الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

عزلة دولية وضغوط غير مسبوقة.. حرب غزة تضع إسرائيل في مأزق سياسي وعسكري خانق

ترامب ونتنياهو
-

تواجه دولة الاحتلال الإسرائيلي واحدة من أقسى مراحل العزلة السياسية والدبلوماسية في تاريخها الحديث، وسط تراجع واضح في قدرتها على فرض شروطها حتى على أقرب حلفائها.

وفي هذا السياق المأزوم، كشف بن كاسبيت، كبير المحللين السياسيين في صحيفة معاريف العبرية، عن حالة القلق العميق التي تسيطر على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، لا سيما فيما يتعلق بإمكانية مواجهة مباشرة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن ملف بالغ الحساسية، وهو بيع مقاتلات إف-35 المتطورة إلى السعودية وتركيا.

نتنياهو بين العزلة الدولية والخشية من واشنطن

بحسب كاسبيت، يدرك نتنياهو أن إسرائيل لم تعد تملك هامش المناورة الواسع الذي اعتادت عليه سابقًا، خاصة في ظل:

  • تصاعد الإدانات الدولية لجرائم الاحتلال في غزة

  • تآكل صورة إسرائيل أخلاقيًا وسياسيًا

  • اتساع رقعة الانتقادات حتى داخل الأوساط الغربية

هذه العزلة جعلت نتنياهو أكثر حذرًا من أي وقت مضى في تعامله مع الإدارة الأمريكية، خصوصًا مع رئيس مثل دونالد ترامب، المعروف بمواقفه الحادة وقراراته المفاجئة.

إف-35.. معركة التفوق العسكري في زمن العزلة

تشكل صفقة بيع مقاتلات إف-35 المتطورة كابوسًا استراتيجيًا لتل أبيب، إذ تُعد هذه الطائرات حجر الأساس في التفوق العسكري النوعي الذي تتمسك به إسرائيل في الشرق الأوسط.

ويؤكد بن كاسبيت أنه:

  • لو كان رئيس أمريكي آخر في البيت الأبيض، لذهبت إسرائيل بعيدًا في الضغط وربما المخاطرة بالتحالف مع واشنطن

  • أما مع ترامب، فإن نتنياهو يفضل الضغط الهادئ والخفي خشية إثارة غضب الرئيس الأمريكي

وتزداد المخاوف الإسرائيلية مع احتمالية رفع الحظر عن تركيا وإعادتها إلى برنامج إف-35، خاصة في ظل التقارب المتزايد بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وضع يصعب على تل أبيب تحمّله.. نتنياهو يخشى المواجهة مع ترامب بشأن بيع

تركيا.. القلق الأكبر لتل أبيب

رغم حساسية بيع إف-35 للسعودية، فإن القلق الحقيقي لإسرائيل يتركز في تركيا، وفق ما نقلته معاريف عن مصادر عسكرية رفيعة، حيث:

  • يمتلك الجيش التركي قدرات كبيرة

  • تصريحات أردوغان الأخيرة حملت تهديدات مباشرة لإسرائيل

  • حصول أنقرة على إف-35 سيغيّر قواعد الاشتباك في المنطقة

وتستشهد الصحيفة بخطاب لأردوغان في يوليو 2024 قال فيه إن بلاده قد تتدخل عسكريًا “كما دخلت قره باغ وليبيا”، لمنع ما وصفه بالاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين.

اجتماع سري ومحاولات إنقاذ التفوق العسكري

في محاولة لاحتواء الأزمة، عقد نتنياهو في 1 ديسمبر 2025 اجتماعًا سريًا في مكتبه بالقدس مع فرانك سانت جون، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة لوكهيد مارتن، المصنعة لطائرات إف-35.

ووفق مصادر مطلعة:

  • كان الاجتماع مطولًا ومشحونًا

  • سادته أجواء من الإحباط لدى الجانب الإسرائيلي

  • تمحور النقاش حول كيفية الحفاظ على التفوق العسكري في حال بيع الطائرات لدول أخرى بالمنطقة

قدرات التخفي.. الخطر الذي لا يُحتمل

يرى خبراء عسكريون إسرائيليون أن أخطر ما في إف-35 هو:

  • قدرات التخفي العالية

  • أنظمة التحكم المستقلة

  • القدرة على الإقلاع من أي نقطة والظهور المفاجئ في الأجواء الإسرائيلية

وهي نفس القدرات التي استخدمتها إسرائيل سابقًا لمباغتة خصومها، لكنها الآن قد تُستخدم ضدها، في سيناريو وصفته المصادر بأنه “وضع لا يمكن لتل أبيب تحمّله أو قبوله”.

ضغوط خلف الكواليس.. لكن دون صدام

في ظل تضييق الخيارات، لجأ نتنياهو إلى قنوات الضغط غير العلنية، عبر شخصيات مقربة من ترامب، مثل:

  • جاريد كوشنر

  • ستيف ويتكوف

  • مايك والتز

  • متبرعين جمهوريين مؤيدين لإسرائيل

لكن، وعلى عكس الإدارات الديمقراطية السابقة، فإن اللعب بورقة الكونغرس أو اللوبيات التقليدية مثل أيباك لم يعد فعالًا، ما يزيد من مأزق نتنياهو السياسي.

غزة في قلب المشهد.. والاحتلال محاصر بالملفات

إلى جانب ملف إف-35، يتوقع أن يواجه نتنياهو خلال لقائه المرتقب مع ترامب في 29 ديسمبر بمارالاغو ملفات أكثر حساسية، أبرزها:

  • المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

  • خفض التصعيد بين إسرائيل وسوريا

  • نزع سلاح حزب الله في لبنان

وهي ملفات يدرك نتنياهو أن أي تعطيل لها سيُعمّق عزلة إسرائيل، ويضعها في مواجهة مباشرة مع الإدارة الأمريكية، في وقت لم تعد فيه تل أبيب تملك رفاهية الصدام.

حرب غزة لم تدمّر صورة إسرائيل أخلاقيًا فقط، بل قيدت قدرتها السياسية والعسكرية

تكشف هذه التطورات أن حرب غزة لم تدمّر صورة إسرائيل أخلاقيًا فقط، بل قيدت قدرتها السياسية والعسكرية، ودفعت قيادتها إلى سياسة دفاعية قائمة على تجنب الصدام حتى مع الحلفاء، في مؤشر واضح على عزلة غير مسبوقة وضغوط تتصاعد من كل اتجاه.