الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

صلاح توفيق يكتب : غطرسة إسرائيل.. هل تصبح سببًا لاجتماع العرب بعد أن فرّقتهم؟

صلاح توفيق
بقلم - صلاح توفيق -

الاحتلال يستعرض بفتح المعبرللخروج ومصر تشترط دخول المساعدات

تُمارس إسرائيل، في الأسابيع الأخيرة، استعراضًا سياسيًا مكشوفًا تعرف قبل غيرها أنه بلا قيمة عملية، خصوصًا عندما تعلن—في خطوة مسرحية—عن “فتح” معبر رفح من جانبها فقط لخروج الفلسطينيين إلى مصر، دون السماح بدخول أي مساعدات إنسانية إلى غزة.
وهذه مفارقة صادمة: تريد إسرائيل أن يخرج أهل غزة عبر المعبر، لكنها تمنع عنهم الغذاء والدواء والوقود. إنها تريد المعبر ممرًا للتهجير فقط—not للنجاة.

الموقف المصري: الدخول والخروج أو لا فتح من الأساس

على الجانب الآخر، أعلنت مصر موقفًا واضحًا لا لبس فيه:

  • فتح المعبر يجب أن يكون في الاتجاهين

  • لا مانع من خروج الجرحى للعلاج داخل مصر، بشرط أن يعودوا إلى أرضهم وأهلهم

  • رفض قاطع بأن يتحول المعبر إلى بوابة تهجير جماعي

بينما تحاول إسرائيل الإيحاء للعالم بأنها “تسمح” للفلسطينيين بالخروج لأسباب إنسانية، إلا أن الحقيقة أنها تمارس المزايدة وتستخدم الملف للمناورة السياسية لا أكثر.

إسرائيل ودق الأسافين بين العرب.. سياسة قديمة تتجدد يوميًا

من ينسى جملة نتنياهو الشهيرة حين قال:

“كنا نعتمد على تفرقة العرب ونجحنا في ذلك.”

مرّ هذا التصريح مرور الكرام على كثيرين، لكنه يكشف بوضوح العقلية الإسرائيلية في إدارة الملفات الإقليمية.
واليوم، تستمر إسرائيل في محاولة زرع الشكوك وإشعال التوترات بين الدول العربية، مستخدمة كل أوراق الضغط الممكنة، بما فيها ملف المعابر.

لكن الجديد هو أن الوعي العربي لم يعد كما كان، وباتت محاولات تل أبيب أكثر فضيحة وأقل تأثيرًا.

جنون إسرائيل من التقدم العسكري المصري

يبدو واضحًا أن إسرائيل أصابها قلق حقيقي—بل ذهول—من معرض الصناعات الدفاعية المصرية، وما قدمه من قدرات غير مسبوقة، وعلى رأسها الطائرة “جبار-150” وغيرها من الصناعات التي تؤكد أن مصر تتقدم عسكريًا وصناعيًا بخطى ثابتة.

ورغم أن مصر دولة غير معتدية وتسعى دائمًا لحفظ السلام، إلا أن إسرائيل تحاول نقل صورة مشوهة للغرب، لأن صورتها الدولية أصبحت مُلطّخة وغير قابلة للتلميع.

ولعل ما قاله الرئيس الفرنسي كان صفعة واضحة لتل أبيب:

“مصر دولة ذات سيادة ومن حقها أن تصنع ما تريد.”

الموقف العربي الجديد: خطوط حمراء واضحة

التغير الحقيقي اليوم هو في حدة الرسائل العربية الموجهة لإسرائيل:

  • ولي العهد السعودي قالها صريحة من البيت الأبيض:

    “أي اتفاق يجب أن يتضمن إعلان دولة فلسطينية.”

  • الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قالها بلا مواربة:

    “مصر لا تشارك في ظلم.”

التصريحات مختلفة في الزمان والمكان، لكن المعنى واحد:
هناك شرق أوسط جديد لا يقبل بالابتزاز الإسرائيلي.

هل تجمعنا بلطجة إسرائيل كما فرّقتنا؟

السؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة:
هل حان الوقت ليجتمع العرب من جديد، بعد أن كانت إسرائيل سببًا في فرقتهم لعقود طويلة؟

ربما تكون الغطرسة الإسرائيلية المفرطة فرصة تاريخية لإعادة بناء الإرادة السياسية العربية بشكل موحد، خصوصًا أن المؤشرات الحالية تؤكد أن:

  • المزاج الدولي تغيّر

  • الدعم الأعمى لإسرائيل لم يعد كما كان

  • والرأي العام الغربي نفسه بدأ يرى الصورة كاملة

فهل تكون إسرائيل—بغرورها—هي السبب في توحيد الصف العربي كما فرّقته؟
هذا السؤال ستجيب عنه الأحداث القادمة، لكن المؤكد أن العرب اليوم ليسوا كما كانوا أمس، وأن الرسائل العربية باتت أكثر قوة وصلابة ووضوحًا.