الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

الاقتصاد

حرب الدولار والذهب تشتعل.. تراجع أسعار المعدن الأصفر أمام صعود العملة الأمريكية وترقب حاسم لبيانات الاقتصاد الأمريكي

دولار وذهب
-

في خضمّ معركة اقتصادية عالمية محتدمة بين الدولار والذهب، استيقظت الأسواق اليوم الإثنين 17 نوفمبر 2025 على تراجع جديد في أسعار الذهب عالميًا ومحليًا، وسط حالة من الترقب الحذر التي تسيطر على المستثمرين مع اقتراب صدور سلسلة من البيانات الاقتصادية الأمريكية التي ينتظرها العالم لتحديد ملامح المرحلة المقبلة من سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

فعلى غير العادة، يسجّل الدولار صعودًا قويًا يضغط على أسعار الذهب ويحدّ من جاذبيته، في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن تباطؤ النمو العالمي، بينما يحاول المستثمرون قراءة اتجاهات السوق وسط ما يشبه "حرب كسر العظم" بين العملة الأمريكية والمعدن النفيس.

هذه الحرب ليست مجرد تحرك يومي للأسعار، بل صراع اقتصادي أعمق يتجاوز الأسواق التقليدية ليصل إلى الخطط الاستثمارية للدول وصناديق التحوط والمؤسسات المالية الكبرى، وهو ما انعكس مباشرة على أسعار الذهب في عدد من الدول العربية ومنها مصر والأردن والسعودية، وكذلك في الأسواق العالمية التي تتأرجح تحت وطأة الدولار القوي.

الذهب - أرشيفية

الدولار يضغط.. والذهب يفقد 0.4% من قيمته عالميًا

بحلول الساعة 10:08 صباحًا بتوقيت أبوظبي، انخفض الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.4% مسجلًا 4062.96 دولارًا للأوقية، بينما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة بنسبة 0.7% إلى 4064.50 دولارًا للأوقية.

وشهد مؤشر الدولار ارتفاعًا جديدًا للجلسة الثانية على التوالي أمام سلة العملات الرئيسية، وهو ما جعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى، وبالتالي أدى إلى موجة بيع ملحوظة في السوق العالمية.

الذهب - أرشيفية

وبحسب تحليل الخبير الدولي تيم ووترر، فإن تراجع توقعات خفض الفائدة من 50% إلى 46% فقط وفق أداة "فيد ووتش" ينعكس سلبًا على الذهب، لأن المستثمرين يدركون أن استمرار السياسة النقدية المتشددة يعني المزيد من الضغط على المعدن الثمين.

لماذا تشتعل “حرب الدولار والذهب” الآن؟

تعود جذور هذا الصراع إلى عدة عوامل مؤثرة:

1- توقعات الفائدة الأمريكية

كلما ارتفعت احتمالات تثبيت أو رفع معدلات الفائدة، يخسر الذهب قوته، لأنه أصل لا يدرّ عائدًا، بينما يتجه المستثمرون نحو السندات والدولار.

2- أزمة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة

ورغم انتهاء حالة الإغلاق، لا يزال الغموض يخيّم على الأسواق بشأن وضع الاقتصاد الأمريكي، ما يدفع الدولار إلى الارتفاع بينما يتراجع الذهب بفعل التصريحات المتشددة لبعض مسؤولي الفيدرالي.

3- ضعف الطلب العالمي

مع ارتفاع الأسعار فوق حاجز 4000 دولار للأوقية خلال الأشهر الأخيرة، بدأ الطلب الفعلي يتراجع نسبيًا، خصوصًا من جانب المشترين الآسيويين.

4- التحركات السياسية والجيوسياسية

كلما زادت التوترات، يميل الذهب للصعود، والعكس صحيح… ومع هدوء نسبي في المشهد العالمي خلال الأيام الماضية، تراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن.

كيف ينعكس هذا الصراع على أسعار الذهب في الدول العربية؟

تأثرت الأسواق العربية كلها تقريبًا بهذا التراجع، خصوصًا الدول التي تعتمد في تسعير الذهب على الدولار بشكل مباشر مثل مصر والسعودية والأردن والإمارات.

ففي مصر، يتأثر السعر المحلي عادةً بثلاثة عوامل:

  1. السعر العالمي

  2. سعر الدولار في السوق الموازية

  3. حجم الطلب الداخلي

ومع صعود الدولار أمام الجنيه، يبقى التراجع في السعر العالمي محدود التأثير محليًا.

توقعات أسعار الذهب على المدى القريب (48 – 72 ساعة)

استنادًا إلى التحليل الفني والسلوك التاريخي للسوق في أوقات مشابهة، تشير التوقعات إلى:

سيناريو أول: استمرار الضغط على الذهب

إذا ظل الدولار قويًا واستمرت توقعات الفائدة عند مستويات منخفضة لخفض الفائدة:

  • قد يهبط الذهب إلى منطقة 4040 – 4015 دولارًا للأوقية.

  • وهذا يعني انخفاضًا إضافيًا في الأسواق العربية بنسبة تتراوح بين 0.5% و1.2%.

سيناريو ثانٍ: ارتداد مؤقت قبل بيانات الخميس

إذا بدأ المستثمرون في شراء الذهب تحسبًا لصدور بيانات الوظائف:

  • قد يعود الذهب لاختبار منطقة 4100 – 4130 دولارًا للأوقية.

  • مع ارتفاع محدود في الأسعار المحلية.

التوقع الأرجح

نظرًا لسيطرة الدولار، فإن الهبوط الأقرب خلال الساعات المقبلة هو السيناريو الأكثر احتمالًا، خاصة قبل الإعلان عن بيانات الوظائف الأمريكية.

أسعار المعادن النفيسة الأخرى

رغم تراجع الذهب، شهدت المعادن الأخرى بعض الارتفاعات المحدودة:

  • الفضة: +0.5% لتصل إلى 50.81 دولارًا للأوقية

  • البلاتين: +0.5% مسجلًا 1548.37 دولارًا

  • البلاديوم: +0.7% ليصل إلى 1394 دولارًا

وهو ما يعكس حالة من إعادة توجيه السيولة نحو بعض السلع الأقل تأثرًا بالدولار مقارنة بالذهب.

هل يستمر الذهب في النزيف؟

تظهر المؤشرات الحالية أن الذهب يمرّ بمرحلة ضغط قوية نتيجة التحركات العنيفة للدولار.
ومع اقتراب بيانات الوظائف الأمريكية، ستبقى الأسواق في حالة ترقب، لكن الاتجاه العام يميل نحو استمرار “حرب الدولار والذهب” في الأيام المقبلة، وربما يمتد تأثيرها حتى اجتماع الفيدرالي القادم.

وفي ظل هذه المواجهة القوية، ينصح المحللون المستثمرين بتوخي الحذر، وعدم اتخاذ قرارات شراء أو بيع دون متابعة دقيقة لحركة الدولار والترقب للبيانات الأمريكية المرتقبة.