الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

عبدالله حشيش يكتب : حرب أهلية ”مرجحة ” تدق أبواب إثيوبيا.

الكاتب الصحفي - عبدالله حشيش
بقلم -عبالله حشيش -

إثيوبيا على حافة الانفجار.. حرب أهلية “مرجَّحة” تدق أبواب أديس أبابا من جديد

تشير المعطيات في الداخل الإثيوبي الي حرب أهلية وشيكة بين جبهة تحرير شعب تيجراي وحكومة ابي احمد الفيدرالية، وبات شبح الحرب يطل بقوة في شمال إثيوبيا ويعيد الي الاذهان الحرب السابقة بين الطرفين عامي٢٠٢٠_٢٠٢٢،والتي حسمتها قوات الحكومة الإثيوبية بمساعدة مباشرة من الجيش الارتريري وتم وقف إطلاق النار في إقليم تيغراي، شمالي إثيوبيا، بعد حرب أهلية وحشية و بعد تدخل ووساطة من الولايات المتحدة وحلفاؤها في عهد إدارة جو بايدن. ففي نوفمبر 2022، وبعد ضغط مسؤولون غربيون وأفارقة – خشية أن تفضي النزعات الانفصالية في تيغراي إلى تفكك ثاني أكبر بلد أفريقي من حيث عدد السكان – على الحكومة الإثيوبية وقيادة الإقليم ممثلة في جبهة تحرير شعب تيغراي، للقبول بتسوية سياسية ووقف لإطلاق النار.

اتفاق يتداعى.. واتهامات بطائرات مسيّرة تشعل الجبهة

وبعد ثلاثة أعوام فقط، يوشك كل شيء على الانهيار. ففي السابع من نوفمبر، اتهمت جبهة تحرير شعب تيجراي حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد بـ"الانتهاك العلني" للاتفاق، عبر شن ضربات بطائرات مسيّرة على أهداف داخل الإقليم. جاء ذلك عقب اشتباكات بين قوات تيغراي وميليشيات متحالفة مع الحكومة الفيدرالية في إقليم عفر المجاور. وردّ آبي بإيقاف التحويلات المالية الفيدرالية إلى الإقليم، متهماً سلطاته بتبديد الموارد الشحيحة على تجنيد المقاتلين وشراء السلاح.

تهديدات مباشرة.. وسباق تسلّح داخل الشمال الإثيوبي

ويهدد آبي أحمد في تأكيد له على أنه إذا اندلعت الحرب "فلن يستطيع أحد أن يوقفنا"، . كما جدد رئيس أركان الجيش الإثيوبي التهديد المباشر حيث أعلن أن "إثيوبيا لن تنعم بالسلام ما لم تُستأصل جبهة تحرير شعب تيغراي". في المقابل، يفاخر القادة العسكريون في تيغراي باستعدادهم للقتال من جديد. وفي ميقلي، عاصمة الإقليم، يتحدث السكان عن طوابير أمام المصارف والمتاجر، بينما يسارع الناس إلى سحب مدخراتهم وتخزين المؤن تحسباً لعودة الحرب.

و تعيد هذه المشاهد إلى الأذهان الطريق التي قادت إلى حرب 2020؛ يومها كانت الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير شعب تيغراي – التي هيمنت على الحياة السياسية في إثيوبيا نحو ثلاثة عقود قبل صعود آبي إلى السلطة عام 2018 – تستعدان جهاراً للمواجهة وتتبادلان الاستفزازات، في انتظار الطرف الذي سيطلق الشرارة الأولى .

ويزيد من تعقيد المشهد في الداخل الإثيوبي، احتمال اندلاع حرب بين إثيوبيا وإريتريا، والذي يفرض رسم خريطة التحالفات في القرن الأفريقي بأكمله. وفي إقليم تيغراي، الواقع بين الدولتين، سيكون على الأرجح ساحة المواجهة.

أمهره تشتعل.. وصعود ميليشيات «فانو» يربك حسابات آبي

لم تقتصر شبح الحرب الأهلية قاصرا على قومية التيجراي ولم تعد وحدها المتازمة من سياسات حكومة ابي احمد الفيدرالية حيث برزت في الساحة ميليشيات من إقليم أمهرة، الواقع جنوب تيجراي وتعرف باسم «فانو»، دخلت منذ عام 2023 في تمرّد مفتوح على آبي وحكومته، ودخلت في هجوم مباغت أواخر سبتمبر الماضى ، وتمكنت قوات «فانو» من دحر وحدات من الجيش الحكومي في شرق أمهرة، وحققت مكاسب ميدانية سريعة. وينسب الي مسؤول إثيوبي سابق قوله إن حجم تلك العملية "أطلق موجات من الصدمة في أروقة السلطة في أديس أبابا". ويُرجح أن «فانو» تلقت دعماً من كلٍّ من إريتريا وجبهة تحرير شعب تيغراي. بل إن قادة عسكريين من تيغراي وأمهرة، إضافة إلى ضباط إريتريين ومتمردين من إقليم أوروميا – مسقط رأس آبي – عقدوا في الآونة الأخيرة اجتماعات في السودان لبحث تنسيق التخطيط العسكري المشترك، ويرى مسؤولون في جبهة تحرير شعب تيغراي أن الخطر الأكبر على الإقليم – وعلى توازنات المنطقة – هو آبي نفسه، وقد بدأوا بالفعل في مدّ جسور الاتصال مع أسياس أفورقي رغم الفظائع الكثيرة التي ارتكبتها القوات الإريترية في الحرب السابقة وتحالفها مع قواب ابي احمد.