شائعة اغتيال حميدتي بطائرة بيرقدار.. كيف بدأت؟ وما أهدافها؟ تقرير تحليلي يكشف خلفيات أخطر إشاعة في السودان

أثارت شائعة اغتيال قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي) ضجة واسعة مساء الجمعة، بعد تداول أنباء غير مؤكدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بمقتله إثر هجوم بطائرة "بيرقدار" مسيّرة، في خبر نسبته بعض الصفحات إلى قناة RTE دون أي دليل ملموس. ورغم الانتشار الهائل للمعلومة، لم يصدر أي تأكيد رسمي من الجيش السوداني أو قوات الدعم السريع أو أي وكالة أنباء دولية موثوقة، مما يضع الحدث في إطار الإشاعة المنظمة لا أكثر.
انتشار سريع دون مصادر موثوقة
بدأت القصة عندما تداولت عدة حسابات على منصّات التواصل خبرًا عاجلًا يشير إلى “اغتيال حميدتي بطائرة بيرقدار”، دون ذكر تفاصيل المكان أو توقيت العملية أو الجهات المسؤولة.
ورغم ادعاء بعض الصفحات أن الخبر صدر عن قناة RTE، لم تنشر القناة أي بيان رسمي يؤكد ذلك، كما خلت منصات الإعلام العالمي — مثل رويترز، أسوشيتد برس، فرانس برس — من أي خبر مشابه.
هذا الصمت الرسمي دفع المراقبين إلى وصف القصة بأنها إشاعة سياسية مقصودة تستهدف الصراع المحتدم في السودان.
أهداف محتملة وراء نشر الشائعة
تحمل شائعة بهذا الحجم دلالات سياسية قد تتجاوز مجرد ترويج خبر غير صحيح، إذ يراها خبراء جزءًا من حرب معلومات تستخدم لخلخلة الميدان وتغيير حسابات القوى المتصارعة.

1. إرباك قوات الدعم السريع
نشر خبر اغتيال قائد بحجم حميدتي قد يخلق:
-
فراغًا نفسيًا داخل قواته
-
ارتباكًا في القيادة
-
خللاً في التواصل الميداني
وهو ما قد تستفيد منه أطراف معادية في ساحة المعركة.
2. رفع معنويات الجيش السوداني
يمكن أن يستغل خصوم حميدتي هذه الشائعة لخلق حالة دعم معنوي داخلي، خصوصًا في ظل الحرب الطويلة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
3. الضغط على المسار السياسي
في ظل الجهود الدولية للتفاوض، قد تكون هذه الإشاعات محاولة للتأثير على:
-
موقع حميدتي التفاوضي
-
موازين القوى داخل أي تسوية محتملة
-
قبول الأطراف الإقليمية بأي ترتيبات انتقالية
4. اختبار ردود الفعل
بعض الجهات قد تستخدم مثل هذه الشائعات لقياس:
-
سرعة انتشار المعلومة
-
رد فعل الشارع السوداني
-
تحركات الدعم السريع بعد الخبر
غياب كامل للمعلومات الرسمية
حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم يصدر:
-
بيان من قوات الدعم السريع
-
توضيح من الجيش السوداني
-
تعليق من الحكومة السودانية
-
أي خبر من وسائل الإعلام الدولية
هذا الغياب يؤكد أن الخبر غير مثبت وأنه أقرب إلى حملة تضليل أو استهداف سياسي.
تداعيات الشائعة على المشهد السوداني
انتشار خبر بهذه الحساسية قد يؤدي إلى:
-
ارتفاع مستوى التوتر الأمني والعسكري
-
تعثر المسار السياسي الهش
-
زيادة العنف في مناطق الاشتباكات
-
تضارب الروايات بين الأطراف المتقاتلة
-
إطلاق موجة جديدة من الدعاية المضادة بين الجيش والدعم السريع
كما يمكن أن تشكّل الشائعة مقدمة لهجوم إعلامي أو عسكري أكبر أو وسيلة لتبرير تصعيد جديد.

رسالة سياسية تحمل أبعادًا عسكرية ونفسية وإعلامية
شائعة اغتيال حميدتي بطائرة بيرقدار ليست مجرد “خبر كاذب”، بل رسالة سياسية تحمل أبعادًا عسكرية ونفسية وإعلامية، وتدلّ على استمرار الصراع السوداني في الانزلاق داخل دوامة حرب المعلومات. وحتى صدور بيان رسمي، يبقى الخبر مجرد إشاعة غير مؤكدة، لكنه يكشف حجم التوتر والانقسام في السودان، ومدى استعداد الأطراف المختلفة لاستخدام كل أدوات الضغط لتحقيق مكاسب على الأرض.

