صلاح توفيق يكتب : سقوط النخبة… حين كشفت الانتخابات عورات “المشجعين بلا مبدأ”

النخبة بين التشوهات الخُلقية والخَلقية.. مشهد مخزٍ في زمن لا يرحم الذاكرة
منذ اللحظة التي وجّه فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة أن تكون الانتخابات البرلمانية معبّرة عن صوت المواطن المصري الحقيقي، ظهرت أمام المجتمع المصري صورة فاضحة لم تكن الدولة هي من صنعها او حت بها بل صنعتها النخبة التي تتصدر المشهد في الحياة السياسية المصرية من احزاب واعلامين وهي نخبة تزعم احتكارها للوعي والفكر.
هؤلاء الذين رفعوا راية التهليل والتطبيل للعملية الانتخابية قبل توجيهات الرئيس عادوا بعد ساعات فقط ليصبّوا جام غضبهم وانتقادهم عليها، وكأنهم لم يكونوا هم أنفسهم قبل سساعات من توجية الرئيس من قدّسوا المشهد سابقًا واشادوا به ليري المواطن المصري تشوة فكري لانظير له في الدنيا .
وهكذا، برزت أمامنا أكبر عملية تشوّه خُلقي وفكري داخل النخبة التي من المفترض أنها مرآة المجتمع وموجهته… فإذا بها تتحول إلى مجرّد مرآة معطوبة تعكس كل العيوب التي تحاول إخفاءها.
الدولة لا تدافع عن الخطأ… النخبة هي التي تفعل
الدولة المصرية—وبصرف النظر عن أي اختلافات أو تقييمات—لم يعد في قاموسها سياسة الدفاع عن أخطاء أحد او تحمل اخطا الاخرين .
فلم تعد الدولة المصرية مضطرة إلى تبرير تصرفات فرد أو جماعة أو حزب وليس في مصلحة الدولة ان تتحمل خطايا الاخرين وعلي هؤلاء ان يتحملوا خطاياهم بانفسهم فالدولة لايجب ان تتحمل اخطا احد .
فالمبدأ واضح: لا تستر على مخالفة، ولا حماية لمن يُخطئ، ولا غطاء فوق سقف القانون.
أما هذه النخبة، فهي التي أدمنت الدفاع عن الشيء ونقيضه، واعتادت أن تدفع المجتمع إلى مربعات ضيقة لا تليق به.
هي من حولت نفسها إلى بوق لا مبادئ له، يرتفع صوته بحسب مزاج اللحظة، لا بحسب ثوابت الفكرة.
السقوط كان مدويًا… والذاكرة الرقمية لا ترحم
لم يعد بإمكان أي أحد اليوم أن يتنكر لما قاله بالأمس.
فـ السوشيال ميديا تمتلك ذاكرة لا تمحى، وملفّات لا تعرف النسيان.
صفحات عديدة أعادت نشر تصريحات وتحليلات تلك النخبة—قبل وبعد توجيهات الرئيس—لتظهر الفضيحة في أوضح صورها:
-
تناقض فج
-
تحول بلا مبدأ
-
قفز من مركب لآخر بكل سهولة وبطريقع غريبه وعجيبه في نفس الوقت تصيب المتابع بالذهول
-
تسوّل للظهور وأخذ القطة على حساب الحقيقة
إنه مشهدٌ مخجل لا يمكن تجميله، ولا يمكن إنكاره، لأنه ببساطة مسجّل بكل حرف، ومكتوب بالصوت والصورة.
النخبة التي فقدت دورها
النخبة التي كان يُفترض أن تكون
صوت العقل…
ميزان الوعي…
حائط الصدّ الأخير…
تحولت اليوم إلى مشجعين بلا رؤية، ومحللين بلا ضمير، ورجال رأي بلا رأي.
بل إن كثيراً من العامة أصبحوا أكثر وعيًا وثباتًا من تلك الوجوه التي تظهر على المنابر الإعلامية، وتتبدل مواقفها وفقًا لاتجاه الريح وليس مصلحة الدولة والوطن .
مصر لا تحتاج إلى نخبة مزيفة
الدولة لا تحتاج إلى منافقين.
ولا تحتاج إلى نخبة من ورق.
ولا تحتاج إلى من يتغير كلما تغير المشهد.
مصر تحتاج إلى أصحاب موقف—ولو كان مخالفًا—لكن ثابتًا.
تحتاج إلى من يدافع عن فكرة، لا عن موقع.
إلى من يحترم عقله قبل أن يخاطب عقول الناس.
خلاصة القول
الانتخابات لم تُسقط أحد.
التوجيه الرئاسي لم يُسقط أحد.
ما أسقط تلك النخبة هو تاريخها القريب… مسجّلًا أمام ملايين المصريين.
لقد كشفت الانتخابات عورات النفاق الفكري والتشوة الخلقي وأسقطت الأقنعة عن وجوه طالما ادّعت الوعي.
وفي زمن لا ينسى شيئًا،
لا مكان لمشجعين بلا مبدأ،
ولا مستقبل لنخبة لا تعرف ثبات الموقف،
ولا احترام لمن يصفّق اليوم… ويصرخ غدًا.

