مصر التي احتضنت السوريين تُجابَه بنداء “توقفوا عن أكل الفول والطعمية”!.. هل هكذا يُرَدّ جميل بلد لم يعاملهم كلاجئين؟

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية حالة كبيرة من السخط والاستياء، بعد تداول فيديو للصحفي السوري غسان ياسين يوجّه فيه نداءً للسوريين المقيمين في مصر يطالبهم فيه بـ"التوقف عن أكل الفول والطعمية"، في رسالة غريبة أثارت دهشة المصريين والسوريين على حد سواء، واعتبرها كثيرون إهانة غير مبررة للطعام الشعبي الأشهر في مصر، وللثقافة المصرية بشكل عام.
لكنّ الجدل حول الفيديو فتح الباب الأوسع للحديث عن كيف استقبلت مصر السوريين خلال حربهم، وكيف تعاملت معهم الدولة والشعب على أنهم جزء من المجتمع وليسوا “لاجئين”، في وقت كانت فيه دول كثيرة تغلق الحدود وتنصب الخيام وتقيّد الحركة.
مصر.. البلد الوحيد الذي لم يسمِّ السوريين "لاجئين"
منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، كانت مصر واحدة من الدول العربية القليلة التي فتحت أبوابها دون شروط أو قيود أمام السوريين، وقدّمت لهم معاملة متساوية مع المواطنين المصريين:
● لا خيام ولا معسكرات لجوء
لم تنصب مصر خيمة واحدة لاستقبال السوريين.
لم تُنقل العائلات إلى معسكرات معزولة.
لم يتم التعامل معهم كأرقام أو ملفات إنسانية.
بل عاش السوريون في قلب القاهرة والاسكندرية والجيزة ودمياط والمنصورة وأسوان، داخل نفس البيوت، نفس الشوارع، نفس الأسواق.

● حق العمل والتعليم والصحة كمواطنين
حصل السوريون في مصر على:
-
حرية العمل وفتح المشاريع.
-
الالتحاق بالمدارس والجامعات الحكومية.
-
الرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية.
-
الإقامة بلا تعقيد وبمصروفات رمزية.
وهو ما لم يحصلوا عليه في دول أوروبية أو عربية كثيرة.
الاندماج الاقتصادي.. السوريون قوة إنتاج وصناعة وليسوا عبئًا
ساهم السوريون في مصر في بناء:
-
عشرات آلاف المطاعم والمحال التجارية.
-
مصانع الأقمشة والموبيليا.
-
الاستثمارات الغذائية.
-
ورش الحلويات والخبز.
-
مشاريع صغيرة ومتوسطة ضخمت سوق العمل المصري.
وأصبحت عبارات مثل "السوري أخويا" و "إيد واحدة" جزءًا من الحالة الاجتماعية بين الشعبين.
فيديو غسان ياسين.. قلة حضارية لا تعبّر عن السوريين
في هذا السياق الإيجابي ظهر الفيديو محل الجدل، والذي قال فيه غسان ياسين:
“نداء عاجل إلى السوريين في مصر.. توقفوا عن أكل الفول والطعمية”
وهي جملة أثارت استياء الجميع، لأنها:
-
تعطي انطباعًا بوجود مشكلة غير موجودة.
-
تُظهر المصريين كأنهم يفرضون طعامًا على أحد.
-
تُسيء إلى العلاقة الطيبة بين الشعبين.
-
تُقلل من قيمة الطعام الشعبي المصري الذي يأكله المصريون أنفسهم يوميًا.
المصريون علّقوا على الفيديو بتعليقات ساخرة وغاضبة:
-
“محدش مكره حد على الفول والطعمية!”
-
“الناس دي نسيت إننا وقفنا معاهم من أول يوم!”
-
“فعلاً التفاهة ليها ناسها.”
أما السوريون أنفسهم فرفضوا التصريح واعتذر الكثير منهم معبّرين عن تقديرهم لمصر وشعبها.
مصر واحترام الضيف.. تاريخ لا يُنكر
ما قاله الصحفي غسان ياسين مجرد رأي فردي، لكنه لا يمحو حقيقة ثابتة:
● ملايين السوريين عاشوا وما زالوا يعيشون في مصر بحرية، وكرامة، وفرص، وتعليم، وعمل، وأمان
● الدولة لم تميز ضدهم.. والشعب اعتبرهم "أهلًا مش ضيوف"
● والمصريون لم يسألوا يومًا أحدًا: “أكلت فول ولا طعمية؟”
بل كانت مصر مثالًا لبلد يحترم الإنسان كإنسان، مهما كانت جنسيته أو ظروفه.
الأزمة الحقيقية ليست في الفول والطعمية.. بل في خلق فتنة بلا سبب
الحقيقة أن الفيديو ليس سوى إثارة غير محسوبة، تتجاهل:
-
عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين.
-
الدور المصري في حماية السوريين.
-
التضحيات التي قدمها المجتمع المصري لاحتضان الأشقاء.
وهو ما جعل رواد السوشيال ميديا يصفون الأمر بأنه:
“قلة حضارية جديدة لا تعبّر إلا عن صاحبها.”

