سبوبة الرفق بالحيوان
كارثة تهدد المجتمع.. 40 مليون كلب ضال في شوارع مصر وتحذيرات عاجلة من انهيار التوازن البيئي

في أزمة لم تشهدها مصر من قبل، دقّ الدكتور شهاب الدين عثمان، رئيس جمعية الرفق بالحيوان بالقاهرة، ناقوس الخطر بعد الكشف عن أرقام صادمة تُظهر انفجارًا هائلًا في أعداد الكلاب الضالة التي تجوب الشوارع المصرية، مؤكدًا أن الأزمة لم تعد مجرد مشكلة صحية أو اجتماعية، بل تحولت إلى كارثة بيئية وأمنية تهدد حياة المواطنين واستقرار المجتمع.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت يتزايد فيه الجدل الشعبي حول انتشار الكلاب في الشوارع، وارتفاع حالات الهجوم على الأطفال والمواطنين، وسط غياب واضح لدور الدولة وضعف الحلول المقدمة حتى الآن.
انفجار غير مسبوق في الأعداد.. 40 مليون كلب ضال!
يكشف الدكتور شهاب عثمان أن الوضع وصل إلى مرحلة حرجة بعد وصول أعداد الكلاب الضالة إلى 40 مليون كلب في أنحاء الجمهورية، وهو رقم غير مسبوق يفوق قدرة أي دولة على السيطرة أو الاحتواء.
ويضيف أن معدل التوازن البيئي الطبيعي في مصر يتراوح بين 8 إلى 10 ملايين كلب فقط، مما يعني أن الأعداد الحالية تضاعفت أربع مرات، وخلقت خللًا بيئيًا خطيرًا قد يؤدي إلى انعكاسات لا يمكن التنبؤ بها على الصحة العامة والأمن المجتمعي.

منظمات تستغل الأزمة.. أرباح يومية تتجاوز 100 ألف جنيه!
بحسب التقرير، تحوّلت الأزمة إلى فرصة للربح السريع لدى بعض الجهات والأفراد ممن يستغلون مشاعر الرحمة لدى المواطنين، حيث يتم جمع تبرعات يومية ضخمة قد تتجاوز 100 ألف جنيه دون تقديم حلول حقيقية أو المشاركة في الحد من تفاقم الأزمة.
ويشير عثمان إلى أن هذه الجهات تستفيد من بقاء الوضع المتدهور، وتعمل على حمايته بشكل غير مباشر نظرًا للمكاسب المادية التي يحققونها، ما يجعل التعامل مع الأزمة أكثر تعقيدًا.
كيف انفجرت المشكلة؟ الدولة انسحبت منذ 2011
يؤكد رئيس جمعية الرفق بالحيوان أن جذور الأزمة تعود إلى الانسحاب الكامل للدولة من الملف منذ عام 2011، إذ كانت سيارات وزارة الداخلية تجوب الشوارع لتطبيق الرقابة والسيطرة على انتشار الكلاب — دون اللجوء للقتل العشوائي — قبل أن يتم إيقاف تلك الإجراءات بعد أحداث يناير.
ومع غياب دور جهاز الطب البيطري، ارتفعت معدلات التكاثر بشكل هائل، خاصة وأن الكلبة الواحدة يمكنها إنجاب 16 إلى 20 جروًا سنويًا، وهو ما أدى إلى الانفلات الكامل في أعداد الكلاب الضالة.
ويحذر عثمان من أن الاعتماد على التعقيم فقط غير كافٍ لوقف هذا النمو المتسارع، مشيرًا إلى أنه رغم الجهود، لم تظهر نتائج ملموسة على أرض الواقع.
سلوك عدواني متزايد.. أسباب خطيرة خلف هجمات الكلاب
يشير الخبراء إلى أن زيادة العدوانية لدى الكلاب الضالة تعود لعدة عوامل، أبرزها:
-
المنافسة والسيطرة داخل المجموعات
-
الافتراس باعتباره سلوكًا أصيلًا في الكلاب
-
الدفاع عن المناطق التي تتخذها مأوى
-
الجوع والألم والخوف
-
الغريزة الجنسية
-
حماية الجراء لدى الإناث
-
الغيرة على الطعام أو البشر
-
اللعب الذي قد يتحول إلى هجوم
هذا السلوك، مع وجود ملايين الكلاب غير المُطعَّمة وغير الخاضعة للرقابة، يرفع من احتمالات حدوث إصابات أو وفيات، كما يهدد الأطفال بشكل خاص.

عودة “السلعوة”.. تحذيرات من ظهور كلاب شبه برية
يحذر عثمان من أن استمرار الوضع سيؤدي إلى ظهور نوع من الكلاب شبه البرية، يُشبه ما كان يُعرف قديمًا باسم "السلعوة"، وهو حيوان شرس لا يخاف البشر وقد ظهرت حالات مشابهة في السنوات الماضية في بعض القرى والنجوع.
ويربط الخبراء هذا الخطر بتوسع القمامة، وزيادة مصادر الطعام في الشوارع، وغياب الرقابة البيطرية، ما يجعل البيئة مثالية لنمو هذا النوع من السلوك العدواني.
مطالب عاجلة للدولة.. قبل أن تصبح الأزمة خارج السيطرة
دعا الدكتور عثمان إلى تدخل حكومي فوري يشمل:
-
عودة دور وزارة الداخلية إلى ملف السيطرة على الكلاب الضالة
-
تفعيل منظومة التطعيم والتسجيل
-
وضع خطة حكومية مشتركة بين الصحة والبيئة والتنمية المحلية
-
مراقبة المنظمات المستفيدة من بقاء الأزمة
-
إعادة التوازن البيئي عبر برامج علمية منظمة
وأكد أن استمرار الوضع قد يؤدي إلى كارثة إنسانية وصحية، وارتفاع في الأمراض المشتركة، وزيادة في الإصابات اليومية التي باتت تهدد حياة الأطفال وكبار السن.
أصبحت تهديدًا حقيقيًا يتطلب تدخلًا سريعًا وحلولًا واقعية قائمة
أزمة الكلاب الضالة في مصر لم تعد مجرد ملف عابر، بل أصبحت تهديدًا حقيقيًا يتطلب تدخلًا سريعًا وحلولًا واقعية قائمة على العلم وإرادة الدولة، قبل أن تتفاقم الأمور أكثر من ذلك.

