اتفاقيات أبراهام.. مشروع التطبيع الأمريكي نحو شرق أوسط جديد وانضمام سوريا محطة مفصلية في طموح واشنطن

اتفاقيات أبراهام.. ولادة شرق أوسط جديد
منذ توقيعها في عام 2020، مثلت اتفاقيات أبراهام واحدة من أكثر التحركات الدبلوماسية إثارة للجدل في الشرق الأوسط، إذ سعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعادة صياغة المشهد الإقليمي من خلال تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية تحت مظلة السلام والتعاون الاقتصادي والأمني.
واليوم، وبعد مرور خمس سنوات على توقيع الاتفاقيات الأولى، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مفاجأة مدوية، وهي أن واشنطن تضع اللمسات الأخيرة على صفقة شاملة مع سوريا للانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية، في خطوة غير مسبوقة تمثل تحولًا تاريخيًا في مسار العلاقات العربية الإسرائيلية.
ما هي اتفاقيات أبراهام؟
اتفاقيات أبراهام (Abraham Accords) هي اتفاقيات سلام وتطبيع أطلقتها الولايات المتحدة في أغسطس 2020، وتهدف إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، استنادًا إلى مبادئ السلام، والاعتراف المتبادل، والتعاون الاقتصادي والأمني.
وسميت الاتفاقية باسم "إبراهيم" كرمز يجمع بين الديانات الإبراهيمية الثلاث — الإسلام والمسيحية واليهودية — في محاولة لإضفاء بعد ديني وإنساني على المشروع السياسي.

الدول الموقعة على اتفاقيات أبراهام
حتى عام 2025، تشمل اتفاقيات أبراهام الدول التالية:
-
الإمارات العربية المتحدة – كانت أول دولة خليجية تُطبع علاقاتها رسميًا مع إسرائيل في أغسطس 2020.
-
مملكة البحرين – انضمت بعد شهر من توقيع الإمارات، في سبتمبر 2020.
-
المملكة المغربية – أعلنت التطبيع الكامل في ديسمبر 2020 مقابل اعتراف واشنطن بسيادتها على الصحراء الغربية.
-
جمهورية السودان – وافقت في أواخر 2020 على تطبيع العلاقات ضمن اتفاق شمل رفعها من قائمة الإرهاب الأمريكية.
وتهدف الإدارة الأمريكية الحالية إلى توسيع الاتفاق ليشمل دولاً محورية جديدة مثل السعودية، عمان، وقطر، إضافة إلى التحرك المفاجئ نحو دمشق كجزء من صفقة أمنية وسياسية شاملة مع الرئيس السوري أحمد الشرع.

نصوص الاتفاقية وأهدافها
تقوم اتفاقيات أبراهام على عدة بنود رئيسية، أبرزها:
-
تطبيع العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الدول الموقعة وإسرائيل.
-
تبادل السفراء وفتح السفارات والقنصليات.
-
تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي والأمني.
-
تشجيع الحوار الديني والثقافي بين الشعوب.
-
دعم جهود السلام الإقليمي وإنهاء النزاعات المسلحة.
-
تعاون دفاعي واستخباراتي تحت إشراف أمريكي لضمان "استقرار الشرق الأوسط".
وتؤكد الوثيقة أن هدفها النهائي هو خلق نظام إقليمي جديد قائم على الشراكة بدلاً من الصراع، وتحت قيادة أمريكية واضحة.
سوريا على أعتاب التحول التاريخيّ!!!
بحسب صحيفة "هآرتس"، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعمل على صفقة شاملة مع سوريا تتضمن تفاهمات أمنية مع إسرائيل وانضمام دمشق رسميًا إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، مقابل رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على النظام السوري وفتح الباب أمام الاستثمارات الدولية لإعادة إعمار البلاد.
وتشير المصادر إلى أن هذه الصفقة الأمنية والسياسية تأتي في إطار جهود أمريكية لـ دمج سوريا في منظومة إقليمية جديدة تضمن الاستقرار وتحد من النفوذ الإيراني في المنطقة.
المكاسب المتوقعة للطرفين
الولايات المتحدة:
-
تعزيز نفوذها الإقليمي بعد تراجع الحضور الروسي والإيراني في سوريا.
-
تقوية جبهة حلفائها العرب والإسرائيليين ضد النفوذ الصيني والروسي في الشرق الأوسط.
-
تحقيق إنجاز سياسي جديد لترامب قبيل الانتخابات الأمريكية.
سوريا:
-
رفع العقوبات الدولية التي أرهقت اقتصادها.
-
إعادة دمجها في المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة.
-
الحصول على دعم مالي واستثماري لإعادة الإعمار.
-
ضمانات أمنية أمريكية وإسرائيلية ضد أي اعتداء خارجي.
إسرائيل:
-
فتح جبهة جديدة من "السلام البارد" مع خصم سابق.
-
تعزيز أمن حدودها الشمالية.
-
توسيع نطاق التعاون الإقليمي في مجالات الطاقة والمياه والتكنولوجيا.
الطموح الأمريكي لتوسيع الاتفاقيات
منذ تولي ترامب الرئاسة مجددًا، تتحدث مصادر في البيت الأبيض عن رؤية استراتيجية جديدة لإحياء ما يسميه ترامب بـ"تحالف الشرق الأوسط الكبير"، الذي يضم إسرائيل ودول الخليج وشمال أفريقيا، مع إمكانية ضم لبنان وسوريا والعراق لاحقًا ضمن ترتيبات أمنية متبادلة.
ويهدف هذا المشروع إلى تحويل الشرق الأوسط إلى كتلة متحالفة تحت المظلة الأمريكية لمواجهة النفوذ الإيراني والروسي المتزايد، وتثبيت دور إسرائيل كشريك مركزي في أي منظومة إقليمية مستقبلية.
زيارة الشرع إلى واشنطن.. خطوة رمزية نحو التحول
زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة، وهي الأولى من نوعها منذ أكثر من أربعة عقود، تكتسب دلالات رمزية عميقة.
فهي تعكس انفتاحًا أمريكيًا غير مسبوق على دمشق، وتأتي بعد رفع العقوبات الأمريكية والبريطانية عنها بموجب تصويت مجلس الأمن الأخير، في خطوة تمهد لاندماج سوريا مجددًا في المشهد الدولي.
ومن المتوقع أن يلتقي الشرع بالرئيس ترامب في البيت الأبيض خلال الساعات المقبلة، لمناقشة بنود الانضمام إلى التحالف الدولي ضد داعش والتوقيع على مذكرة تفاهم أولية ضمن إطار اتفاقيات أبراهام.
نحو شرق أوسط جديد؟
تؤكد التحليلات السياسية أن واشنطن ترى في هذه الخطوة فرصة استراتيجية لإعادة هندسة التوازن الإقليمي من خلال توسيع دائرة التطبيع وترويض القوى الإقليمية المتصارعة.
لكن في المقابل، تحذر بعض الأطراف العربية من أن انضمام دمشق إلى الاتفاقيات قد يفتح بابًا لصراعات داخلية جديدة، خاصة في ظل الرفض الشعبي لأي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل.
تطبيع شامل يضم دول الممانعة وعلى رأسها سوريا.
يبدو أن اتفاقيات أبراهام تدخل مرحلة جديدة من التوسع، تقودها الإدارة الأمريكية بهدف تطبيع شامل يضم دول الممانعة السابقة وعلى رأسها سوريا.
وبينما تسوّق واشنطن هذه الخطوة باعتبارها “سلامًا جديدًا”، يرى معارضوها أنها إعادة رسم للخريطة السياسية في الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية أولاً.
اتفاقيات أبراهام ليست مجرد وثيقة سلام... بل مشروع سياسي عابر للحدود يعيد تشكيل هوية المنطقة للجيل القادم.

