مصر تتحول إلى «صين جديدة» قرب قناة السويس.. طفرة غير مسبوقة في الاستثمارات الصينية وتوسع صناعي يرسّخ شراكة استراتيجية

تشهد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس طفرة استثمارية غير مسبوقة، جعلتها محورًا استراتيجيًا لوجود الشركات الصينية في مصر، حتى تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى ما يشبه "صينًا صغيرة" على شاطئ القناة.
ومع تأسيس 125 مشروعًا صينيًا داخل المنطقة وحدها، أصبحت الصين ثاني أكبر جنسية استثماريًا بعد المصريين، وهو تحول يعكس عمق الشراكة الاقتصادية بين البلدين وقوة الجاذبية الاستثمارية للموقع الاستراتيجي لقناة السويس.
أرقام ضخمة.. 5.7 مليار دولار استثمارات صينية حتى نوفمبر 2025
بحسب بيانات المنطقة الاقتصادية، بلغت قيمة الاستثمارات الصينية في مصر 5.7 مليار دولار حتى نوفمبر 2025، بعد زيادة قدرها 2.7 مليار دولار خلال الشهور الإحدى عشرة الأولى من العام فقط، مقارنة بـ 3 مليارات دولار بنهاية 2024.
وأكد وليد جمال الدين، رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن الهيئة نجحت خلال 3 سنوات ونصف في جذب استثمارات إجمالية بلغت 11.6 مليار دولار، نصفها تقريبًا استثمارات صينية، ما يجعل بكين الشريك الأبرز في نهضة المنطقة.
تيدا الصينية.. قلب الصناعة الجديد في قناة السوس
نجح التعاون مع منطقة تيدا الصينية داخل المنطقة الاقتصادية في خلق نمط صناعي متكامل، بلغ عدد مشروعاته الصناعية والخدمية واللوجستية أكثر من 200 مشروع بإجمالي استثمارات تجاوزت 3 مليارات دولار.
وفي منطقة القنطرة غرب الصناعية وصل حجم الاستثمارات الصينية إلى 700 مليون دولار، أغلبها في صناعات متقدمة تكنولوجيًا.
أبرز العقود الصينية خلال 2025 داخل المنطقة الاقتصادية

وقّعت الهيئة خلال العام عقودًا ضخمة مع شركات صينية في قطاعات إنتاجية متنوعة، منها:
-
عقد بقيمة مليار دولار مع شركة "سايلون" لتصنيع إطارات السيارات.
-
عقد مع شركة CJN لإنشاء مصنع أسمدة فوسفاتية في مدينة "سخنة 360" التي تطورها شركة السويدي للتنمية الصناعية، باستثمارات تصل إلى مليار دولار.
لماذا اختارت الشركات الصينية مصر؟
الإقبال الصيني المتزايد يعود إلى مجموعة من العوامل:
1. موقع استراتيجي فريد
قناة السويس تربط آسيا بأوروبا بأفريقيا، ما يتيح للشركات منفذًا مباشرًا إلى مليارات المستهلكين.
2. حوافز وإعفاءات قوية
المنطقة الاقتصادية تقدّم:
-
إعفاءات جمركية
-
تسهيلات ضريبية
-
إجراءات تأسيس مُيسّرة وسريعة
3. التوترات التجارية العالمية
الحرب التجارية بين أمريكا والصين دفعت الشركات للبحث عن مواقع إنتاج بديلة.
ومصر أصبحت خيارًا استراتيجيًا بفضل:
-
انخفاض تكلفة الإنتاج
-
الوصول السهل إلى الأسواق العربية والأفريقية
-
اتفاقيات التجارة الحرة
2800 شركة صينية تعمل حاليًا في مصر
كشف بيان سابق للهيئة العامة للاستثمار أن أكثر من 2800 شركة صينية تعمل حاليًا في مصر، باستثمارات تتجاوز 8 مليارات دولار تشمل:
-
منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة
-
مصانع سيارات
-
مشروعات طاقة
-
بنية تحتية
-
تكنولوجيا وصناعات متقدمة
شراكة استراتيجية تعيد رسم خريطة الصناعة في المنطقة
أكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب أن مصر تتجه لتوسيع التعاون مع الصين عبر:
-
تعميق التصنيع المحلي
-
رفع القيمة المضافة
-
دعم الإنتاج المشترك
-
زيادة الصادرات
-
جذب شركات التكنولوجيا والصناعات الثقيلة
ووصف الصين بأنها "شريك استراتيجي دائم" لمصر، وأن المرحلة المقبلة ستشهد توسعًا أكبر في المشروعات الضخمة.
مصر–الصين.. نموذج تعاون صناعي عالمي
أصبح التعاون حول قناة السويس نموذجًا متقدمًا للشراكة الصناعية بين دول الجنوب العالمي، حيث تمتد المشروعات الصينية من مجرد استثمارات مالية إلى بناء منظومة إنتاجية متكاملة تخدم السوق المحلي والإقليمي، وتساهم في:
-
خلق آلاف فرص العمل
-
تعزيز قدرات مصر الصناعية
-
دعم إستراتيجية التصدير
-
ترسيخ مكانة مصر كمركز لوجستي عالمي
ومع النمو المستمر للاستثمارات الصينية، تبدو السنوات المقبلة واعدة بتحول المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى واحدة من أهم البؤر الصناعية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وجسرًا محوريًا يربط آسيا بالقارة الأفريقية.

