غضب في طبريا بسبب «مدرسة أم نتنياهو».. قضية تغيير الاسم تتحول إلى أزمة سياسية وقضائية

تشهد مدينة طبريا الإسرائيلية جدلًا واسعًا بعد قرار بلدية المدينة تغيير اسم مدرسة "إرليخ" التاريخية إلى اسم شموئيل بن آرتسي، والد سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطوة أثارت موجة غضب واتهامات بـ"المحاباة السياسية" و"طمس التاريخ المحلي"، لتتحول القضية إلى أزمة علنية بين عائلة مؤسس المدرسة والحكومة.
قصة «مدرسة إرليخ».. من إرث تربوي إلى ساحة نفوذ سياسي
تعود القصة إلى المدرسة التي تحمل اسم آشر زيليغ إرليخ، أحد رواد التعليم العبري في الجليل ومؤسس أول مدرسة في طبريا لأطفال المهجرين من تل أبيب ويافا في منتصف القرن العشرين. بعد وفاته عام 1953، قررت بلدية المدينة تخليد اسمه بإطلاقه على المدرسة التي أصبحت رمزًا للنهضة التعليمية في شمال فلسطين المحتلة.
![]()
لكن القرار الأخير الذي يقضي بتغيير الاسم لصالح والد سارة نتنياهو أثار اعتراضات واسعة، خاصة بعد أن تم اتخاذه، بحسب الالتماس القضائي، دون استشارة الجمهور أو وزارة التربية والتعليم، ودون اتباع الإجراءات القانونية والإدارية المعتمدة.
حفيد المؤسس يقاضي البلدية: “محاولة لمحو إرث جدي”
قدّم ياھف إرليخ، حفيد آشر زيليغ إرليخ، التماسًا عاجلًا إلى محكمة الشؤون الإدارية يطالب فيه بمنع بلدية طبريا ورئيسها يوسي نڤاعاه من تنفيذ القرار، معتبرًا أنه باطل قانونيًا ويشكل "إهانة لإرث جده ومخالفة لمبادئ الشفافية".
وقال إرليخ في التماسه:
“هذه محاولة لمحو إرث شخص كرس حياته لتعليم أطفال طبريا، واستبداله بخدمة مصالح سياسية. القرار اتُخذ دون صلاحية وبطريقة تمسّ بتاريخ المدينة.”
وأضاف أن البلدية تعتزم إقامة حفل رسمي يوم الخميس المقبل بحضور بنيامين وسارة نتنياهو لوضع حجر الأساس للاسم الجديد، وهو ما أثار موجة من الغضب بين سكان المدينة الذين يعتبرون المدرسة جزءًا من هويتهم المحلية.
«شبهة رشوة سياسية» تلاحق القرار
أخطر ما جاء في الالتماس هو الإشارة إلى شبهة "رشوة سياسية"، إذ يتهم أصحاب الالتماس رئيس البلدية بأنه يحاول كسب دعم الحكومة الإسرائيلية عبر استرضاء عائلة نتنياهو.
وجاء في نص الالتماس:
“منذ تولي نڤاعاه منصبه، يسعى للحصول على دعم حكومي لتحويل أموال من الوزارات إلى طبريا. ويبدو أن هذه المبادرة لتكريم عائلة نتنياهو جاءت لتسريع هذا الدعم.”
ويرى مراقبون في إسرائيل أن القضية تتجاوز مجرد تغيير اسم مدرسة، لتصبح رمزًا لصراع بين النفوذ السياسي والعائلي من جهة، والذاكرة التاريخية المحلية من جهة أخرى.
القانون الإسرائيلي والتعليم الرسمي
بحسب لوائح وزارة التعليم الإسرائيلية، فإن تغيير اسم أي مؤسسة تعليمية لا يمكن أن يتم إلا بعد موافقة الوزارة، وليس بقرار من مجلس المدينة وحده. ويطالب أصحاب الدعوى المحكمة بإلغاء القرار وفرض إجراء شفاف يشارك فيه الجمهور قبل اتخاذ أي خطوة مماثلة مستقبلًا.
بلدية طبريا ترد
في المقابل، أصدرت بلدية طبريا بيانًا مقتضبًا أكدت فيه أنها تدرس الالتماس المقدم وسترد عليه رسميًا في المحكمة، دون أن تنفي أو تؤكد نيتها المضي قدمًا في الحفل المقرر بحضور عائلة نتنياهو.
“أم نتنياهو” في قلب الجدل
الملفت في هذه القضية أن الجدل لا يتركز على والد سارة نتنياهو فحسب، بل على الرمزية السياسية لزوجة رئيس الوزراء نفسها، التي توصف في الإعلام الإسرائيلي بأنها صاحبة تأثير كبير على قرارات زوجها.
ويرى كثير من الإسرائيليين أن هذه القضية تمثل دليلًا جديدًا على سطوة سارة نتنياهو في المشهد العام، حتى على المستويات الإدارية المحلية، وهو ما جعل وسائل الإعلام العبرية تطلق على المدرسة اسم “مدرسة أم نتنياهو” في إشارة ساخرة إلى نفوذها.
أزمة رمزية في وجه نتنياهو
تأتي هذه الحادثة في وقت يواجه فيه بنيامين نتنياهو ضغوطًا سياسية وشعبية متزايدة على خلفية الحرب في غزة والانقسام الداخلي في إسرائيل. لذا، يرى بعض المعلقين أن قضية المدرسة قد تتحول إلى عبء رمزي جديد على صورته العامة، خاصة بعد أن تحولت إلى قضية رأي عام تتناولها الصحف والقنوات الإسرائيلية بوصفها نموذجًا لهيمنة العائلة على الحياة العامة.

