تقرير الطب الشرعي يكش مفاجاءة
فشل الرقابة الإدارية على المدارس الخاصة وتداعيات التحقيقات في قضية الاعتداء على الأطفال

أعادت القضية المتفجرة داخل مدرسة سيدز الدولية بمنطقة السلام فتح ملف الرقابة الإدارية على المدارس الخاصة والدولية في مصر، بعد أن كشفت التحقيقات الأولية والتقارير الفنية عن ثغرات صادمة مكّنت سبعة متهمين من العاملين بالمدرسة من استدراج أطفال في مرحلة رياض الأطفال والاعتداء عليهم داخل منشأة تعليمية يُفترض أنها “آمنة”.
القضية التي أثارت غضب الرأي العام وضعت الجهة الإدارية المشرفة على المدارس الخاصة في دائرة التساؤلات:
كيف وقعت هذه الجريمة داخل مدرسة مجهزة بالكاميرات والمشرفين؟
وأين كانت الرقابة؟
ولماذا استمرت الانتهاكات لأكثر من عام وفق اعترافات المتهمين؟
تقارير الطب الشرعي توسّع دائرة الاشتباه وتكشف “فشلًا إداريًا”
التقرير الفني لمصلحة الطب الشرعي فجّر مفاجأة جديدة، حيث أثبت وجود خلايا بشرية لثلاثة متهمين إضافيين على ملابس الأطفال، ما أدى إلى توسعة دائرة الاتهام إلى سبعة متهمين من العاملين بالمدرسة.
هذا التطور أظهر أن الجريمة لم تكن حادثًا فرديًا، بل سلوكًا ممنهجًا تم تنفيذه داخل منشأة ضعيفة الرقابة، وهو ما اعتبرته جهات التحقيق “كارثة إدارية قبل أن تكون جنائية”.
أين كانت الرقابة الإدارية؟
التحقيقات رصدت 4 ثغرات رئيسية مكّنت المتهمين من تنفيذ جرائمهم:
1. وجود مناطق غير مغطاة بالكاميرات
رغم حصول المدرسة على التراخيص اللازمة، تبيّن وجود غرف ومساحات بعيدة عن الإشراف والكاميرات، وهي النقطة التي استغلها المتهمون لاستدراج الأطفال.
2. ضعف منظومة الإشراف على الأطفال
عدد المشرفين داخل مرحلة رياض الأطفال لم يكن كافيًا لمتابعة حركة التلاميذ داخل الممرات وغرف الأنشطة.
3. قصور في التعيين والتحقق الأمني
لم تتبع المدرسة الإجراءات الدقيقة للتأكد من خلفيات بعض العاملين، وهي نقطة أثارت انتقادات واسعة للجهاز الإداري المسؤول عن اعتماد العاملين بالمدارس الخاصة.
4. غياب الزيارات التفتيشية المفاجئة
أشارت مصادر مطلعة إلى أن الزيارات الإدارية للمدرسة كانت “روتينية” وغير كافية لاكتشاف المخالفات.
النيابة العامة: الطفل ضحية الإهمال الإداري قبل الجريمة
أكدت النيابة العامة في بيان رسمي أن التقصير الإداري والرقابي داخل المدرسة ساعد على وقوع الجرائم، وأن حماية الأطفال داخل المدارس ليست مسؤولية أولياء الأمور فقط، بل مسؤولية:
-
المدارس
-
الإدارات التعليمية
-
الأجهزة الرقابية
-
والمجتمع بأكمله
كما شددت النيابة على أنها تفتح خطوطًا مستقلة للتحقيق في تعريض الأطفال للخطر، وهو ملف إداري لا يقل خطورة عن الجانب الجنائي.
تفاصيل التحقيقات: عام كامل من الانتهاكات دون أن يلاحظ أحد
من خلال شهادات الأطفال وأقوال المتهمين، تبيّن:
-
استدراج الأطفال إلى غرف مظلمة بعيدة عن الكاميرات
-
استخدام سكين للتهديد لمنع الأطفال من الصراخ أو إبلاغ أسرهم
-
اعتداءات متكررة استمرت لأشهر طويلة
-
تطابق اعترافات المتهمين مع روايات الأطفال
-
ضبط أدلة رقمية على هواتف بعض المتهمين تشير إلى ميول جنسية منحرفة
-
العثور على آثار بيولوجية تؤكد تورط أسماء إضافية
هذه المعطيات دفعت النيابة العسكرية لطلب الملف نظرًا لضخامة الجريمة وتشابك المسؤوليات.
توجيهات عاجلة من الجهات المختصة لإغلاق ثغرات المدارس الخاصة
بعد انفجار القضية، صدرت تعليمات رسمية تشمل:
1. إلزام المدارس بتغطية جميع الأماكن بالكاميرات
لا استثناء لغرف الخدمات أو المخازن أو الممرات الداخلية.
2. منع أي عامل من الانفراد بطفل داخل المدرسة
إلا داخل غرف مكشوفة وتحت الإشراف.
3. مراجعة ملفات العاملين بالكامل
خاصة في وظيفة العمال والفراشين والمشرفين والسائقين.
4. زيارات تفتيش مفاجئة يوميًا وليس دوريًا
مع تحرير محاضر فورية للمخالفين.
5. خط ساخن للإبلاغ عن أي مخالفات داخل المدارس الخاصة
وإلزام المدارس بإعلانه لأولياء الأمور.
رسالة للمجتمع: حماية الأطفال تبدأ من المدرسة
القضية أكدت أن الرقابة الإدارية ليست رفاهية، بل حائط الصد الأول أمام أي جريمة داخل مؤسسة تعليمية.
وأن ترك غرفة واحدة دون كاميرا…
أو قبول موظف دون مراجعة خلفيته…
قد يؤدي إلى كارثة تمسّ أطفالًا في عمر البراءة وتدمّر مستقبلهم.
جرس إنذار يجب أن يعيد تشكيل منظومة الرقابة كاملة
فضيحة سيدز الدولية ليست مجرد حادث جنائي، بل فشل إداري شامل يجب أن تتم مواجهته بتشريعات جديدة وتشديد الرقابة على المدارس الخاصة والدولية.
لأن حماية الأطفال…
ليست مسؤولية المدرسة وحدها، بل مسؤولية دولة ومجتمع كامل.

