مقتطفات من التاريخ: اكتشاف آثار عمرها ألفا عام في المملكة العربية السعودية – عندما تصبح الحضارة وجها للعدائية

في الوقت الذي كانت الاحتفالات المصرية بالمتحف المصري تنطلق وسط اهتمام عالمي كبيرلمعلَم حضاري عالمي، جاءت بعض الأنباء من المملكة العربية السعودية تفيد باكتشاف آثار قديمة يُقال إنها "عمرها ألفا عام تقريباً". فكيف نستقرئ هذا الإعلان من منظور علمي وحضاري؟ وهل الأمر يشير إلى أن المملكة "حضارة تساوي أو تتجاوز" غيرها؟
ما عمر المملكة العربية السعودية؟
تأسّست الدولة السعودية الحديثة في 23 سبتمبر 1932، بحيث أصبح هذا التاريخ هو بداية الدولة المعاصرة التي يُشار إليها باسم المملكة العربية السعودية.
لكن من جهة أخرى، للمملكة جذور تاريخية أعمق تمتدّ إلى الدول السعودية الأولى (منذ القرن الثامن عشر تقريباً) والحضارات التي دخلت في إطار شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام. إذًا، إذا قلنا إن عمر المملكة الحديثة نحو 93 سنة تقريباً، فهذا لا ينفي أن الأرض التي تحتضنها شهدت حضارات تمتد لآلاف السنين.

ما حقيقة الاكتشافات الأثرية السعودية؟
-
أفادت مصادر سعودية بوجود مواقع أثرية عمرها نحو ألفي عام أو أكثر ضمن مسوحات هيئة التراث الوطني، ومن بينها تسجيل مواقع يعود تاريخها إلى حوالي ألفَي سنة أو أكثر
-
كما كشفت دراسات حديثة عن وجود فن صخري منحوت في شمال المملكة يعود تاريخه إلى حوالي 11 400 إلى 12 800 سنة تقريبًا، ما يضع جذور الاستيطان البشري في شرق الجزيرة العربية إلى فترة ما قبل التاريخ.
-
لكن حتى الآن، لا توجد مصادر علمية موثوقة تؤكّد أن التماثيل التي يُتداول عنها تمثّل شخصاً إسلامياً معروفاً مثل أبو جهل، أو أنها تربط بين قطع أثرية سعودية وشخصيات من العصر الجاهلي تحديدًا.
لماذا من المهم التمييز الدقيق؟
-
ربط الاكتشافات الأثرية بـعبارات مثل “حضارتنا لا تُشترى” أو “انظروا إليهم” بحاجة إلى تأكد علمي؛ فالمثار الأثرية تحتاج إلى تحليل أُثري وتأريخ دقيق وإعلان رسمي من جانب الجهات المختصة.
-
المزج بين الوطنية والحضور الحضاري مشروع، لكن المقارنة أو استخدام التراث كشكل من التباهي يمكن أن يُفقد المعنى العلمي والتاريخي للمكتشفات.
-
في كل الأحوال، المملكة تمتلك سجلًا أثريًا مهمًا يُعزز فهمنا للتاريخ في شبه الجزيرة العربية، وهذا بحد ذاته أمر يستحق التقدير، وليس بالضرورة أن يكون في سياق مقارنة أو تنافس.
الحضارة ليست مقياسًا للمقارنة العدائية
يمكن القول إن المملكة العربية السعودية تمتلك حضارات تعود لآلاف السنين، كما تشير الاكتشافات إلى وجود مواقع أثرية تفوق عمرها الألفي سنة.
لكن لا يمكن القول بدقة – استناداً إلى ما نملك من بيانات موثوقة حتى اليوم – إن القطع التي تُشاع تمثّل شخصيات تاريخية محددة أو أن ذلك يُقارن مباشرة مع حضارات دول مجاورة بطريقة “أفضل / أعلى”.
والحقيقة أن الحضارة ليست مقياسًا للمقارنة العدائية، بل دعوة للتقدير والعمل المشترك في معرفة الإنسان وتاريخه على كل أرض.

