الصباح اليوم
بوابة الصباح اليوم

أسرار السياسة

من الجهاد إلى الملاعب.. الرئيس السوري أحمد الشرع يوجه رسالة رمزية إلى أمريكا والعالم بلعب كرة السلة مع قائد قوات التحالف ضد داعش

الشرع يلعب كرة السلة
-

من الجهاد إلى الرياضة.. الشرع يختار “الملعب” ليبعث رسالته

نشر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مقطع فيديو على حسابه في منصة إنستجرام، ظهر فيه الرئيس السوري أحمد الشرع وهو يلعب كرة السلة داخل أحد الملاعب برفقة الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية، والعميد كيفين لامبرت، قائد قوات التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”.

المقطع الذي انتشر كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لم يكن مجرد لقطة رياضية عابرة، بل حمل في طياته رسالة سياسية عميقة إلى واشنطن والعالم مفادها أن سوريا الجديدة قادرة على الانتقال من ميدان الحرب إلى ميادين التفاهم والتعاون، حتى مع من كانوا خصوماً في الأمس القريب.

زيارة رسمية إلى واشنطن.. وإشارات دبلوماسية مبكرة

يأتي نشر الفيديو عشية زيارة الرئيس الشرع إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية تُعدّ الأولى له إلى واشنطن، والثانية إلى أمريكا منذ توليه السلطة في ديسمبر الماضي، بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر، حيث أصبح أول رئيس سوري منذ عام 1967 يُلقي كلمة أمام المنظمة الدولية.

وتشير التوقعات إلى أن الزيارة ستحمل طابعاً استراتيجياً، إذ من المنتظر أن يناقش الشرع مع الإدارة الأمريكية سبل التعاون في مكافحة الإرهاب، والالتحاق رسميًا بـ التحالف الدولي ضد داعش، وهو ما أكده المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توم باراك، الذي وصف الخطوة بأنها “تحول تاريخي في العلاقات بين البلدين”.

رفع العقوبات.. بداية لصفحة جديدة

الزيارة تأتي بعد أيام قليلة من رفع الولايات المتحدة وبريطانيا العقوبات المفروضة على الرئيس الشرع ووزير داخليته أنس خطاب، في أعقاب تصويت مجلس الأمن الدولي لصالح شطب اسميهما من قوائم العقوبات الأممية.

ووفق مراقبين، فإن هذا القرار يمهد لمرحلة انفتاح غربي على الحكومة السورية الانتقالية التي تشكلت عقب سقوط نظام بشار الأسد، وهو ما يُفسّر اختيار الشرع للرمزية الرياضية في هذا التوقيت، كوسيلة لإظهار أن “سوريا الجديدة لا تواجه العالم.. بل تتقاطع معه في الميدان والملعب”.

مشهد غير مسبوق: الرئيس السوري إلى جانب القادة الأمريكيين

المشهد داخل ملعب كرة السلة أثار دهشة المتابعين، حيث ظهر الشرع ووزير خارجيته الشيباني إلى جانب كوبر ولامبرت، وهم يرتدون الزي الرسمي ويتبادلون التسديدات نحو السلة بإتقان لافت.
وقد رصد الفيديو لحظات ود وتفاعل طبيعي بينهم، في إشارة رمزية إلى التحول في العلاقات العسكرية والسياسية بين دمشق وواشنطن.

وكتب أحد المعلقين على المقطع:

“لم تعد اللقاءات بين الجنرالات السوريين والأمريكيين تُعقد خلف الأبواب المغلقة، بل في ساحات الرياضة.. حيث الكرة تحلّ محل الرصاص.”

ردود فعل واسعة على وسائل التواصل

لاقى الفيديو تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره البعض رسالة سلام من الشرق الأوسط إلى الغرب، بينما رأى آخرون أنه استعراض دبلوماسي ذكي يعكس ثقة الشرع في موقعه الجديد على الساحة الدولية.

وفي المقابل، حذّر محللون من الإفراط في التفاؤل، معتبرين أن “المشهد الرياضي لا يُلغي التباينات الجوهرية في الملفات الأمنية بين البلدين، خصوصاً ما يتعلق بالوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا”.

واشنطن ترحّب وتؤكد التقدّم

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رحّب بالزيارة المرتقبة للرئيس الشرع إلى واشنطن، قائلاً في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الأمريكية:

“سألتقي بالشرع قريباً، وأعتقد أنه يقوم بعمل جيد جداً. إنها منطقة صعبة، لكنه رجل قوي، وقد حققنا تقدماً كبيراً مع سوريا.”

وأضاف ترامب:

“رفعنا العقوبات عن سوريا لمنحها فرصة حقيقية، وأعتقد أن الشرع يستحق هذه الفرصة.”

وبحسب مسؤولين في البيت الأبيض، فإن الاجتماع المرتقب سيُركّز على التعاون العسكري في مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات، إلى جانب الملف الإنساني وإعادة الإعمار.

Arab-Military's Video on X

من جبهات الحرب إلى ساحات الدبلوماسية

منذ توليه السلطة، حرص الرئيس أحمد الشرع على الظهور بمظهر القائد العملي القادر على توحيد الداخل وفتح الأبواب المغلقة خارجياً.
فمن حلب التي شهدت أولى زياراته الميدانية بعد توليه الحكم، إلى لقائه المتكرر بمبعوثين من الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، وصولاً إلى مشاهدته الآن في ملعب كرة السلة إلى جانب قادة التحالف الأمريكي — كلها إشارات إلى أن دمشق تسعى لإعادة تموضعها على خريطة السياسة الدولية بلغة جديدة: لغة الحوار لا الصراع.

قبيل زيارته إلى واشنطن.. الشرع يلعب كرة السلة مع قائد قوات التحالف الدولي ضد

رسالة رمزية مركّبة تحمل أبعاداً دبلوماسية عميقة

إن مشهد الرئيس السوري أحمد الشرع وهو يسدد كرة السلة برفقة كبار القادة العسكريين الأمريكيين لا يمكن اعتباره مجرد نشاط ترفيهي؛ بل هو رسالة رمزية مركّبة تحمل أبعاداً دبلوماسية عميقة.
فمن ميدان الجهاد ضد الإرهاب إلى ميدان التفاهم الدولي، تحاول سوريا الجديدة أن تُثبت للعالم أن القوة لا تُقاس بالسلاح فقط، بل أيضًا بالقدرة على بناء الجسور واللعب وفق قواعد جديدة.

من الجهاد إلى ملاعب الرياضة.. سوريا ترسل للعالم رسالة مفادها أن زمن المواجهة قد انتهى، وأن زمن الشراكة قد بدأ.