقة السادس من أكتوبر، بغرض إنشاء فرع جديد للنادي يضم منشآت رياضية واجتماعية تخدم أعضاءه، وذلك وفق ضوابط وشروط محددة من الجهات المختصة.

مهلة طويلة دون تنفيذ فعلي
وبحسب بيانات رسمية، مُنح نادي الزمالك:
-
فترة زمنية طويلة لتنفيذ المشروع.
-
مهلة نهائية امتدت لعامين إضافيين.
-
موعدًا نهائيًا للانتهاء من الإنشاءات في 3 أبريل/نيسان 2024.
إلا أن المعاينات التي أجرتها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة كشفت عن مفاجأة صادمة.
نسبة تنفيذ لا تتجاوز 2% بعد أكثر من 20 عامًا
أكدت الهيئة، في تقاريرها الرسمية، أن:
-
نسبة التنفيذ على الأرض لم تتجاوز 2% فقط.
-
الأعمال المنفذة لا ترقى إلى الحد الأدنى المطلوب.
-
غابت الجدية في الالتزام بشروط التخصيص.
قرار وزارة الإسكان بسحب الأرض
على ضوء هذه النتائج، قررت وزارة الإسكان:
-
سحب الأرض من نادي الزمالك.
-
اعتبار أن النادي لم يلتزم بشروط التخصيص.
-
إنهاء العلاقة التعاقدية الخاصة بالأرض محل النزاع.
رفض تمديد المدة وغياب موافقة رئاسية
في محاولة أخيرة لتدارك الموقف، تقدم نادي الزمالك بطلب رسمي من أجل:
-
تمديد مدة التنفيذ 4 سنوات إضافية.
إلا أن هيئة المجتمعات العمرانية:
-
رفضت الطلب.
-
أكدت أن أي تمديد يتطلب موافقة رئاسة الجمهورية.
-
شددت على أن الزمالك لم يلتزم بالمدة الأصلية الممنوحة بقرار رئاسي.
بيان الزمالك: رفض الأرض البديلة والتمسك بالأرض الأصلية
في المقابل، أصدر نادي الزمالك بيانًا رسميًا تصعيديًا، أعلن فيه:
-
رفضه القاطع للأرض البديلة المقترحة.
-
تمسكه الكامل باستعادة الأرض الأصلية.
-
إصراره على استكمال إنشاء فرع النادي الجديد في حدائق أكتوبر.
مناشدة مباشرة لرئيس الجمهورية
وشدد البيان على:
-
مناشدة الرئيس عبد الفتاح السيسي للتدخل.
-
اتخاذ كل الخطوات القانونية والإدارية الممكنة.
-
اعتبار قرار سحب الأرض "مباغتًا وغير مبرر".
وادعى النادي أن:
-
العمل كان يتم بإشراف حكومي كامل.
-
المشروع كان على بعد أشهر من نقل التدريبات.
-
القرار تسبب في صدمة كبيرة داخل القلعة البيضاء.
وزارة الرياضة ترد: التنفيذ كارثي ورفض غير مرن

دخلت وزارة الشباب والرياضة على خط الأزمة، حيث خرج محمد الشاذلي، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، بتصريحات حادة، قال فيها إن:
-
الزمالك لم يتحلَّ بالمرونة اللازمة.
-
رفض الأرض البديلة أثار غضبًا كبيرًا.
-
نسبة تنفيذ 2% خلال أكثر من 20 عامًا "تُعد لا شيء".
تصريحات حاسمة حول أحقية السحب
وأضاف الشاذلي:
-
"لو كانت الأرض ملكًا لأي كيان آخر لسُحبت فورًا".
-
"هذا إجراء طبيعي وفق القانون".
-
"الوزارة غير مجبرة على منح أرض بديلة".
وأكد أن:
-
عرض الأرض البديلة جاء تقديرًا لتاريخ الزمالك.
-
موقع الأرض البديلة لم يُحدد بعد.
-
تعامل مجالس إدارات الزمالك السابقة مع الملف كان "كارثيًا".
النيابة العامة تدخل الأزمة: شبهة إهدار المال العام
التطور الأخطر جاء بدخول النيابة العامة المصرية على خط الأزمة، بعدما أصدرت بيانًا رسميًا كشفت فيه عن:
-
قيام الزمالك ببيع أجزاء من مبانٍ لم تُنشأ بعد.
-
بيعها إلى جهات رسمية تُعد أموالها أموالًا عامة.
-
خروج نشاط تلك الجهات عن الإطار الرياضي.
780 مليون جنيه تحت الفحص
وأوضحت النيابة أن:
-
الزمالك حصل على نحو 780 مليون جنيه مصري.
-
هناك شبهة إهدار للمال العام.
-
تقرر فحص أوجه الإنفاق بالكامل.
لجنة خبراء للكسب غير المشروع
بناءً على ذلك:
-
ندبت النيابة لجنة من خبراء إدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة.
-
كُلفت اللجنة بفحص الوقائع محل التحقيق.
-
سيتم إعلان النتائج فور انتهاء التقرير النهائي.
رد الزمالك على اتهامات النيابة العامة
من جانبها، أكدت نيرة الأحمر، عضو مجلس إدارة نادي الزمالك:
-
احترام النادي الكامل للنيابة العامة.
-
الثقة في مؤسسات الدولة.
-
انتظار نتائج التحقيقات دون استباق.
وأضافت:
-
مجلس الإدارة في حالة انعقاد دائم.
-
النادي لن يتنازل عن حقوقه القانونية.
-
تم إصدار بيانات رسمية سابقة توضح موقف الزمالك من الأرض.
أزمة تتجاوز الأرض إلى مستقبل النادي
يرى مراقبون أن أزمة أرض الزمالك:
-
تعكس خللًا إداريًا ممتدًا عبر سنوات.
-
تتقاطع مع الأزمة المالية الخانقة للنادي.
-
تؤثر بشكل مباشر على استقراره الرياضي والمؤسسي.
وفي انتظار نتائج تحقيقات النيابة وقرارات الجهات السيادية، يبقى السؤال الأهم مطروحًا:
هل يتمكن الزمالك من تجاوز هذه العاصفة واستعادة مشروعه، أم أن القضية ستفتح بابًا أوسع للمحاسبة والتغيير الجذري داخل القلعة البيضاء؟

