توقف قناة توكل كرمان عن البث لسلل وقف التمويل

تطور مفاجئ يعكس حجم التحديات التي تواجهها الأذرع الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الخارج، أعلنت قناة "بلقيس" اليمنية المملوكة للناشطة الإخوانية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، إيقاف بثها التلفزيوني بشكل كامل، بعد عشر سنوات من انطلاقها من مدينة إسطنبول التركية.
بيان رسمي مقتضب.. وغياب للشفافية
القناة نشرت بيانًا رسميًا مقتضبًا يوم الجمعة 28 نوفمبر 2025، أكدت فيه أن "بثها التلفزيوني سيتوقف لأسباب قاهرة وخارجة عن الإرادة"، دون الخوض في التفاصيل أو توضيح الأسباب الفعلية وراء هذا القرار المفاجئ. وأوضحت القناة أنها ستواصل نشاطها مؤقتًا عبر منصاتها الرقمية إلى حين تحسن الظروف وإمكانية استئناف البث مجددًا.
لكن خلف هذا البيان المختصر تقف العديد من المؤشرات التي تكشف أزمة أعمق تمر بها القناة، بل وربما المشروع الإعلامي الإخواني ككل في المرحلة الراهنة.
مفاجأة للعاملين.. وإغلاق دون إنذار
بحسب مصادر مطلعة داخل القناة، فقد تفاجأ طاقم العمل بالقرار دون إشعار مسبق، حيث أبلغهم مجلس الإدارة، الذي ترأسه توكل كرمان، بوقف البث بشكل فوري، ما أدى إلى حالة من الاستياء والغموض في صفوف العاملين الذين لم يتلقوا توضيحات كافية بشأن مستقبل القناة أو مستحقاتهم الوظيفية.
قناة بلقيس.. صوت الإخوان الناعم من إسطنبول
تأسست قناة بلقيس في 11 فبراير2015، بعد أشهر من سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، حيث بدأت بثها من العاصمة اليمنية المؤقتة عدن قبل أن تنتقل طواقمها إلى إسطنبول لتبث من هناك، مستفيدة من الدعم التركي لتيارات الإسلام السياسي، وعلى رأسها الإخوان.

وخلال سنوات عملها، لعبت القناة دورًا إعلاميًا بارزًا في الترويج لخطاب جماعة الإخوان في اليمن، تحت غطاء حقوقي ومدني تمثل في شخصية توكل كرمان التي كانت لسنوات من أبرز الوجوه المدافعة عن الجماعة في المحافل الدولية.
ضغوط مالية وتنظيمية.. ومقر في مهب العاصفة
رجّح محللون أن قرار وقف البث لا يعود فقط إلى "ظروف قاهرة"، بل إلى ضغوط مركبة أبرزها:
-
ضغوط مالية بعد تجفيف مصادر تمويل عديدة للجماعة على خلفية تصاعد الإجراءات الدولية تجاه مؤسسات الإخوان، خصوصًا في أوروبا والولايات المتحدة.
-
أزمة في المقر التنظيمي في إسطنبول بعد تغييرات في السياسة التركية الخارجية تجاه الجماعة، في إطار سعي أنقرة لتطبيع العلاقات مع دول عربية مناهضة للإخوان.
-
عقوبات أمريكية بدأت تلوح في الأفق منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال ولايته، عزمه تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، وهي السياسة التي لم تُلغَ بشكل واضح حتى اليوم.
نهاية مرحلة.. وتآكل النفوذ الإعلامي
إغلاق قناة بلقيس قد يكون بمثابة مؤشر رمزي على تراجع المشروع الإعلامي الإخواني الذي نشط في أعقاب موجات "الربيع العربي"، حيث شكّلت القنوات والصفحات والمواقع التابعة للجماعة رافعة أساسية للدعاية والتجنيد وتشكيل الرأي العام في الدول التي نشطت فيها.
لكن السنوات العشر الماضية شهدت تغييرات جذرية في موازين القوى السياسية في المنطقة، وهو ما قلّص من المساحات المتاحة أمام نشاط الجماعة، وأفقدها كثيرًا من أدواتها التقليدية في التأثير، لا سيما في ظل تصاعد الرقابة والملاحقات القانونية، وانحسار الدعم الدولي.
توكل كرمان.. بين جائزة نوبل وخسارة المنصة
توكل كرمان، التي لطالما استثمرت مكانتها كحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2011 لدعم خطاب جماعة الإخوان عبر قناتها، تبدو اليوم في موقف حرج، إذ لم تصدر عنها حتى لحظة كتابة التقرير أي تصريحات رسمية بشأن مصير القناة أو أسباب القرار، ما يعكس أزمة داخلية قد لا تتوقف عند بلقيس، بل تمتد إلى كافة مشروعاتها الإعلامية والحقوقية الأخرى.
هل يعاد بث القناة؟.. سيناريوهات المستقبل
حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على إمكانية استئناف البث قريبًا، خصوصًا في ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية على جماعة الإخوان، وصعوبة تمويل المشاريع الإعلامية المكلفة دون دعم من دول أو كيانات قوية.
وقد يكون الحل الوحيد أمام "بلقيس" هو التحول الكامل إلى منصات السوشيال ميديا كبديل رقمي أرخص تكلفة، لكنه بلا تأثير جماهيري كبير، خاصة في الدول التي تفرض رقابة صارمة على المحتوى المتطرف أو السياسي المرتبط بجماعات محظورة.

