الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الحوادث

الزئبق الأحمر.. الحقيقة والأسطورة وسرّ أغلى مادة في عالم الخرافات والتنقيب عن الكنوز

الزئبق الأحمر
-

تعتبرمادة الزئبق الأحمر واحدة من أكثر المواد الغامضة التي حيكت حولها الأساطير، وتضخّمت قيمتها عبر عقود طويلة بسبب ارتباطها بأوهام القدرة على استخراج الكنوز، وتشغيل الأسلحة النووية، ومعالجة بعض الأمراض المستعصية، وفتح مقابر الفراعنة.
وبرغم غياب الدليل العلمي القاطع على وجود المادة بالشكل المتداول شعبيًا، إلا أن أسطورة الزئبق الأحمر ما زالت تُولد في كل بلد، وتستخدمها شبكات النصب والاحتيال لاستغلال رغبة البعض في الثراء السريع.

وقد قادت تحريات أمنية دقيقة في مدينة مراكش المغربية إلى تفكيك واحدة من أبرز الشبكات الإجرامية التي تخصصت في النصب عبر تسويق الزئبق الأحمر الوهمي، في قضية كشفت حجم الطلب على هذه المادة، واستعداد البعض لدفع ملايين مقابل مادة لم تثبت حقيقتها يومًا.

ما هو الزئبق الأحمر؟ الحقيقة العلمية وراء المادة الغامضة

أصل الحكاية: مادة لم تُثبت علميًا

الزئبق الأحمر كما يتداوله الناس ليس مادة علمية معتمدة، بل مصطلح ضبابي ظهر لأول مرة خلال الحرب الباردة، حين روّجت بعض التقارير أنه يدخل في تصنيع الرؤوس النووية السوفيتية.
لاحقًا تحوّل إلى مادة أسطورية يقال إنها:

  • تُستخدم في استخراج الذهب

  • تُساعد في العثور على الكنوز المدفونة

  • تُفكّ شفرات الطلاسم الفرعونية

  • تُشغّل الأسلحة القديمة

  • تُعالج أمراضًا مستعصية

لكن جميع هذه الادعاءات لم تثبت علميًا، وأكّدت المؤسسات العلمية العالمية أن المادة بصيغتها الشعبية غير موجودة.

لماذا يظن البعض أنها حقيقية؟

  • التشابه بين الزئبق العادي وبعض المواد الكيميائية النادرة

  • استخدام بعض المحتالين لعبوات ملوّنة تبدو “حمراء”

  • رغبة الناس في تصديق ما يحقق لهم ثراء سريعًا

  • ترويج قصص شعبية عن "الجن" و"دفائن الذهب"

لماذا الزئبق الأحمر غالي الثمن؟

رغم عدم وجود دليل علمي على وجوده، إلا أن سعره في السوق السوداء يتراوح ـ بحسب الشائعات ـ بين مئات آلاف الدولارات إلى ملايين الدولارات للغرام الواحد.

الأسباب وراء غلاء سعره الأسطوري

  1. الندرة المزعومة: يُقال إنه لا يُستخرج إلا من مخازن سرية أو أماكن أثرية.

  2. الإشاعات حول استخدامه في النووي: قيل إنه يدخل في صناعة أسلحة استراتيجية.

  3. الطلب العالي: كثيرون يظنون أنه مفتاح الثراء السريع.

  4. سوق سوداء مغلقة: لا توجد جهة تبيع أو تشتري فعليًا، لذلك يحدد المحتالون السعر.

  5. الغموض: كلما زادت الأسطورة، زاد السعر.

النتيجة: سوق ضخمة قائمة على الخداع والوهم، يتم فيها الاحتيال على أثرياء ومنقبين عن الكنوز بسهولة.

استخدامات الزئبق الأحمر.. بين الأسطورة والواقع

الاستخدامات المزعومة

  • استخراج الذهب من الصخور

  • فتح المقابر المغلقة وطرد “الجن”

  • تشغيل أجهزة نووية قديمة

  • تصنيع أجهزة رؤية ليلية

  • علاج الأمراض

  • كشف المعادن تحت الأرض

الحقيقة العلمية

لا يوجد أي دليل علمي واحد يثبت أي وظيفة من هذه الوظائف.
وتؤكد وكالات الطاقة الذرية ووزارات الدفاع في دول عديدة أن “الزئبق الأحمر” مجرد خرافة تسويقية تُستخدم في عمليات الاحتيال والمنعكسات الثقافية.

قضية مراكش.. تفكيك شبكة احتالت بمليار سنتيم عبر “زئبق أحمر وهمي”

عودة إلى المغرب، حيث كشفت الشرطة الجنائية في مراكش خيوط شبكة احتيالية استغلت الأسطورة نفسها لاصطياد ضحاياها.
الشبكة كانت تستهدف فئتين:

  • منقّبي الكنوز

  • أثرياء يبحثون عن أرباح كبيرة عبر reselling المادة

طريقة عمل الشبكة

  • إقناع الضحية بأنها تملك “الزئبق الأحمر”

  • خلق منافسة مصطنعة بين مشترين وهميين

  • تجسيد أدوار مختلفة: بائع، وسيط، ثري خليجي

  • رفع السعر تدريجيًا حتى يصل لحدود خيالية

وتم كشف أمر الشبكة عقب بلاغ من رجل أعمال فقد مليار سنتيم بعدما أُقنع بأن ثريًا خليجيًا يشتري المادة بـ 4 مليارات سنتيم.

مشهد الاعتقال.. سقوط أفراد العصابة واحدًا تلو الآخر

شرطة المغرب

بفضل مراقبة دقيقة، نجحت الشرطة في اعتقال زعيم الشبكة داخل مقهى بمنطقة النخيل.

سلسلة توقيفات واسعة

  • توقيف المتهم الأول في مراكش

  • توقيف آخر في أيت أورير بعد فراره

  • اعتقال ثالث في أزيلال

وتم تسليم المتهمين للدرك وإحالتهم إلى شرطة مراكش التي تتابع التحقيق في القضية، التي قد تكشف شبكات أكبر امتدت لسنوات.

لماذا تنتشر جرائم الزئبق الأحمر؟

رغم نفي رسمي لوجوده.. استمرار الطلب على

  1. الجهل العلمي بطبيعة المادة

  2. الرغبة في الثراء السريع

  3. وجود ثقافة شعبية حول الكنوز والجن

  4. ضعف الرقابة على الأسواق السوداء

  5. سهولة خلق “منافسين وهميين” للضغط على الضحايا

أسطورة عالمية تستخدمها شبكات النصب لاستغلال الحالمين بالذهب

الزئبق الأحمر ليس مادة نادرة ولا سحرية ولا علمية.
إنه أسطورة عالمية تستخدمها شبكات النصب لاستغلال الحالمين بالذهب.
القضية التي تم كشفها في مراكش ليست الأخيرة، بل نموذج لظاهرة تنتشر في عدة دول عربية، حيث يصبح الوهم تجارة مربحة للمحتالين وخسارة فادحة للضحايا.