الذهب يقفز فوق 4100 دولار للأوقية عالميًا.. البنوك المركزية تقود موجة صعود جديدة وسط توقعات بخفض الفائدة الأمريكية

الذهب يعود إلى صدارة المشهد الاقتصادي العالمي
عاد المعدن الأصفر إلى واجهة المشهد الاقتصادي خلال اليومين الماضيين بعد سلسلة ارتفاعات حادة جعلت المستثمرين حول العالم يعيدون النظر في استراتيجياتهم المالية.
فخلال تعاملات الاثنين والثلاثاء، سجلت أسعار الذهب قفزات قياسية تجاوزت 140 دولارًا في يومين فقط، مدعومة بتزايد الطلب من البنوك المركزية العالمية، وعلى رأسها البنك المركزي الصيني، وارتفاع احتمالات خفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، في وقت تتصاعد فيه المخاطر الجيوسياسية والتجارية عالميًا.
قفزة قوية في الأسعار خلال تعاملات الاثنين والثلاثاء
شهدت الأسواق العالمية قفزة تاريخية في أسعار الذهب، إذ ارتفع في تعاملات الاثنين بنسبة 2.41% ليصل إلى 4098 دولارًا للأوقية، بزيادة بلغت 96.6 دولارًا عن الجلسة السابقة.
وفي تعاملات الثلاثاء، واصل الذهب صعوده ليسجل 4139 دولارًا للأوقية وفق آخر تحديثات وكالة بلومبرغ، مضيفًا 41 دولارًا إضافيًا إلى رصيده، ليبلغ أعلى مستوياته في ثلاثة أسابيع متتالية.
ويأتي هذا الارتفاع في ظل موجة شراء مكثفة من المؤسسات المالية وصناديق التحوط، التي اتجهت إلى المعدن النفيس كملاذ آمن أمام تقلبات الأسواق وارتفاع مخاطر الركود الاقتصادي.

البنوك المركزية تقود موجة الصعود.. والصين في المقدمة
أكد الدكتور محمد عبد الرحيم، الخبير الاقتصادي، أن استمرار البنوك المركزية في شراء الذهب هو العامل الأساسي وراء هذه الارتفاعات، مشيرًا إلى أن البنك المركزي الصيني واصل شراء الذهب للشهر الثاني عشر على التوالي.
وبحسب بيانات بنك الشعب الصيني الصادرة يوم الجمعة 7 نوفمبر 2025، ارتفعت احتياطيات الصين من الذهب إلى 74.09 مليون أونصة بنهاية أكتوبر، مقارنة بـ 74.06 مليون أونصة في سبتمبر، بزيادة واضحة عن العام الماضي حين بلغت 72.8 مليون أونصة — أي بارتفاع سنوي نسبته 1.8%.
وأضاف عبد الرحيم أن هذه التحركات تمنح المستثمرين ثقة إضافية في الذهب كملاذ آمن، مشيرًا إلى أن التراجعات الأخيرة كانت مجرد “تصحيحات سعرية”، وأن موجة صعود جديدة بدأت فعليًا مع عودة الطلب المؤسسي الكبير.
الفيدرالي الأمريكي وتوقعات خفض الفائدة
من جانبه، أوضح محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت بشركة الأهلي للاستثمار، أن السبب الرئيسي وراء مكاسب الذهب الأخيرة هو تزايد توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال اجتماع الفيدرالي المقبل.
وقال نجلة إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إلغاء المدفوعات الحكومية لبرنامج "أوباما كير" ستؤدي إلى تراجع الإنفاق الحكومي وارتفاع الضغوط الاجتماعية، وهو ما يزيد احتمالات التباطؤ الاقتصادي، ويعزز الإقبال على الذهب كتحوط ضد الأزمات.

السياسات الأمريكية تطبع الأموال وتدعم التضخم
أشار هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، إلى أن الارتفاع الأخير في الأسعار جاء “على غير المتوقع”، موضحًا أن الأسواق العالمية تمر بحالة من الارتباك الاقتصادي وتضارب السياسات المالية داخل الولايات المتحدة.
وقال ميلاد إن الذهب ارتفع بأكثر من 100 دولار خلال فترة وجيزة، رغم توقعات كانت ترجّح العكس بعد تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي لإنهاء الإغلاق الحكومي، مضيفًا أن السبب الحقيقي وراء هذه الارتفاعات هو استمرار الضغوط التضخمية في الاقتصاد الأمريكي.
وأوضح أن تقارير حديثة تحدثت عن طباعة ما يقرب من 300 مليار دولار دون غطاء إنتاجي كافٍ، وهو ما زاد من الطلب العالمي على الذهب كوسيلة لحماية الثروة من تدهور القوة الشرائية للدولار.
الأسواق المصرية تتأثر بالصعود العالمي
امتد تأثير الارتفاع العالمي إلى أسعار الذهب في مصر، حيث شهدت الأسواق المحلية مكاسب جديدة خلال تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025، مدفوعة بصعود الأوقية عالميًا واستقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
ويتوقع خبراء السوق المحلي أن تشهد أسعار الذهب في مصر موجة ارتفاع جديدة في حال استمرار الاتجاه الصعودي عالميًا، مع توجه المستثمرين الصغار إلى شراء السبائك والجنيهات الذهبية تحسبًا لزيادة أكبر في الأسعار.
الذهب في طريقه إلى قمم تاريخية جديدة
تشير المعطيات الحالية إلى أن الذهب يسير بثبات نحو مستويات قياسية جديدة، في ظل تصاعد المخاطر الجيوسياسية، واستمرار سياسات التيسير النقدي في الاقتصادات الكبرى.
ويرى الخبراء أن الأسعار قد تتجاوز حاجز 4200 دولار للأوقية خلال الأسابيع المقبلة إذا واصل الفيدرالي الأمريكي نهجه نحو خفض الفائدة، واستمرّت البنوك المركزية، وخاصة الصين، في تعزيز احتياطاتها من المعدن النفيس.

