الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

مليشيات الدعم السريع.. بيانات التهدئة لا تُخفي حقيقة الدعم الخارجي وجرائم الحرب التي تغذي نزيف السودان

اطراف الصراع في السودان
-

مليشيات الدعم السريع في السوان تشكر ترامب في بيان

يعيش السودان أسوأ كارثة إنسانية منذ عقود في الوقت الذي تواصل مليشيات الدعم السريع إصدار بيانات سياسية تصوّر نفسها كـ"طرف مستجيب" لمبادرات وقف الحرب، في محاولة لتجميل صورتها أمام المجتمع الدولي، رغم الاتهامات الواسعة التي تلاحقها بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، وبتلقي دعم مباشر من بعض دول المنطقة وتنفيذ أجندات خارجية عمّقت الحرب وأطالت أمدها.

وجاء أحدث هذه البيانات اليوم الجمعة، حيث أعلنت قوات الدعم السريع "استجابتها الكاملة والجادة" لمبادرات وقف الحرب، في خطوة يراها مراقبون محاولة للالتفاف على الضغوط الدولية، لا سيما مع تزايد التقارير التي تشير إلى تورط دول إقليمية في تمويل وتسليح المليشيات بما يخدم مصالحها داخل السودان.

الدعم السريع تشكر "ترامب" ودول الرباعية.. محاولة لتدويل الصراع وتبرئة الذات

مليشيا الدعم السريع تهاجم قرية التومسة بجنوب ولاية الجزيرة وتقتل 14 من  المدنيين بينهم نساء وأطفال - بوابة الأهرام

أصدرت المليشيات بيانًا أعربت فيه عن "تقديرها البالغ" للتحركات الدولية بشأن السودان، موجّهة شكرًا خاصًا للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وللدول الرباعية، في خطوة وصفها محللون بأنها محاولة لإظهار الدعم السريع كطرف سياسي شرعي، رغم وجود أدلة دامغة على تورطها في جرائم حرب.

ويميل مراقبون إلى الاعتقاد بأن الخطاب السياسي للمليشيات يسعى لخلق شرعية دولية موازية، بدعم من بعض القوى الإقليمية التي تعمل على إعادة تشكيل الخريطة السودانية بما يخدم مصالحها الاقتصادية والأمنية عبر دعم وكلاء محليين.

اتهامات مباشرة لفلول النظام السابق.. تغطية على مسؤولية المليشيا عن الجرائم

وفي محاولة لتحويل الأنظار بعيدًا عن الاتهامات الموجهة إليها، زعمت قوات الدعم السريع أن "العقبة الحقيقية أمام السلام" هي فلول النظام السابق وقيادات الإخوان المسلمين، في اتهام وصفه خبراء بأنه محاولة لتحميل أطراف أخرى مسؤولية الحرب وتبرئة ساحتها رغم التقارير الأممية التي وثّقت:

  • عمليات قتل جماعي

  • انتهاكات بحق النساء

  • تهجير قسري

  • السيطرة بالقوة على أحياء مكتظة بالسكان

  • استخدام المدنيين دروعًا بشرية

ويقول مراقبون إن المليشيات تستخدم الخطاب السياسي للتحايل على المجتمع الدولي وتقديم نفسها كجزء من الحل، بينما هي في الواقع أحد أكبر مسببات الأزمة الإنسانية.

أهداف الدعم السريع الحقيقية: السيطرة على الدولة عبر الدعم الخارجي

من هي قوات الدعم السريع؟.. «ميليشيات قبلية» تأبى الاندماج تحت مظلة القوات  المسلحة السودانية | المصري اليوم

تؤكد مصادر سياسية ودولية أن الدعم السريع تستند في بقائها إلى دعم مباشر من بعض دول المنطقة، التي توظف الصراع السوداني لخدمة مصالحها الجيوسياسية، سواء عبر:

  • السيطرة على الموارد الطبيعية

  • النفوذ العسكري على الحدود

  • استخدام المليشيات كأداة ضغط إقليمي

  • خلق واقع جديد يمنح هذه الدول قدرة أكبر على التحكم في القرار السوداني

ويشير محللون إلى أن هذا الدعم هو السبب الرئيسي لاستمرار الحرب، إذ يمنح المليشيات القدرة على مواصلة القتال رغم الخسائر الكبيرة، بينما يدفع المدنيون الثمن الأكبر.

الجيش السوداني: لا هدنة قبل انسحاب المليشيات من الأحياء السكنية

وعلى الجانب الآخر، يواصل الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان تمسكه بموقفه الرافض لأي هدنة قبل انسحاب الدعم السريع من:

  • الأحياء السكنية

  • المستشفيات

  • المرافق الحيوية

  • مقرات الشرطة والقضاء

  • البنى التحتية الخدمية

ويؤكد الجيش أن المليشيات تحتل هذه المناطق بالقوة، وأن قبول أي هدنة دون انسحاب كامل سيُعد "شرعنة للاحتلال الداخلي" الذي تمارسه قوات الدعم السريع.

وفي حال رفضت المليشيات الانسحاب، هدّد الجيش بـ مواصلة القتال وإخراجها بالقوة، معتبرًا أن حماية المدنيين لا تتحقق إلا بتطهير المدن من قبضة المليشيات المدعومة خارجيًا.

مليشيا دارفور الشرسة .. التحول من الجنجويد إلى قوات الدعم السريع - البابور

فشل مساعي الرباعية... ونفوذ الدعم الإقليمي يؤخر الحل

تعمل مجموعة الرباعية (مصر – الإمارات – السعودية – الولايات المتحدة) على محاولة دفع الأطراف السودانية لوقف إطلاق النار، لكن هذه الجهود تواجه بطئًا شديدًا للأسباب التالية:

  1. الدعم الخارجي المتواصل للمليشيات

  2. تعدد أجندات اللاعبين الإقليميين

  3. تعقّد تركيبة الدعم السريع ومصادر تمويلها

  4. رغبة بعض القوى في إطالة الصراع لاستخدام السودان كورقة نفوذ

  5. استمرار سيطرة المليشيات على مناطق حساسة داخل العاصمة

وهذا التعثر يؤكد أن الحل العسكري أو السياسي سيظل رهينًا بوقف التدخلات الأجنبية التي تغذي الحرب.

السودان ضحية مليشيات مدعومة خارجيًا وحرب تُدار عن بُعد

يتفق خبراء الشأن السوداني على أن الحرب لم تكن لتستمر لولا الدعم الإقليمي السري والمعلن للدعم السريع، وأن هذه المليشيات أصبحت تتصرف كوكيل خارجي أكثر من كونها قوة سودانية.

وبينما تصدر المليشيات البيانات الناعمة التي تتحدث عن السلام، لا تتوقف تقارير المنظمات الدولية عن توثيق الجرائم والانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين، ما يجعل السودان رهينة حرب تُخاض بالوكالة على أرضه.

ومهما طال الصراع، فإن الحقيقة تبقى ثابتة:
لا سلام في السودان قبل وقف الدعم الخارجي للمليشيات ونزع سلاحها وعودة الدولة لسيادتها الكاملة.