الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

المنطقة تدرك نوايا إسرائيل… لماذا يتصاعد التحرك العربي والإسلامي لدعم الموقف المصري في ملف غزة؟

مؤتمر غزة في شرم الشيخ
-

يشهد ملف اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تعقيدات خطيرة نتيجة مماطلات الحكومة الإسرائيلية اليمينية، الأمر الذي دفع دول المنطقة إلى تحرك عربي وإسلامي مشترك لدعم الموقف المصري الثابت تجاه القضية الفلسطينية، ولا سيما في ملف معبر رفح ورفض محاولات التهجير القسري.

وفي هذا السياق، اعتبر السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن ما يجري اليوم يعكس انكشاف النوايا الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي، واتساع الإدراك العربي بأن الحكومة الإسرائيلية تُفرغ اتفاقات السلام من مضمونها، وتتعامل بخبث واضح مع اتفاق ترامب للسلام وقرارات مجلس الأمن.

إسرائيل تتلاعب ببنود اتفاق وقف إطلاق النار… والمشهد يزداد خطورة

يؤكد حجازي أن الاتفاق الحالي يواجه مخاطر كبيرة، بعدما اتضح أن الحكومة الإسرائيلية تتعمد إطالة الوقت وإرباك المرحلة الثانية من الاتفاق، مع ممارسة ضغوط سياسية وإنسانية على مصر وعلى الشعب الفلسطيني.

التحرك العربي والإسلامي الأخير لم يكن عشوائيًا

البيان الذي أصدرته الدول العربية والإسلامية الثمانية، وعلى رأسها مصر والأردن والسعودية وقطر والإمارات وتركيا وباكستان وإندونيسيا، جاء إدراكًا بأن:

  • إسرائيل تحاول فرض أمر واقع عند معبر رفح

  • وتجاوز اتفاق شرم الشيخ الذي رعته الولايات المتحدة

  • وتحدي قرار مجلس الأمن 2803 الصادر في نوفمبر 2025

  • وإعادة إحياء سيناريو التهجير القسري بغطاء إنساني مزعوم

وهو ما اعتبرته مصر “خطًا أحمر” لا يمكن تجاوزه تحت أي ظرف.

معبر رفح… خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية

أعلنت وحدة "كوغات" الإسرائيلية نيتها فتح معبر رفح “في اتجاه واحد فقط” لخروج سكان غزة إلى مصر، لكن القاهرة سارعت إلى نفي ذلك فورًا، مؤكدة:

  • أن تشغيل المعبر في اتجاه واحد هو تكريس للتهجير القسري

  • وأن الاتفاق ينص على تشغيله في الاتجاهين بما يضمن عودة السكان وتحرك المساعدات

  • وأن مصر لن تكون جزءًا من أي مخطط يستهدف اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم

هذا الموقف المصري الصلب دفع الدول العربية والإسلامية إلى إعلان دعمها المطلق للقاهرة.

شغف ترامب بالاستعراض يطغى على قمة شرم الشيخ حول غزة - SWI swissinfo.ch

إسرائيل تتنصل من اتفاق ترامب… وتفقد ثقة المجتمع الدولي

يشرح السفير حجازي أن اتفاق ترامب للسلام—رغم الجدل حوله—بات وثيقة ملزمة بعد تبني مجلس الأمن له في القرار 2803، وأن إسرائيل:

  • ترفض تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق

  • تتحدى البنود التي تتعلق بحرية الحركة وفتح المعابر

  • تمارس ضغوطًا على مسار التهدئة عبر خطوات أحادية

  • تتجاهل التوافق الدولي بما فيه الإدارة الأمريكية نفسها

ومع رفض الكنيست اليميني التصويت لصالح خطة ترامب، بدا واضحًا أن حكومة الاحتلال فقدت ثقة المجتمع الدولي، وأنها باتت تتصارع مع جميع الأطراف بما في ذلك وسيطها الرئيسي—الولايات المتحدة.

الحقائق على الأرض… إسرائيل لا تريد سلامًا بل إدارة أزمة دائمة

يشير حجازي إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعاملت مع وقف إطلاق النار باعتباره وسيلة لاستعادة رهائنها فقط، بينما تعرقل أي تقدم نحو:

  • تثبيت وقف إطلاق النار

  • الانتقال إلى المرحلة الثانية

  • تنفيذ الخطة الدولية المشتركة

  • احترام اتفاق شرم الشيخ

حتى بعد أن سلمت حركة حماس جميع الأسرى والرفات باستثناء جثمان واحد، لم تتجاوب تل أبيب بخطوات عملية، وهو ما يرى فيه الدبلوماسي المصري “دليلًا جديدًا على خبث النوايا الإسرائيلية”.

التحرك العربي والإسلامي… جدار سياسي في مواجهة الابتزاز الإسرائيلي

البيان الصادر عن الدول الثماني في قمة شرم الشيخ جاء ليؤكد:

  • رفض التهجير القسري بشكل مطلق

  • ضرورة الالتزام باتفاق ترامب وبنود قرار مجلس الأمن

  • رفض تشغيل معبر رفح في اتجاه واحد

  • ضمان بقاء الفلسطينيين على أرضهم

  • تهيئة الظروف لبناء الدولة الفلسطينية المستقلة

هذا التحرك يعكس إجماعًا إقليميًا غير مسبوق على دعم مصر في مواجهة محاولات الاحتلال فرض واقع سياسي جديد في غزة.

تحذيرات مصر… واستشعار الخطر الذي يهدد المنطقة بأكملها

اختتم السفير حجازي بأن المرحلة الحالية تتطلب تحركًا دوليًا سريعًا، وأن مماطلة إسرائيل قد تدفع المنطقة إلى وضع خطير للغاية، وهو ما حذّر منه الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع الفريق أول عبد المجيد صقر أكثر من مرة، مؤكدَين أن:

  • أمن مصر القومي مرتبط مباشرة بمنع تهجير الفلسطينيين

  • وأن أي محاولة للعبث بالثوابت الوطنية ستواجه بحسم

  • وأن مصر لن تسمح بكسر الشعب الفلسطيني أو اقتلاعه من أرضه

خلاصة المشهد

ما يجري اليوم يكشف:

  • ثبات الموقف المصري

  • سقوط المقاربة الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي

  • عودة القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العربي

  • تبلور تحالف إقليمي واسع يرفض المساس بالحقوق الفلسطينية

وبحسب الدبلوماسيين، فإن إسرائيل لم تفقد فقط ثقة الإقليم… بل ثقة المجتمع الدولي بأسره بسبب سلوكها الأحادي ورفضها تنفيذ اتفاقات صاغتها بنفسها.